عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Jul-2025

لغز الدولة الفلسطينية!*احمد ذيبان

 الراي 

عاصفة واسعة من ردود الفعل المتباينة، أثارها اعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نية بلاده الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر المقبل، وفيما جاءت ردود الفعل العربية مرحبة، جاء رد الفعل الاميركي وهو الأهم بالنسبة لفرنسا منددا بشدة، حيث علق وزير الخارجية الاميركي ماركو روبيو على اعلان ماكرون، عبر منصة إكس بقوله "هذا القرار المتهور لا يخدم سوى دعاية حماس، ويُعيق السلام، وصفعة على وجه ضحايا 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 " فالى أي مدى ستصمد فرنسا امام الضغوط الاميركية بهذا الصدد؟
 
وكان أمرا طبيعيا أن تكون ردود الفعل الاسرائيلية، سواء من طرف الائتلاف الحاكم أو المعارضة، موحدة في معارضتها الشديدة للقرار، وسط تحذيرات من تداعياته على العلاقات الثنائية بين تل أبيب وباريس، معتبرة إياها "مكافأة للإرهاب" و"سقوطا أخلاقيا"، وخطرا وجوديا بالنسبة للكيان الصهيوني، ووصف رئيس الوزراء نتنياهو - الخطوة بأنها "تكافئ الإرهاب وتهدد بخلق وكيل إيراني جديد، كما حدث في غزة"!.
 
وربما كانت مصادفة أن اعلان ماكرون سبق بيوم واحد، مصادّقة الكنيست الإسرائيلي مساء الاربعاء 23 يوليو/تموز، على مقترح يدعو الحكومة إلى فرض سيادتها على الضفة الغربية وغور الأردن. وحاز المقترح علىموافقة 71 من أعضاء الكنيست مقابل معارضة 13 عضوا فقط.
 
ويستند القرار إلى ما وصفه بـ "الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني للشعب اليهودي على أرض إسرائيل"، معتبرا الضفة الغربية وغور الأردن جزءا لا يتجزأ من الدولة الإسرائيلية!.
 
وهذا القرار يتفق تماما مع ما عرضه نتنياهو عام 2019، وقبل وقت قصير من الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، عن خطة حكومته لضم غور الأردن إلى السيادة الإسرائيلية، كما أكد على تعهده السابق بضم جميع المستوطنات الإسرائيلية، في جميع أنحاء الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية، والواقع أن خريطة نتنياهو ليست سوى نسخة معدلة قليلاً من خريطة خطة آلون، نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق التي طرحها بعد حرب حزيران عام 1967.
 
ودعت خطة آلون لتقسيم الضفة الغربية بين إسرائيل والأردن، وإقامة دولة درزية في هضبة الجولان السورية المحتلة، وإعادة غالبية شبه جزيرة سيناء إلى السيطرة المصرية. وضم معظم غور الأردن من النهر إلى المنحدرات الشرقية لحافة تلال الضفة الغربية، والقدس الشرقية، وكتلة عتصيون إلى إسرائيل. والأجزاء المتبقية من الضفة الغربية، التي يقطن فيها غالبية السكان الفلسطينيين، كانت ستصبح أراضي تحت الحكم الذاتي الفلسطيني، أو ستعود إلى الأردن، بما في ذلك ممر إلى الأردن من خلال أريحا. وهو ما رفضه الملك الراحل الحسين.
 
وحدد المشروع منطقة غور الأردن من نهر الأردن، وحتى المنحدرات الشرقية لجبال نابلس وجنين لتبقى تحت السيادة الإسرائيلية، وهكذا أيضاً بالنسبة لمنطقة القدس وضواحيها ومنطقة الخليل. أما بقية أراضي الضفة الغربية فتعاد إلى السلطة الأردنية مع فصل تام بينها، وإقامة معبر بين هذه الأراضي وبين الأردن بواسطة لسان في ضواحي مدينة أريحا. أما الأجزاء الأخرى من مشروع ألون، فتطرقت إلى ضم قطاع غزة بأكمله إلى إسرائيل وتوطين اللاجئين خارج القطاع.
 
ولأن الدول العربية والاسلامية عاجزة عن القيام بخطوات عملية، لاحباط المخططات الاسرائيلية المدعومة أميركيا، فقد أصدرت عشر دول عربية وإسلامية، بالاضافة الى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي يوم الخميس، بياناً مشتركاً تدين فيه الإعلان الإسرائيلي بفرض السيادة على الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية.
 
صحيح أن أكثر من 140 دولة اعترفت رسميا بالدولة الفلسطينية، لكن هذا الاعتراف يحمل طابعا رمزيا ليس له وجود على الأرض، وفي العام الماضي اعترفت أيرلندا والنرويج وإسبانيا بدولة فلسطينية في سابقة أوروبية لافتة، وقد تلتحق بها دول اوروبية أخرى،ومع ذلك أقرت هذه الدول بأن هذه الحدود، قد تتغير في أي محادثات نهائية للتوصل إلى تسوية، وبأن قراراتها لم تُضعف إيمانها بحق إسرائيل الأساسي في الوجود بسلام وأمن!.
 
وهنا المشكلة حيث أن كافة الاحزاب والنخب السياسية الاسرائيلية، سواء كانت في الحكم أو المعارضة ترفض اقامة دولة فلسطينية مستقلة، فضلا عن جميع الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية تنحاز الى الموقف الاسرائيلي، وهو أن الدولة الفلسطينية الموعودة يجب أن تكون منزوعة السلاح والسيادة!.