عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Sep-2025

هل تشكل الفجوة التمويلية تهديدا لاستمرار برنامج التغذية المدرسية؟

 الغد-آلاء مظهر

 فيما حذر برنامج الأغذية العالمي بالأردن من فجوة تمويلية حادة تهدد استمرارية المساعدات الغذائية للاجئين وبرامج التغذية المدرسية خلال العامين المقبلين، اعتبر خبراء تربويون أن نقص التمويل يشكل تهديدا لاستمرارية برنامج التغذية المدرسية وبما ينعكس سلبا على الطلبة المستفيدين من البرنامج، ويخفض من دافعيتهم للتعلم ويزيد من مشكلات سوء التغذية، ويضع تحديا كبيرا أمام سعي وزارة التربية والتعليم لتحسين عمليات تعلم وتعليم الطلبة بشكل مستمر.
 
 
وبينوا في تصريحاتهم لـ"الغد"، أن مشروع التغذية المدرسية تؤدي دورا محوريا بتحسين الصحة العامة للطلبة عبر تقديم وجبات مغذية ومتنوعة، يتم الحد من معدلات سوء التغذية، ما يقلل من الأمراض المتعلقة بالتغذية، ويزيد من معدل الحضور والمواظبة على الدراسة.
وأشار الخبراء، لضرورة تبني حلول عاجلة كتعزيز الشراكات الوطنية مع القطاع الخاص لدعم البرنامج في مناطق الفقر واللاجئين، وتحسين كفاءة استخدام الموارد عبر تصميم وجبات منخفضة التكلفة تستهدف الفئات الأكثر ضعفا.
وكان برنامج الأغذية العالمي في الأردن حذر من فجوة تمويلية حادّة تهدد استمرارية المساعدات الغذائية للاجئين وبرامج التغذية المدرسية خلال العامين المقبلين، وأكد أنّ الموارد المتاحة لا تكفي لتغطية الاحتياجات إلا حتى كانون الثاني(يناير) 2026، مشيراً إلى حاجته العاجلة لـ65 مليون دولار لتأمين المساعدات الأساسية حتى نهاية 2026، إضافة لـ13 مليون دولار لضمان استمرار برنامج التغذية المدرسية الذي يوفّر وجبات يومية لنحو 475 ألف طفل أردني ولاجئ من الفئات الأكثر ضعفاً.
وقال في تقريره الدوري الذي يستعرض عملياته وبرامجه بالمملكة، إن التحدي الأبرز الذي يواجهه اليوم هو "تأمين تمويل كافٍ لتلبية الاحتياجات الغذائية العاجلة للاجئين في الأردن".
وأكد على أنّه إذا لم يحصل على التمويل اللازم، فلن يتمكن من توفير وجبات مدرسية مغذية يومية لـ475 ألف طفل أردني ولاجئ من الفئات الأشد ضعفًا في جميع مدارس المخيمات والمجتمعات المحلية.
تحسين التحصيل الدراسي
وبهذا الصدد، قال الخبير التربوي عايش النوايسة، إن برنامج الأغذية العالمي (WFP) يقدم منذ سنوات دعما حيويا لبرامج التغذية المدرسية في الأردن، يستفيد منها مئات آلاف الطلبة الأردنيين واللاجئين "السوريين وغيرهم"، مشيرا إلى أن هذه الوجبات ليست مجرد غذاء يومي، بل وسيلة لتحسين التحصيل الدراسي وصحة الطلبة، ولتخفيف الأعباء الاقتصادية عن الأسر الفقيرة.
وأضاف، إن تحذير برنامج الأغذية العالمي بالأردن من فجوة تمويلية حادة تهدد استمرارية المساعدات الغذائية للاجئين وبرامج التغذية المدرسية خلال العامين المقبلين سينعكس سلبا على ما يقدم من وجبات تغذوية صحية للطلبة في المدارس وبشكل خاص اللاجئين والمستهدفين بمناطق جيوب الفقر، إذ يؤدي مشروع التغذية المدرسية دوراً محورياً في تحسين الصحة العامة للطلبة عبر تقديم وجبات متنوعة، ما يزيد من معدل الحضور، والمواظبة على الدراسة، وهذا يعزز من استمرارية العملية التعليمية ويضمن تحقيق الأهداف التعليمية المرجوة. 
وتابع أن هذا الأمر يؤثر على توجهات الوزارة المستقبلية، فيما يتعلق بالتغذية ويعيق من تنفيذ الخطط والإستراتيجيات، إذ إنها أطلقت مسبقا بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الإستراتيجية الوطنية للتغذية المدرسية (2021- 2025)،  كخريطة طريق لتحسين الوضع الصحي والتغذوي لطلبة المدارس، وتضمنت الإستراتيجية رؤية للعمل المشترك لتطوير منظومة التغذية المدرسية، وتعزيز ثقافة الغذاء الصحي من أجل بناء جيل قادر على اتخاذ خيارات غذائية صحية، وبما يسهم في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع بأكمله.
وأشار إلى أن نقص التمويل يشكل تهديدا لاستمرارية البرنامج وبما ينعكس سلبا على الطلبة المستفيدين من البرنامج ويخفض من دافعيتهم للتعلم ويزيد من مشكلات سوء التغذية، ويضع تحديا كبيرا أمام سعي الوزارة لتحسين عمليات تعلم وتعليم الطلبة بشكل مستمر ولإيمانها بأهمية رفع درجة الوعي الغذائي والصحي لدى الطلبة وذويهم ومسؤولي الصحة والتغذية المدرسية والهيئات التدريسية وتعزيز الاتجاهات الإيجابية وتعديل الاتجاهات غير الصحيحة، وتتعاون الوزارة في هذا المجال مع جميع المنظمات الدولية المعنية بالتغذية المدرسية ونقص التمويل، ولا شك أن يهدد هذا التعاون ويؤدي لفشل جهود المنظمات والوزارة.
وبين أن هناك أثارا سلبية كبيرة على الطلبة منها زيادة معدلات سوء التغذية، وفقر الدم، وضعف المناعة وتراجع النشاط والتركيز داخل الصفوف وانخفاض معدلات الحضور المدرسي، لأن بعض الأطفال يأتون إلى المدرسة أساسًا للحصول على وجبة، وهذا ينعكس على ضعف التحصيل الأكاديمي ويرفع نسبة التسرب المدرسي ويزيد من الأعباء على الأسر الفقيرة.
ورأى أن الحلول لمواجهة نقص التمويل، يكمن بعقد شراكات وطنية مع القطاع الخاص لدعم برنامج التغذية المدرسية بمناطق جيوب الفقر والمناطق التي ينتشر بها اللاجئون.
تعزيز الصحة العامة
من ناحيته، قال الخبير التربوي فيصل تايه، إن برامج التغذية المدرسية تمثل حجر الأساس في بناء بيئة تعليمية صحية وشاملة للأطفال، فهي ليست مجرد وجبات يومية، بل أداة إستراتيجية لتعزيز الصحة العامة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وضمان فرص متساوية للتعلم لكل الأطفال، بغض النظر عن ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية. 
وأضاف، إن تحذير البرنامج، من فجوة تمويلية تهدد استمراريته في الأردن، يضع نحو 475 ألف طفل أردني ولاجئ من الفئات الأشد ضعفا أمام خطر فقدان وجباتهم المدرسية المغذية ليس مجرد تهديد غذائي، بل أزمة تربوية متكاملة، تؤثر على الصحة البدنية للأطفال، حيث يمكن أن يؤدي لتفاقم حالات سوء التغذية، ونقص الفيتامينات والمعادن الأساسية، وتأخر النمو الجسدي، بما في ذلك النمو المعرفي والذهني، وهو ما له انعكاسات مباشرة على القدرة على التعلم والانتباه داخل الصفوف الدراسية.
وتابع، من الناحية التعليمية، أظهرت الدراسات بوضوح أن الأطفال الذين يحصلون على وجبات مدرسية مغذية يحققون نتائج أكاديمية أفضل، ويظهرون مستوى أعلى من التركيز والانتباه، بينما يؤدي نقص التغذية لتراجع الأداء الدراسي، وزيادة التغيب والتسرب المدرسي، خاصة بين الأطفال الأكثر ضعفا، ما يفاقم الفوارق التعليمية والاجتماعية ويعزز دورة الحرمان عبر الأجيال. 
كما أن الأطفال الذين يفتقدون لهذه الوجبات يشعرون بعدم الأمان والإقصاء، ما يؤثر على صحتهم النفسية ويضعف شعورهم بالانتماء للمدرسة والمجتمع، بينما تتعرض الأسر نفسها لضغوط إضافية لتعويض النقص الغذائي، غالبا عبر تقديم وجبات أقل قيمة غذائية أو تحمل تكلفة اقتصادية إضافية، وهو ما يزيد العبء المالي على الأسر الأكثر ضعفا ويؤثر على استقرارها، وفق تايه.
وأشار إلى أن استمرار برنامج التغذية المدرسية من منظور تربوي وإستراتيجي، يمثل ضرورة ملحة للحفاظ على مكتسبات التعليم والصحة وضمان العدالة الاجتماعية، فهو استثمار مباشر بمستقبل الأطفال، وبصحة المجتمع، وبتعزيز قدرة النظام التعليمي على تقديم تعليم فعال ومستدام.
ويمكن مواجهة هذه الأزمة، بحسب تايه عبر تأمين التمويل اللازم بشكل عاجل ومستدام، وتحسين كفاءة الموارد عبر تصميم وجبات مغذية منخفضة التكلفة، واستهداف الفئات الأكثر ضعفا بشكل دقيق، إلى جانب تعزيز الشراكات بين الحكومة والمجتمع الدولي والمجتمع المدني لضمان استمرارية البرنامج دون انقطاع.
ورأى تايه أن الاستثمار في التغذية المدرسية ليس خيارا ترفيهيا، بل التزاما تربويا واجتماعيا، وأي تقليص لهذا البرنامج الحيوي سيترك آثارا طويلة المدى على الصحة البدنية والنفسية للأطفال، وعلى التحصيل الأكاديمي، وعلى العدالة الاجتماعية، وسيقوض جهود التنمية الشاملة التي تعمل على بناء مجتمع مستدام ومنصف، لذلك يجب أن يكون هذا البرنامج أولوية قصوى في السياسات الوطنية والدولية، وأن ينظر إليه كاستثمار إستراتيجي في الإنسان والمستقبل، لا مجرد بند من المساعدات أو البرامج المؤقتة.