الغد
لم تكمل حكومة الدكتور جعفر حسان عاما على تشكيلها، ورغم كل إشاعات التعديل الوزاري التي لاحقته، فإن الرئيس لا يبدو منشغلا كثيرا بهذا الملف، وهو يدرك اكثر من غيره أن الملك لا يحبذ التعديلات الكثيرة، والمتسرعة على حكوماته.
وما يعرفه رئيس الحكومة ايضا ان الشارع ما عاد مهتما في التعديلات الوزارية، بل ان معظمها ينال من النقد الكثير، واول ما يثار آليات التغيير، واسبابه، والنخبة التي تتداور على كراسي السلطة، وتكلفة التعديلات الحكومية المالية على الدولة؟
حسب ما نسمع من مقربين من الرئيس حسان، فإنه يحاول ان يرسخ نهجا جديدا في تقييم الوزراء، والمباشرة في مراجعات معهم لمعرفة ما انجز، والتحديات، وقصص النجاح ان وجدت، ويذهب معهم في التفاصيل، خاصة في استقصاء العمل في الميدان لتحسين جودة الخدمات في الوزارات المختلفة.
لا تحسد حكومة حسان التي مضى على تشكيلها ما يقرب من 9 أشهر انها جاءت في ظروف صعبة، وبالغة التعقيد، فمن جهة تزامنت مع فوز الرئيس الاميركي دونالد ترامب، بما يحملة من مفاجآت غير متوقعة، وسياسات اتجاه الأردن ليست معهودة، وحرب الابادة على غزة المستمرة بما تلقيه من تداعيات صعبة، على المستوى السياسي، والاقتصادي.
هناك مسارات 3 امام حكومة الدكتور جعفر حسان من المفترض ان تمضي، وتنجز فيها، وقد يتطلب الامر مراجعات، وتدقيقا، وهي عابرة للحكومات كما اعلن مرارا، وهي منظومة الاصلاح الاقتصادي، والسياسي، والاداري، وقد ورثت الحكومة الحالية خططا، ومؤشرات في المسارات الثلاث، وهي مطالبة ان تضع بصمتها في هذه الملفات.
أول الصدمات في مسار الاصلاح الاقتصادي كان تعليق المساعدات الأميركية للأردن، وإن ذللت بشكل كبير هذه القضية المؤرقة، وتراجعت الادارة الاميركية مبدئيا عن هذا التوجه، فإن بعض المنح، والمساعدات، والمشاريع لبعض الوزارات، والمؤسسات ما تزال معلقة، وملف الرسوم الجمركية لم يحسم، وهذا خلط الاوراق، واحدث ارباكا داخل اروقة الدولة، وهو ما دفع الرئيس لوضع كل ثقله لحث مؤسسات القطاع الخاص لتفعيل مسار المسؤولية الاجتماعية بدعم قطاعات التعليم، والصحة، لمواجهة تعثر، وتعطل بعض المشاريع.
ملف تحديث المنظومة السياسية يخضع لمراجعات وتدارس عند مرجعيات الدولة، وزاد الهاجس اكثر بعد النجاح الكبير لكتلة حزب جبهة العمل الاسلامي في الانتخابات البرلمانية، وتحديدا على القوائم العامة، وتعمقت المخاوف بعد قضية ما سمي بـ»تصنيع الأسلحة» والتي اتهم فيها البعض من جماعة الاخوان المسلمين المنحلة، وكل التداعيات التي تمخضت عنها، وهنا يأتي السؤال؛ هل تستمر الدولة بنفس الاجندة، هل ستذهب لمراجعة قانون الانتخاب، وفي اتجاه آخر ما علاقة، واثر هذه القضية على الموقف الأردني في حرب الإبادة، وهل هناك استدارات، وتعديلات وزارية تقتضيها المرحلة المقبلة؟
ربما ينظر لملفات الاصلاح الاقتصادي والسياسي بأنها مؤرقة، وصعبة، لكن الاصلاح الاداري ليس اسهل، بل اكثر تعقيدا، فمثلا لا يمكن للحكومة ان تقوم بترشيق الجهاز الاداري في المؤسسات العامة، لأنها إن أرادت ذلك فعليها ان تستغني عن آلاف الموظفين، وانهاء ظاهرة البطالة المقنعة، وهذا غير ممكن في ظل تزايد البطالة والفقر.
تجويد الخدمات، والتحولات الرقمية اكثر ما تطمح له اي حكومة، وإن استطاعت حكومة الدكتور جعفر حسان ان تعيد الاعتبار وتحسن الخدمات التعليمية، والصحية، وقطاع النقل العام فإنها تكون قد حققت انجازا نوعيا، وأعادت الاعتبار للدولة الأردنية التي كانت تتباهى بنوعية التعليم، والصحة، وحتى النقل العام على بساطته في العقود الماضية.
أكثر القراءات لحكومة الدكتور جعفر حسان ترى ان الحكومة بعد انتهاء الدورة البرلمانية عليها ان تدخل بورشة تقييم، وإن كان رئيس الحكومة يستمهل لمرور عام على وزارته لإنجاز التعديل، فإن الاهم ان يقدم جردة حساب لحكومته، اين نجحت، واين اخفقت، وان يذهب ابعد في تقييم معلن، وشفاف لأداء الوزراء، لنعرف لماذا خرجوا من الحكومة، ولماذا ظلوا، وبالتالي يكون الرأي العام مطلا، بدل ان يظل معتمدا على التنبؤات، والاخبار المسربة، والإشاعات؟