الراي
تحية الى الكتاب والمفكرين والفنانين الذين عادوا الصهيونية ووقفوا في وجهها وأدانوها وحملوها مسؤولية الابادة الجماعية والتطهير العرقي في فلسطين، وكشفوا عن مخططاتها وجرائمها، وحذروا من استمرار سلوكها ونفوذها عبر العالم واعتبارها خطراً وطاعونا يسري ولا بد من وقفه.
كانت الصهيونية في العرف العالمي كذلك، وكانت الأمم المتحدة قبل عام 1975، تعتبر الصهيونية عنصرية، ولكن الإدارات المستعمرة والصهيونية في الغرب عملت من اجل شطب هذه الصفة عن الصهيونية بعد حرب اكتوبر عام 1973، وقد نجحت اللوبيات ومن وراءها في ذلك ، وجرى شطب هذه الصفة عن الصهيونية ولا بد من اعادة الصاقها بها الآن.
وبالمقابل العار والخزي لكل اولئك الذين ناصروا الصهيونية ودافعوا عن سرديتها وروايتها للأحداث وعن افعالها، سواء كان ذلك مباشر أو غير مباشر، وهؤلاء يلحق بهم العار ويفقدون القيم الانسانية والأخلاقية، سواء كانوا يهوداً أو غيرهم، من أديان أخرى أو قوميات أو اثنيات أو أقليات، فإن العار سيلاحقهم لقتل الأطفال الأبرياء في غزة.
الصراع ليس بين دين ودين الآن، كما ترغب اسرائيل وليس بين يهود وعرب ، وإنما هو صراع بين الحق والباطل وبين العدوان وصد العدوان، وسيتنصر الحق، فقوس قزح يمتد ليميل في النهاية نحو الحق، كما كان يقول زعيم تحرير السود في أمريكا مارتن لوثر كينج.
التحية للاستاذ والمفكر اليهودي المؤرخ ايلان بابيه على مواقفه المستمرة في معاداة الصهيونية وفضحها وعلى كتابه الجديد الصادر قبل أشهر قليلة وبعد السابع من اكتوبر وعنوانه (موجز تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني) وكان ردا على المذابح وحرب الابادة على غزة، فهذا المؤرخ النزيه الذي يعتبر واحداً من المؤرخين الاسرائيليين الجدد الذين ادانوا افعال الصهيونية واسرائيل عن مجازرها في فلسطين منذ عام 1948، وكشفوا عن كثير من المجازر التي لم يكن مكشوفاً عنها مثل مجزرة الدوايمة ومجزرة الطنطورة وغيرها
، وغير ايلان هناك ايضاً المؤرخ آفي شلايم وبني موريس في كتابه (مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، 1947، 1949) والتحية للمفكر والفليسوف نعوم تشومسكي الذي فضح الصهيونية واعتبرها خطرا على العالم ووصفها بأنها أعلى درجات العنصرية والاستعمار
والى مؤلف كتاب اختراع الشعب اليهودي المؤرخ المبعد من اسرائيل، شلوموساند وكتاب روجيه جارودي اليهودي الفيلسوف الفرنسي المتزوج فلسطينية صاحب كتاب الاساطير المؤسسية للسياسة الاسرائيلية، والى الفيلسوف العالمي انشتاين الذي اعتبر اقامة اسرائيل جريمة، وكان يجب أن لا تقوم
والى الصحفي والكاتب جدعون ليفي الذي وقف ضد صفقة القرن وقال انها خاطئة ووقف ضد ضم القدس لاسرائيل واعتبر ذلك جريمة لا تغتفر وتحريض مباشر صد أي سلام في المنطقة.
نعم يستحق هؤلاء وغيرهم كثيرون، أحصيت منهم أكثر من عشرين غالبيتهم يهود غضبت عليهم اسرائيل، وحرضت ضدهم، ولكنهم استمروا في اداء رسالتهم، ومنهم المؤرخ الشهير آفي شلايم الذي كتب كتابه عن الملك حسين، كما قدم مقدمة رائعة لكتاب ايلان بابيه.
أما ايلان الذي قرأت كتابه الأخير، وقد اشتريته من معرض عمان للكتاب فإن قيمة هذا الكتاب، أنه واكب الأحداث الأخيرة ورصد جريمة حرب الابادة والتطهير العرقي، وهو يتناول ما جرى في السابع من اكتوبر عام 2023، في سياقه التاريخي والأخلاقي مؤكداً انه لم يحدث من فراغ، بل جاء كرد فعل على قرن من الاستعمار الاستيطاني، وكان الهدف منه كما ظهر تماماً إزالة السكان الأصليين بالابادة والطرد، ويقول بابيه أن هذه الفكرة أكدها وأدركها واستنتجها المفكر وعالم اللغات الأمريكي نعوم تشومسكي، الذي شارك بابيه في تأليف كتاب عن غزة عندما وصف الاستعمار بأنه أكثر أشكال الأمبريالية تطرفا ووحشية، ولذا فإن الهجوم الوحشي على غزة والمستمر لا يعد حدثا معزولا، بل هو امتداد واستمرارية لسياسة التطهير العرقي الممنهجة وقد تجاوزت اسرائيل في ذلك، كما يرى بابيه الى جريمة الابادة الجماعية لتؤكد أن ما بدأ اعوج عام 1948 سيظل أعوجا كذنب الكلب مهما وضعته في قالب فلن يعتدل