الدستور
يدّعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه أوقف سبعة حروب منذ تسلّمه رئاسته الثانية قبل ثمانية أشهر، مع أنه لم يستطع منع اغتيال أقرب مناصريه، تشارلي كيرك.
يبحث الإعلاميون والسياسيون حول العالم عن الحروب السبعة وأين اشتعلت وكيف أُوقِفت.. وعن ضحاياها.
في العالم حربان تعهّد ترامب بوقف إحداهما فقط وخلال الأسبوع الأول من توليه منصبه وهي الحرب الروسية الأوكرانية التي ما زالت تتصاعد وتيرتها كل يوم. أمّا الثانية فهي الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف في غزة من قتل ودمار وحقد وكراهية، فلا يرغب السيد الرئيس في وقفها لا عسكريًا ولا سياسيًا ولا إنسانيًا ولا أخلاقيًا.
يرسل وزير خارجيته إلى إسرائيل داعمًا بلا حدود لسياسات اليمين المتطرف ومحرضًا على المزيد من القتل، ومتحديًا قمة الدوحة التي تبحث العدوان الإسرائيلي عليها، ومعلنًا أن العدوان لن يغير شيئًا في دعم الحكومة الإرهابية الخارجة على القوانين والشرعيات والأخلاق.
ترتفع وتيرة العدوان، فيخرج الرئيس مهددًا بفتح أبواب الجحيم، فإذا قُتِلَت رهينة إسرائيلية في غزة.. أطفال غزة ونساؤها ورجالها هم فقط من يجب أن يُقتلوا.
ثلاث سنوات متبقية من حكم الإدارة الأمريكية الحالية؛ على العرب أن يدركوا أن السيناريو الأسوأ آتٍ بلا شك.
يعترف العالم بالدولة الفلسطينية، لكن الإدارة الأمريكية تعلنها صراحة: لا وجود لدولة فلسطينية، ومن حق إسرائيل أن ترد على هذا الاعتراف بضم الأراضي الفلسطينية، رغم رعاية الولايات المتحدة لعملية السلام منذ 35 عامًا والقائمة أساسًا على حل الدولتين.
يرغب الرئيس الأمريكي بوقف الحرب الروسية–الأوكرانية بالتفاوض، غير أنه يريد إنهاء حرب غزة بالإبادة الكاملة وتهجير الفلسطينيين وضم الضفة الغربية لإسرائيل.
هل يستسلم العرب لسيناريو تغيير وجه الشرق الأوسط بالقوة بما في ذلك الإخضاع بقوة السلاح الأمريكي والحماية الأمريكية خارج كل القوانين والشرعيات؟
وهل لدى العرب خطة بديلة؟
في تقديري أن التحولات الكبرى على مستوى الرأي العام العالمي إزاء «مظلومية اليهود» وإدراكه مظلومية الفلسطينيين، وعلى مستوى الموقف الرسمي والشعبي في أوروبا والعديد من دول العالم المؤثرة بمن فيها الدول الواقعة تحت النفوذ الأمريكي المباشر وكذلك التحولات في الشرق بعد قمة شنغهاي الأخيرة، لابد من استثمارها لردع اليمين المتطرف في الولايات المتحدة وإسرائيل معًا.
الواقع واضح ومرير، ولا بد من السعي لامتلاك أسباب القوة. فأربعمئة مليون غاضب عربي إزاء الظلم والغطرسة والقتل والتدمير وإنكار الحقوق والآمال المشروعة، وكذلك الثروة العربية، هي بيئة مثالية للتخطيط متوسط المدى على الأقل لاستعادة الحقوق.
ثلاث سنوات متبقية من عمر الإدارة الأمريكية الحالية؛ لن يردع إسرائيل فيها سوى التحول الشعبي الأمريكي، وهذا أمر محتمل ولو بالحد الأدنى، أو التحول في المجتمع الإسرائيلي وهو أمر مستبعد في ظل «المكتسبات» التي تحققها حكومة نتنياهو على الأرض، أو التحول في الموقف الرسمي العربي بما في ذلك تمكين الفلسطينيين ودعم مصر والأردن وحماية الأجواء العربية وبناء تحالفات عالمية جديدة في عالم متعدد الأقطاب بدأ بالنمو تدريجيًا.