عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Dec-2025

"نافذة ثقافية".. كتاب يعيد الاعتبار للكلمة المسؤولة

 الغد-عزيزة علي

 بدعم من وزارة الثقافة، صدر عن دار عالم الكتب الحديث كتاب بعنوان "نافذة ثقافية" للإعلامي محمد محسن عبيدات، وهو مجموعة من المقالات التي كان المؤلف قد كتبها ونشرها سابقا.
 
 
يمسك عبيدات بنافذته الفكرية ليطل على المجتمع وهمومه، وعلى الوطن وتحدياته، فتأتي نصوصه محملة بوعي المسؤولية وحرارة الانتماء، ومشحونة برغبة صادقة في البناء والإصلاح.
يتحدث الكتاب عن ملفات حساسة ويضيء على ظواهر مؤثرة، فإنه يوازن ذلك بإبراز الوجه المشرق للأردن وإنجازاته، جامعا بين النقد المسؤول والاحتفاء بالمنجز الوطني، ليقدم نصا يلامس القارئ ويحرضه على التفكير والعمل.
وفي كلمة الغلاف، يقول المؤلف إن كتاب "نافذة ثقافية" هو رحلة فكرية يستنير فيها الكاتب بأبواب الضوء ليزيح عتمة الجهل، ويحول الثقافة من مجرد كلمات على الورق إلى فعل حي نابض بالعطاء.
وبين دفتي الكتاب تتناثر قراءات عميقة وتحليلات دقيقة لكل ما يحيط بنا من أحداث وقضايا وظواهر وسلوكيات، ليقدم رؤية واضحة ووعيا مجتمعيا راسخا.
الكتاب مرآة صادقة للمجتمع الأردني، لعاداته وتقاليده ومناسباته ومشاريعه التنموية، وفي قلبه مدينة إربد التي تحمل إرثا ثقافيا عريقا، استلهم الكاتب من روح النهضة والإبداع فيها، وبخاصة من إرث الشاعر عرار.
كما أفرد عبيدات مساحة واسعة للحديث عن الإعلام، محللا دوره في صياغة الفكر والوعي عبر الأزمنة، جامعا بين رصانة الصحافة وجمال الأدب. إنها نوافذ متعددة تتحد جميعها في غاية واحدة: حماية الهوية، وتعزيز الانتماء، وإشعال شرارة الإصلاح والبناء.
ويبين أن كتاب "نافذة ثقافية" هو شهادة وعي ومسؤولية، ونص أدبي صحفي يلتقط نبض الوطن بصدق وشفافية، ليكون دعوة مفتوحة للتأمل والحوار والعمل.
كما خص الإعلام بمكانة بارزة، محللا دوره في صياغة الفكر والوعي عبر الأزمنة، جامعا بين رصانة الصحافة وجمال الأدب.
في مقدمة الكتاب، يقول عبيدات إن المتأمل في المشهد الأردني، كما في كثير من دول العالم، يدرك حجم التحديات الجسام والأزمات المتلاحقة التي تواجه المجتمعات في مختلف مجالات الحياة. بعضها مر بسلام وتجاوزناه بوحدتنا وصلابتنا، فيما يبقى بعضها الآخر جرحا مفتوحا ونقطة سوداء تلوح في ذاكرة الزمان والمكان، يدفع الوطن ثمنها في كل مرة، وتظل آثارها عالقة في الضمير الجمعي للأمة.
ويرى المؤلف أنه مع ازدياد هذه الأزمات تعقيدا، وتنامي التحديات على الصعيدين المحلي والخارجي، يجد المواطن نفسه في قلب دوامة من الأحداث المتشابكة والمعلومات المتضاربة، يصعب عليه إدراك أبعادها أو التفاعل معها بوعي ونقد.
وينوه عبيدات إلى تعدد مصادر المعلومة وتضارب الآراء، وتداخل خطاب التضليل والتشويش الذي تغذيه أجندات داخلية وخارجية تهدف إلى زعزعة الاستقرار، وتشويه الحقائق، واستهداف الوطن والمواطن بمشاريع مشبوهة وخطط مبيتة.
ويشير المؤلف إلى دور النخب المثقفة، من أصحاب الفكر الحر والعقل النيّر، إلى جانب الإعلاميين والصحفيين من أصحاب الكلمة الصادقة والقلم الحر، في مواجهة هذا المد الجارف من المعلومات المسمومة، والتصدي له بشجاعة ووعي، والعمل على كشف الحقائق وتوجيه الرأي العام نحو الفهم السليم للأحداث، عبر خطاب هادف وناقد وبناء، يعيد الأمور إلى نصابها، ويضع البدائل والخطط لحماية المصالح الوطنية العليا وضمان ديمومتها واستقرارها.
ويقول عبيدات إن التفاعل مع القضايا الكبرى والأحداث المفصلية التي تمس الوطن والمواطن ليس خيارا ترفيا، بل هو واجب وطني وديني وأخلاقي يجب أن ينهض به المثقفون والإعلاميون بكل مسؤولية. فهم العين الساهرة، والضمير الحي، وصوت الحقيقة في زمن كثرت فيه الضوضاء وغابت فيه البوصلة.
وفي هذا السياق، يشير المؤلف إلى "أن كتاب "نافذة ثقافية"، يأتي ليكون جسرا بين الفكر والمجتمع، ونقطة ضوء وسط العتمة. حاولتُ من خلاله أن أقدم قراءات موضوعية ومعمقة للعديد من القضايا الوطنية التي شغلت الرأي العام في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، فكان التناول صريحا وأمينا، لا يجمّل ولا ينحاز إلا للحق، ولا يهدف إلا إلى بناء الوطن وتعزيز قيمه".
ويوضح عبيدات أن الكتاب يسلط الضوء على قضايا ملحة، مثل الفساد وآثاره، وأهمية العمل العام والتطوعي، ومخاطر السلوكيات السلبية والآفات الاجتماعية، إضافة إلى قضايا التضليل الإعلامي وغيرها من الملفات الحساسة.
يبين المؤلف أن في الوقت نفسه، حرص على إبراز الوجه المشرق للأردن؛ فكان للإنجازات الوطنية وقصص النجاح والمبادرات الإيجابية والسياحة الوطنية حضور لافت في ثنايا الكتاب، إلى جانب ترسيخ القيم الأخلاقية والدينية، وتعزيز روح المواطنة والانتماء، والدعوة إلى الحفاظ على وحدة الوطن وأمنه واستقراره.
ويقول عبيدات "نحن اليوم بأمس الحاجة إلى أن نؤمن بأن حماية الوطن مسؤولية جماعية لا فردية، وأن الثقافة ليست ترفا فكريا، بل ممارسة يومية وسلوك حياة، تتجلى في الكلمة الصادقة، والموقف النبيل، والسعي الجاد نحو الإصلاح مهما كان بسيطا. فالتغيير قد يبدأ من منشور توعوي، أو جلسة حوارية، أو كلمة طيبة صادقة تلامس القلوب والعقول، وتفتح آفاقا جديدة في التفكير والتفاعل".
وخلص المؤلف إلى أن كل واحد منا قادر على أن يكون صوتا للحقيقة، ورمزا للوعي، وشريكا في البناء؛ فكما قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". فلنكن جميعا جنودا للكلمة، حراسا للحق، نبني ولا نهدم، نرشد ولا نضل، ننهض بوطننا بإرادتنا الواعية، ونحميه بأقلامنا ووعينا ومواقفنا، حتى نصل به، ومعه، إلى بر الأمان.