الغد
عواصم - يرى محللون أن هناك أهدافا تستتر خلف الأهداف المعلنة لزيارة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي "ستيفن ويتكوف" وأبرزها دعم كيان الاحتلال الإسرائيلي.
الأهداف المعلنة قالت أن زيارته لغزة تأتي للاطلاع على الوضع الإنساني هناك، إلا أن الهدف الأبرز وهو إيجاد صيغة مناسبة لمواجهة الضغط العالمي الذي تتعرض له دولة الاحتلال الإسرائيلي".
ويؤكد محللان سياسيان أن "ويتكوف" جاء لمحاولة تلميع صورة "إسرائيل" المشوهة عالميًا بسبب الإبادة والتجويع الذي تمارسه بحق مليوني نسمة بالقطاع، وأيضًا لهدفين آخرين متعلقين بالمفاوضات والوضع الداخلي الإسرائيلي.
ووصل المبعوث الأميركي "ويتكوف" للكيان الإسرائيلي الليلة قبل الماضية، وزار مركز ما تسمى المساعدات الأميركية الإسرائيلية جنوبي قطاع غزة، والتقط صورًا فيها، وغادر قبل أن يتم استئناف استهداف منتظري المساعدات من جيش الاحتلال.
وقبيل وصول "ويتكوف" صباح أمس للمؤسسة الأميركية، تم تنظيم المكان، وتسوية المنطقة الرملية، التي سالت فيها دماء المئات من طالبي المساعدات، وإبعاد الدبابات والقناصة، وتقليص عشرات الآلاف من طالبي المساعدات، لعددٍ قليل من أسر عناصر ياسر أبو شباب، ضمن "مسرحية هزلية أمام العالم"، لتلميع المكان.
مواجهة المزاج العالمي
ويقول المختص بالشأن السياسي والإسرائيلي عماد عوّاد "إن الهدف الأول لزيارة ويتكوف، هو صياغة إستراتيجية مع إسرائيل للوقوف بوجه تشوه صورتها أمام العالم، خاصة بظل الحراك العالمي الحالي والاعترافات بالدولة الفلسطينية من عدة دول، وهو ما أعاد القضية الفلسطينية لزخمها".
وقال "لكن المقلق لإسرائيل وويتكوف، هو أن هناك مزاجا عالميا يتغير، وبالتالي هم بحاجة لإيجاد صيغة ما لمواجهتها".
ومن أجل مواجهة هذا المزاج السلبي، يرى عواد أن الجانبين يسيران بعدة اتجاهات، الأول إيجاد آلية لإدخال المساعدات بحدودها الدنيا، تؤدي إلى إيقاف الزخم العالمي ضد "إسرائيل" في هذه القضية، خاصة أنها ترتفع بشكل متسارع.
ملف المفاوضات والضغط الداخلي
والأمر الثاني من وجهة نظره، هو محاولة تحريك ملف المفاوضات، معللا ذلك بـ"أن دولة الاحتلال كانت تعتقد أنه سيكون هناك موافقة من حماس على كل الشروط، ولن يكون هناك اعتراض، وحينما اعترضت حماس فاجأها ذلك".
وبحسب عواد، فإن الجانب الثالث لزيارة "ويتكوف"، هو أن هناك صراعا داخليا في الكيان المحتل حول استمرار الحرب، خاصة أن الجيش هناك يسحب بعض ألوية جنوده من غزة، وهناك خلاف عميق بين اليمين المتطرف والجيش فيما يتعلق بهذه القضية.
ويعتقد أن ويتكوف "جاء أيضاً لتحريك ملف المفاوضات، لكن من خلال محاولة الحفاظ على الجزء الأهم من شروط الاحتلال الإسرائيلي. ويضيف "باعتقادي هذا الموضوع ليس سهلاً، خاصة أنه من الواضح أن دولة الاحتلال والولايات المتحدة، تدركان تماماً أن هناك شروطًا لا يمكن أن تتنازل عنها حماس، خاصة في ظل النية الإسرائيلية الأميركية المبيتة، أنهما ذاهبتان ما بعد الهدنة لتطبيق مشروع التهجير من غزة".
وبالمحصلة فإن "ويتكوف جاء لأجل العديد من الملفات، منها المفاوضات، وإيجاد صيغة لتخفيف الضغط الدولي على دولة الاحتلال، ومنها محاولة فكفكة الملف الداخلي للكيان، لأن من يتابع ما يجري بالوضع الداخلي في دولة الاحتلال يدرك تماماً أن ما يحدث ليس سهلًا أبدًا"، يقول عواد.
وعقب مغادرة "ويتكوف" لمركز ما تسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" لتوزيع المساعدات، فتح جيش الاحتلال النار على طالبيها بذات المركز، ما أدى لاستشهاد خمسة منهم على الأقل، وإصابة العشرات.
عزلة دولية
من جانبه، يرى المحلل السياسي طلال عوكل أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لم يكن يرغب بزيارة ويتكوف، لأن المبعوث الأميركي يريد دفع المفاوضات.
ويقول "إن ويتكوف يزور تل أبيب أيضًا للضغط من أجل دفع المفاوضات، ويستهدف أيضاً تحسين آليات إرسال وتوزيع المساعدات في القطاع، بعد أن انفضحت سردية التواطؤ على المجاعة وقتل طالبي المساعدات".
ويشير إلى تصريحات الرئيس الأميركي "دونالد ترامب"، تجاه الوضع الإنساني في القطاع، والتي خرج بها بالتزامن مع زيارة "ويتكوف". ويقول إن: "الولايات المتحدة تريد حسم هذه المهزلة، بسبب أنها لم تعد تتحمل ممارسات نتنياهو وحكومته، والتي تدفع البلدين نحو عزله دولية متزايدة".
وعيّن "ترامب" ستيفن ويتكوف (67 عاما)، مبعوثاً خاصًا له في الشرق الأوسط في أيار (مايو) عام 2024 المنصرم، وهو يهودي شكل تعيينه مفاجأة للعالم، لعدم وجود أي خبرات سياسية له، ويعمل مطور عقاري وله علاقات عمل وصداقة مع الرئيس ترامب، وهو صاحب مقترح وقف إطلاق النار بغزة الذي تدور حوله المفاوضات، دون الوصول لاتفاق حتى اليوم.-(وكالات)