الشرق الاوسط-القاهرة: فتحية الدخاخني
أثار استخدام شركة «ميتا» للذكاء الاصطناعي في تطبيق «واتساب» معركة قانونية جديدة بين شركة التكنولوجيا الأميركية والاتحاد الأوروبي، لا سيما بعدما أعلنت أوروبا فتح تحقيق مع «ميتا» بشأن احتمال انتهاكها قواعد المنافسة المتعلقة بميزات الذكاء الاصطناعي في «واتساب»، ما اعتبر بحسب خبراء «تصعيداً لنزاع قانوني قائم، وتأكيداً على اتجاه أوروبا لتنظيم مواقع التواصل»، رغم ضغوط الولايات المتحدة، واتهام الرئيس دونالد ترمب لأوروبا بـ«استهداف الصناعة الأميركية بشكل غير عادل».
ووفق المفوضية الأوروبية، فإن «السياسة الجديدة التي أعلنتها (ميتا) قد تمنع مزودي خدمات الذكاء الاصطناعي الخارجيين من تقديم خدماتهم عبر (واتساب)، ما يعد إساءة استخدام لوضع مهيمن». وقالت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية المسؤولة عن المنافسة، تيريزا ريبيرا، في بيان صحافي الأسبوع الماضي، إن «بروكسل تريد ضمان استفادة المواطنين والشركات بشكل كامل من الثورة التكنولوجية المتعلقة بزيادة استخدام الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال منع أصحاب المراكز المهيمنة من استغلالها لإقصاء المنافسين».
ويتيح «واتساب» حالياً للشركات التواصل مع العملاء على التطبيق، وبعض هذه الشركات يستخدم تقنيات ذكاء اصطناعي لإجراء المحادثات، لكن مع القواعد الجديدة التي أعلنتها «ميتا» فإن هذه الشركات قد لا تستطيع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التي طورتها، ما يصب في صالح خدمة «ميتا إيه آي». لكن «واتساب» ترى أن «انتشار روبوتات الدردشة عبر التطبيق يثقل كاهل أنظمته غير المصممة لتحمل هذا العبء، ولذلك كان ينبغي الإعلان عن تغييرات»، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».
الصحافي وعضو مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين، خالد القضاة، رأى أن «هذا التحقيق جزء من صراع قانوني متصاعد بين الاتحاد الأوروبي وشركات التكنولوجيا الكبرى وعلى رأسها (ميتا)». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الصراع متعلق بأمور عدة؛ من بينها حماية البيانات الشخصية للمستخدمين، ومنع المحتوى المسيء، واستخدام الذكاء الاصطناعي».
وقال إن «استخدام الذكاء الاصطناعي يضر بالخصوصية، ويتيح معالجة كم هائل من البيانات في وقت قصير»، مرجحاً استمرار تصاعد الصراع القانوني بين الاتحاد الأوروبي و«ميتا».
وكانت «ميتا» قد بدأت في مارس (آذار) الماضي دمج روبوت المحادثة والمساعد الافتراضي «ميتا إيه آي» في تطبيق «واتساب» داخل الأسواق الأوروبية. وفي يوليو (تموز) الماضي، فتحت هيئة مكافحة الاحتكار الإيطالية تحقيقاً بشأن اتهامات لـ«ميتا» باستغلال قوتها السوقية عبر دمج أداة ذكاء اصطناعي في «واتساب»، وتوسع التحقيق في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لفحص ما إذا كانت «ميتا» قد انتهكت قواعد المنافسة والاحتكار.
المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي والصحافي المصري محمد الصاوي قال إن «التحقيق الأخير الذي أطلقه الاتحاد الأوروبي ضد (ميتا) ليس مجرد خلاف تقني، أو قانوني، بل نقطة تحوّل حقيقية في كيفية تعامل المنظمين مع هيمنة الشركات الكبرى على أدوات المستقبل، وتحديداً الذكاء الاصطناعي». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «محاولة (ميتا) حصر استخدام الذكاء الاصطناعي ضمن منظومتها فقط قد تُفهم على أنها محاولة لبناء (بوابة مغلقة) تقيّد الابتكار، وتمنع المنافسة، ما يتنافى مع المبادئ الأساسية التي يحرص عليها الاتحاد الأوروبي». وأشار إلى أن الخلافات القانونية بين الاتحاد الأوروبي و(ميتا) ليست وليدة اللحظة، بل تمتد لسنوات مضت، بدءاً من قضايا حماية البيانات، مروراً بالتحقيقات المرتبطة بالاحتكار واستغلال الهيمنة السوقية، وانتهاءً بالخلافات حول الإعلانات الموجهة، والمحتوى السياسي.
وقال الصاوي إن هذا «النزاع المستمر بين الاتحاد الأوروبي و(ميتا) يحمل وجهين؛ فمن جهة، يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الحماية للبيانات، والخصوصية، وفرض معايير أكثر شفافية على كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. ومن جهة أخرى، قد يتسبب في تقييد بعض الخدمات، أو تعقيد تجربة الاستخدام في حال قررت (ميتا) تقليص بعض المزايا في أوروبا للامتثال للقوانين».