عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Jun-2025

العمل الحزبي بين الماضي والحاضر!*احمد ذيبان

 الراي 

في مجالس العزاء تتعدد المواضيع التي يتحدث بها المعزين، على شكل مجموعات صغيرة أو بشكل ثنائي، وتتناول تلك النقاشات غالبا الأمور الاجتماعية، بصيغة الاطمئنان على الأهل والأقارب، ولا يخلو الأمر من النميمة على بعض آخر، وفي المرحلة الراهنة لا يخلو أي بيت عزاء من الاشارة الى كارثة قطاع غزة، وما يتعرض له من حرب ابادة يشنها جيش الاحتلال، منذ أكثر من 600 يوم وعملية تجويع ممنهجة!
 
وخلال مجلس عزاء لأحد أقاربي المرحوم «عمر ابراهيم الربيع »، يوم الجمعة الماضي أقيم في ديوان عشيرة الربيع، كان بجانبي الصديق الدكتور مصطفى الشنيكات النائب والوزير السابق، وبحكم اهتماماتنا المشتركة بالشأن السياسي، كان لا بد من التطرق للشؤون العامة وخاصة العمل الحزبي، فالدكتور مصطفى توجهه ماركسي الذي يمثلهالحزب الشيوعي الأردني، وأنا خلفيتي السياسي قومية ويمثلها حزب البعث العربي الاشتراكي،وبناء عليه ثمة اختلافات في الرؤى بيننا.
 
وخلال النقاش اتفقنا على حقيقة أن العمل الحزبي خلال فترة الأحكام العرفية، كان أكثرمتعة وأكبر تأثيرا وقيمة، رغم كل الصعوبات التي كان يواجهها الحزبيون في تلك المرحلة،مثل المنع من العمل في القطاع العام وربما في الشركات الكبرى أيضا، أو حجز سفارات السفر والمنع من السفر، والبعض كان يتعرض للاعتقال والسجن، وفي تلك الحقبة كانت القناعات المبدأية والايديولوجية عند الحزبيين جدية، يمارسها أعضاء الأحزاب بهدف تحقيق أهداف قد يكون بعضها حالما، لكن المبادئ التي كان يلتزم بها الحزبيون في تلك المرحلة، وفقا للقناعات المبدأية هو?ألاستعداد للتضحية ودفع ثمن القناعات الايديولوجية.
 
هذان الاتجاهان بالاضافة الى تيار الاسلام السياسي، كانت تشكل التيارات السياسية الأساسية في الحياة السياسية الأردنية في تلك المرحلة، الفصائل الفلسطينية التي كانت جزءا من منظمة التحرير الفلسطينية.
 
والسؤال الجوهري الذي لا يحتاج الى «محللين استراتيجيين» لتفسيره، هو لماذا تراجعت قيمة العمل الحزبي الى درجة كبيرة في مرحلة ما بعد الأحكام العرفية والسماح بحرية العمل الحزبي؟رغم وجود نحو 50 حزبا مرخصا.
 
الجواب يكمن في توجهات مؤسسي والقائمين على ادارة تلك الأحزاب الجديدة، وعدد كبير منهم مسؤولين سابقين في الدولة كانوا ضد العمل الحزبي خلال توليهم مناصبهم، وبعضهم يطمحون لاستثمار العمل الحزبي، لتولي مناصب في الدولة أو الوصول الى البرلمان، وبشكل أدق «انتهازيين»، وذلك لا ينفي وجود حزبيين جادين يسعون لخوض تجربة جديدة في الحياة السياسية،أما الحقيقة الثابتة فهي أنه لا يوجد قناعات ايديولوجية أو مبدأية، لدى غالبية المنتسبين للأحزاب الجديدة التي تم تفريخها بشكل غزير ومفاجئ!
 
يأخذ البعض على الأحزاب العقائدية في مرحلة العمل السري، أنها كانت تتلقى توجيهاتها من الخارج والالتزام بسياسات الدول الراعية لتلك الأحزاب، فعلى الصعيد الأحزاب الشيوعية العربية، كانت تلتزم وتدافع عن سياسات الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية قبل أن تنهار تلك المنظومة، أما على صعيد فروع حزب البعث العربي الاشتراكي،فيقال أنها كانت تلتزم وتدافع عن مواقف وسياسات العراق أو سوريا، لكن المفارقة أنه رغم انهيار وتفكك الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية التي تتبع له، لا يزال الشيوعيين متمسكين بقناعاتهم ومواقفهم، ورغم ما?نتج عن الغزو الاميركي للعراق عام 2003، لا يزال البعثيين متمسكين بمواقفهم وقناعاتهم الايديولوجية!
 
وربما يخطر في ذهن البعض سؤال،وهو لماذا تنجح الأحزاب السياسية العلنية التي تنشط وفق القانون في الدول الديمقراطية، وتتنافس في انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة، والحزب الذي يخسر الانتخابات يعترف بهزيمته، والحزب أو الاحزاب التي تفوز تحكم أو تشكل ائتلافا حكوميا، وتقضي فترة حكمها للبلاد وهكذا تستمر عملية تداول السلطة؟، والجواب ببساطة هو أن الثقافة الديمقراطية في بلادنا لم تنضج بعد، ولا تزال الانتهازية تسيطر على سلوك نسبة كبيرة من السياسيين.