حسن عامر كتب الي الدكتور حسام بدراوي : مقالتك جزء من حملة الإيقاع بالسيسي وتسليم الوطن للأعداء
البشاير-
حسن عامر -
رئيس التحرير -
في عام ١٩٦٢ ومابعده بعامين ، إجتمعت الأحزاب الشيوعية والاشتراكية في مصر ، كل علي حده ، لمناقشة الموقف من جمال عبد الناصر ..
كان الموقف دراميا بكل مكونات الدراما من إثارة وتشويق واغتسال للروح والبدن كما يقولون في لغة المسرح .
جمال عبد الناصر ليس مجرد رئيس دولة ، بل زعيم تاريخي ، حقق أحلام الشيوعيين والاشتراكيين في مجال العدل الاجتماعي . كل أجندة العدل الاجتماعي تحققت ، بينما ينتظر الشعب المزيد .
علي مستوي الثقافة : لم تشهد مصر نهضة ثقافية أكثر إنتشارا الي مستويات مختلفة من الشعب . السينما علي حدود القري . المسرح في كل مدينة ومركز . الصحف براقة وغنية بالأفكار والإلهام . الدولة تبحث عن المواهب .
المستوي الاقتصادي : كنا في منتصف تطبيق الخطة الخمسية الأولي ، التي حققت معدل نمو يصل الي ٧٪ .
المستوي الاجتماعي يتطور بسرعة ، لم يعد هناك جوع أو عوز . هناك فقر بمعدلات العصر ، لكن كل شيئ يتوفر ويفيض في الأسواق رغم إنشغال الحكومة فيما بعد بحرب اليمن .
كان السؤال المطروح علي كل حزب وجماعة : هل كان لدينا أجندة أعمال تختلف أو تتفوق علي أجندة جمال عبد الناصر . إذا كانت الاجابه بالنفي تطرح السؤال التالي : لماذا تعمل أحزابنا سرا وكأنها ضد دولة عبد الناصر ..
إنتهت الاجتماعات الي قرارات صدرت بالتتابع . حل الأحزاب الشيوعية والإشتراكية ، والاندماج في العمل السياسي المطروح علي الساحة أي الإتحاد الاشتراكي ..
هكذا واجهت النخبة المصرية ذاتها في لحظة صدق ، واتخذت القرار الصحيح ..
هل تستطيع النخبة التي نعيش تحت ظلالها مواجهة الذات ، واتخاذ الموقف التاريخي الملائم لهذه المرحلة .
للآسف : لا . ليس بين النخبة شخصية واحدة تقول كلمة صدق عند ربها ..
وماينشر حسام بدراوي وغيره ليس إلا تكرار لما نشروه من قبل ..
ولا يعكس موقف وطني وتاريخي ، بل يعكس مواقف انتهازية ، أقرب الي الخيانة ..
الدكتور حسام بدراوي أجري حوارا مع بي بي سي البريطانية ( المؤسسة الطاهرة من العلاقات المخابراتية ، وتعمل لحساب الوطن المصري وحدة ) .
كانت مصر علي أعتاب الإنتخابات الرئاسية ، وأنتهز الإخوان الفرصة وشنوا حملة سياسية ضد نظام ، وفبركوا فيلم بعنوان عشر سنوات علي رابعة العدوية . وحاولوا الوصول به الي مجلس حقوق الإنسان ، ورفع دعاوي قضائية في الدول الاجنبيه ، والحصول علي أحكام قضائية لاعتقال رئيس الجمهورية في حال وصوله الي هذا البلد أو ذاك .
وأشترك وزير سابق خايب هو منير فخري عبد النور ، في حوار آخر مع نفس القناة ، وقال : إزاي . ده فيه حكم قضائي صادر في جنوب أفريقيا باعتقال الرئيس السيسي فور وصوله الي جوهانسبرج بسبب رابعة العدوية .. وأنا لما كنت وزير كنت عضوا في وفد رئاسي الي جنوب أفريقيا . وقبل السفر بيومين الغيت الرحلة لأن الرئيس سوف يواجه بحكم قضائي ..
وأصدر محمد أنور السادات سلسلة بينات مليانة مخدرات تحمل نفس المعاني ..
وهكذا :
لكن حملة النخبة لم تنجح ، ولم ينجح تحالف أحمد طنطاوي وحسام بدراوي في هز يقين الشعب المصري ، ولم تنجح رقصات حمدين صباحي ..
قال حسام بدراوي نفس الكلام تقريبا . البلد في خطر . عايزين إنتخابات شفافة . عايزين مشاركة واسعة . عايزين نظام جديد بعيدا عن القوات المسلحة ..
وقد ردت عليه البشاير في حينها ..
كان ومازال الشعب المصري علي يقين آن السيسي زعيم المرحلة بلا منازع .
وإن أجندته التي نفذها علي أرض الواقع لم يحلم بها أي عنتيل من عناتيل النخبة . وأن مصر في عهده حققت معجزة إقتصادية ، سوف تدرج في كتب الإقتصاد السياسي واقتصاديات التنمية ..
كلمة أخيرة يادكتور حسام
أنا إعلامي مشهود لي بالكفاءة ، مهما كانت التحفظات ، لا أتصور أن لميس الحديدي إعلامية أو عمرو أديب إعلامي ، أو إبراهيم عيسي إعلامي ، أو خيري رمضان إعلامي . اللي عملوهم إعلاميين عارفين الحكاية دي كويس ..
هؤلاء ياسادة طول عمرهم طابور خامس ، لحساب النخبة الخايبة ، أو القوي الإجنبية ، لا تختلف أجندتهم عن أجندة الجزيرة أو محمد ناصر أو العيال الذين يعيشون في تركيا .
وشوف فلوسهم جاية منين تعرف : مع أي طابور خامس يلعبون ..
وبمناسبة الغليان الجماهيري كان لجمال عبد الناصر مجموعة معايير يقيس بها حجم الرضا الشعبي .( سيبك من إستطلاعات الرأي الفشنك التي شهدناها في الإنتخابات الأمريكية .
كان عبد الناصر حريص كل الحرص أن يتعرف علي حجم الشرائح الإجتماعية التي تقضي أجازتها في المصايف .
وقال ذات مرة : أنا شايف عمال وفلاحين في مصايف الأسكندرية . وبلطيم ..والناس دي عمرها ماخرجت من قراها أو المدن الصغيرة التي تعيش فيها . الآن تخرج للمصيف .
وأنا أقول لك إن عدد المصريين الذين خرجوا للمصايف السنة الماضية بلغ خمسة ملايين . وأن العدد يتزايد بمعدلات خرافية ..
وكان زمان يعملوا جمعيات حج وعمرة . الآن بيعملوا جميعات للمصايف .
الأكثر من ذلك إن هناك شركات للتمويل الاستهلاكي ، نصف التمويلات ذهبت هذا العام للمصايف .
معيار آخر كان يهتم به جمال عبد الناصر ، هو جماهير السينما قبل التلفزيون وبعد التلفزيون ..
كان سعيدا لأن العائلات المصرية لديها فائض لشراء تذاكر سينما ..
لو أستعرنا هذا المعيار لوجدنا إعدادا غفيرة من الناس تذهب الي ساقية الصاوي ومهرجان القلعة ومسرح البالون ، أما سينما الشعب فحدث ولا حرج ..
أخرسوا وأتلموا الوطن في خطر ، وليس فريسة تنتظرون سقوطها ..
اليكم مقال الخيانة الذي أطلقه حسام بدراوي ..
مقال د حسام بدراوي :
———————————-
” حين يكرّر النظام أخطاءه
انتحار سياسي وذاكرة لا تتعلّم
بقلم: حسام بدراوي .
————————————–
هناك لحظات في تاريخ الأمم تُنذر بالخطر، لا لحداثة المشهد، بل لتكراره الأعمى.
ولعل ما نراه في مصر الآن، ونحن نتابع المسرحية السياسية الهزلية تتكرر فصولها، هو لحظة كهذه.
ليست أزمة مفاجئة، بل انحدارٌ ناعم نحو المأساة، يُديره نظام يبدو وكأنه فقد القدرة… أو ربما فقد الرغبة… على التعلّم من أخطائه
١- انتخابات بلا انتخاب… وقوائم بلا منافسة.
لا أجد كلمة غير “العبث” لوصف ما يُعدّ الآن تحت لافتة “الانتخابات”.
قوائم موحّدة معدّة سلفًا، تديرها الأجهزة الأمنية، وتُزيّن بشعارات وطنية جوفاء.
هل هذه ديمقراطية؟ أم عرض مسرحي رديء تمكّنت السلطة فيه من تمثيل كل الأدوار، بمن فيهم “المعارضة” المصنوعة؟
هل حقًا لم يتعلّموا أن الشكل بلا مضمون لا يصنع شرعية ولا يمنع انفجارًا؟
٢- كتم الأفواه و”فلترة” الإعلام
الرسالة واضحة: من ينتقد يُقصى.
وهذا لا يطال فقط أصحاب المواقف السياسية، بل حتى الإعلاميين أصحاب التأثير الجماهيري.
استُبعدوا واحدًا تلو الآخر لأنهم قالوا ما نعرفه جميعًا: أن هناك أزمة، وأن الناس تتألم، وأن القادم مقلق.
هل أصبح الصدق جريمة؟
وهل نسينا أن من ينكر الواقع لا يُغيّره بل يُورّط نفسه فيه؟
(إيقاف لميس الحديدي، وإبراهيم عيسى، وخيري رمضان، وأجازة إجبارية لعمرو أديب).
٣- همسات التعديل… واستقرار الوهم
تتسرّب اللمزات الإعلامية، والحوارات “غير العفوية”، لتمهّد لتعديل دستوري جديد.
العنوان المكرّر: “ضمان الاستقرار”، لكن المضمون مكشوف: مدّ فترة الرئاسة لولاية رابعة.
منذ متى كان التمديد وسيلة استقرار؟
ألم تُجرّبها الأنظمة من قبل وانتهت إلى الفوضى والانهيار؟
٤- دين خارجي ينخر الجسد
لا يحتاج المرء إلى أن يكون خبيرًا اقتصاديًا ليشعر بالقلق من تصاعد الدين الخارجي، وتآكل قدرة الدولة على إدارة اقتصادها بشكل مستقل.
المديونية تقيّد القرار، وتُفقر الناس، وتخلق بيئة انفجار لا تنفع معها أبراج المراقبة ولا محطات التجميل.
٥- الدين في حِضن السلطة… من جديد
تعود مظاهر تديين الحكم من الأبواب الخلفية، في مشاهد تكرّرت في العقود الماضية وكان ثمنها باهظًا:
• تربية دينية مفروضة قسرًا.
• قوانين تجرّم النقاش وتُقدّس الرأي البشري.
• شيوخ تُقبّل أياديهم علنًا، بينما تُكمم أفواه المثقفين.
• وشيخ الأزهر في موقع سياسي يلتقي بالسفراء وكأنما هو رأس الدولة الروحي.
ما يحدث ليس عودة للدين، بل توظيف سياسي له، كما استُخدم في صفقات سابقة عندما تم تعديل دستور 71.
٦- ذاكرة لا تتعلّم… ونظام يقترب من الحافة
هذا المقال ليس تشفّيًا، ولا معارضة عدائية. بل هو محاولة صادقة لمنع النظام من الانتحار السياسي،
فالتاريخ لا يرحم، ومن يكرّر أخطاءه لا ينجو منها.
في كل مرة استُبعد فيها الرأي الآخر،
وفي كل مرة احتُقرت فيها النخبة وزُيّف وعي العامة،
وفي كل مرة حُوّل فيها الدين إلى أداة ولاء لا منبع وعي…
كانت النتيجة واحدة: انفجار لا يرحم أحدًا.
خاتمة: الطريق لا يزال ممكنًا… لكنه يضيق
لا زال في الوقت متّسعٌ لتدارك الخطر، بشرط أن يعترف النظام أن المكاشفة لا تُضعف الحكم، بل تقوّيه .
وأن صوت العقل لا يُخيف إلا من اعتاد الاستبداد.
أما إذا أُغلقت الأبواب، واستُمرئ اللعب في الظل، فلا أحد يضمن ما يأتي بعد الغليان… ولا أحد يربح من الانتحار.
نداء إلى صانع القرار… من قلب يعرف كيف يحب وطنه:
سيدي،
أعلم أنك ترى، وتسمع، وتقرأ.
ولعلك تفهم – أكثر مما يُقال لك – أن ما يُدار اليوم لا يؤسس لشرعية، بل لتآكلها.
وأن استمرارك ليس في إقصاء المختلف، بل في احتوائه.
ولا في توظيف الدين، بل في احترام عقل المواطن.
ولا في صناعة ولاء مصطنع، بل في بناء ثقة حقيقية تقوم على المكاشفة والمشاركة.
لقد قُدّر لك أن تمسك بدفّة مصر في لحظة فارقة، فلا تجعلها لحظة انغلاق، أو عزلة، أو تكرار لمآسي من سبقوك.
ليس العيب أن نخطئ، بل أن نُصرّ على الخطأ.
وليس الضعف أن نستمع، بل أن نُقصي من ينصح.
سيادة الرئيس،
ما زال بإمكانك أن تسجّل صفحة جديدة، لا بعنوان “البقاء”، بل بعنوان “البناء”،
بأن تردم الفجوة بين الدولة والمجتمع، بين السلطة والفكرة، بين الوطن والخوف.
هذه البلاد تستحق أفضل من مسرحية مكرّرة، ومن نخبة تُقصى، ومن حشود تُغذّى بالوهم.
فلا تدع التاريخ يكتب أنك أضعت فرصة النجاة… حين كان بإمكانك أن تختارها.
خاتمة ثانية:
الطريق لا يزال ممكنًا… ونداء من مواطن جرّب النصيحة من قبل.
مرة أخرى، لا زال في الوقت متّسعٌ لتدارك الخطر، بشرط أن يعترف النظام أن المكاشفة لا تُضعف الحكم، بل تقوّيه،
وأن صوت العقل لا يُخيف إلا من اعتاد الاستبداد.
ومن مكاني كمواطن مصري صادق، وسياسي كان قريبًا من دوائر القرار، أقول هذا لأنني عشتُه من قبل.
نصحت الرئيس الأسبق مبارك في سنوات ما قبل 2011، ثم عندما توليت المسؤولية السياسية ساعة الأزمة،
وقلت له ما يجب أن يُقال: أن الإصلاح السياسي الحقيقي لم يعد ترفًا، وأن التنحي الطوعي وإجراء انتخابات حقيقية هو المخرج الآمن.
عندما وقعت الواقعة، ولجأ إليّ لتكليفي بقيادة الحزب الوطني لأساهم في إخراجه والبلاد من أزمتها،
كان يعلم أنني ناصح أمين،
لكن حين نصحته بالتنحي فعليًا، وألّا يكون طرفًا في مستقبل الصراع، أُقصيت من دائرة القرار،
وأحاط به من أقنعوه بالبقاء، فوقعت الفوضى… وكان ما كان.
واليوم، أرى نفس السيناريو يتكرر بأشكال جديدة:
إقصاءٌ، تزويرٌ للواقع، تجاهلٌ للصوت العاقل، تدخلٌ خطير بين الدين والسياسة، وانفصالٌ بين السلطة والمجتمع.
إن مصر لا تستحق انتحارًا سياسيًا جديدًا.
لكنني ما زلت أؤمن… أنه لا فوضى بلا بدائل.
ما زالت هناك فرصة للإفاقة.
وأنتم تملكون القرار… فهل تختارون الحياة أم التكرار؟ “