من طوباس إلى سبسطية ... لماذا؟*سلطان الحطاب
الراي
يقتحم الاحتلال الاسرائيلي طوباس بشكل متصل في أكثر من هجوم قاس طوال الفترة الماضية، ويحاول أن يوسع استيطانه بالبناء فيها ومصادرة الأراضي التي تقابل الحدود مع الأردن، وطوباس محافظة مركزها المدينة طوباس وباستيطانها يكون الاحتلال قد قسم الضفة الغربية بشكل افقي شمالها عن جنوبها ليمتد من طوباس الى سبسطية في منطقة نابلس.
طوباس التي لها تاريخ وهي تطل على الغور وتحاول اسرائيل احتلال منطقة الغور كلها كما جاء في صفقة القرن التي استهدفت احتلال الغور الفلسطيني من شمال البحر الميت جنوباً الى آخر نقطة في الشمال وجعل هذه المساحة الكبيرة من الضفة الغربية حاجزاً للاحتلال يعزل فلسطين عن جوارها ويجعل الضفة الغربية جزيرة محاصرة من كل الاتجاهات.
طوباس واسمها القديم الكنعاني، النجم المضيء وبقي اسمها كذلك في العهد الاسلامي، حيث وصل عمرو بن العاص (طوباس) وهي تربط شمال الضفة بالأردن، وقد اقتحمها الاحتلال الاسرائيلي وكذلك بلدة عقابا، وهي أي، طوباس، المحافظة في مساحة 295 كم 2 وعدد سكانها يصل الى 26 ألف نسمة، وتقع جنوب شرق نابلس، وقد تشكلت فيها مقاومة لدفع الاحتلال الذي واصل انتهاكها لترد عليه، بأحرار طوباس.
أما المدينة الأخرى المهمة التي عاود الاحتلال دخولها واقتحامها هذه الايام، فهي عاصمة الرومان في فلسطين، وقد كان اسمها الموقر وغير هيردوس الكبير أسمها، الى (ستة بسته) ومعناها اغسطس باللاتينية أي السيد، وصلها عمرو بن العاص وأصبح معظم أهلها مسلمين وكان فيها مسيحيون وسامريون، وهي ترجع الى العصر البرونزي وأول من سكنها الكنعانيون العرب ثم احتلها الآشوريون، وكذلك الاسكندر الأكبر وأصبحت مدينة يونانية، وقد دمرت عام 107 لقيام ثورة فيها ضد الأغريق، وأعيد بناؤها وسميت سبسطية، وظلت في كافة العصور عربية الى أن جاء الاحتلال الاسرائيلي عام 1967، وتحكم فيها ومنع التصرف من اهلها في آثارها الشهيرة، وهي أشهر مدينة آثرية في فلسطين، فيها مقبرة الملوك الرومان وزارها الرحالة شمس الدين الدمشقي وكتب عنها، وبلغ عدد سكانها في عام 1931، 17 ألف نسمة، لم يكن منهم الاّ 6، من اليهود فقط و 167 من السامريين ومنها آل مسلماني الذين تحولوا من السامرية الى الاسلام.
وقامت اسرائيل الآن بمصادرة 1800 دونم من أراضيها وهي أكبر مصادرة منذ عام 1967، ليقيموا فيها حدائق ومتنزه يهدد موقعها الآثري، وقد اقتحم قادة اسرائيليون سبسطية وآثارها عام 1971 ومنهم مناحيم بيغن وشارون ويهود اولمرت، وجرت أكبر مصاردة آثرية فيها منذ عام 1967، ويريد الاسرائيليون اقامة مستوطنة مثل غوش صهيون وكريات اربع، وربطها بالأغوار (طوباس) الى نهر الأردن في حزام يقطع الضفة الغربية الى نصفين.
وقد أنضمت سبسطية الى اليونسكو منذ 13 عاماً، لكن ذلك لم يحمها ، إذ اعتبرها الاسرائيليون منطقة (ج) التي يحق لهم التصرف فيها، وأنها على زعمهم عاصمة (السامرة) المملكة التاريخية التي يزعمون.
الرواية الفلسطينية انها مدينة عربية كانت وما زالت تحت الاحتلال وانه لا بد من الدفاع عن هذه الرواية وصيانة آثار سبسطية المهمة والدفاع عنها في كل المحافل ومنع استمرار العدوان الاسرائيلي الذي يستهدف التهويد والاسرلة لسبسطية الهامة.
التحدي على أشده والعالم منصرف عما يجري في فلسطين وخاصة الآن في الضفة الغربية، وما زالت أعراض حرب الابادة في غزة التي لا يقدم لها سوى الكلام والتصريحات، ولكن المخطط الاسرائيلي يمضي، وها هي طوباس تحت السكين وسبسطية يزيف تاريخها، وهذا ما يدفعني للربط بين الموقفين لخطورة ذلك والتنبه له.