عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Oct-2025

الأسوأ لم يأتِ بعد * م. هاشم نايل المجالي

 الدستور

هل العالم يتجه نحو بداية كسادٍ عالمي بعد أن تتدخل الحكومات في الدول العظمى بالاقتصاد، وتقديم آلاف المليارات من الدولارات للبنوك لتخليصها من أصولها غير القابلة للبيع لإنقاذ العالم من كارثة مالية محدقة، كذلك تأميم بنوكٍ وشركاتٍ ومصانع عالمية لمنع إفلاسها، وتقديم قروضٍ بعشرات المليارات من الدولارات لشركاتٍ عالمية كبرى لمنع انهيارها، حيث إنّ معالم الأزمة بدأت تتضح تدريجياً، فمصانع السيارات بدأت تندمج مع بعضها البعض، والشركات المالية مثل ستاربكس بدأت تغلق محلاتها في العديد من الدول، وكثير من الدول بدأت تعاني من الركود والتخوف من أن يتحول إلى كساد.
وكلنا يعلم أن الركود هو انخفاض في النمو الاقتصادي بأقل من الصفر خلال ستة أشهرٍ متتالية، وهو بتعبيرٍ آخر ضعفٌ ملحوظ وملموس في النشاط الاقتصادي الذي يستمر لأشهرٍ أو سنوات، وذلك عندما يحدث خلل في التوازن بين ما يتم إنتاجه وما يتم استهلاكه من سلعٍ وخدمات، أي عندما يصبح معدل الإنفاق غير قادرٍ على امتصاص كثافة المعروض من السلع وغيرها من المنتوجات، لأن المصنعين والمنتجين قاموا بتقديم كمياتٍ كبيرة من السلع بأنواعها والتي لم يتمكن السوق من استيعابها، فتتراجع الأرباح وتضطر حينها الشركات لتسريح الموظفين.
ونلاحظ ذلك في مصانع السيارات العالمية في الدول المختلفة التي سرّحت مئات الآلاف من الموظفين، وخفّضت رواتب البقية العاملة من الموظفين، كل ذلك ينعكس على الاقتصاد، وإذا ما زادت فترة الركود الحاد، فإن ذلك سيؤدي إلى ضعفٍ في جميع قطاعات النشاط الاقتصادي، وزيادةٍ في التضخم، وارتفاع نسبة البطالة، وإفلاس العديد من الشركات، هنا يحدث الكساد الحاد، فتؤجل الاستثمارات وتتآكل القوة الشرائية للمستهلكين، كذلك تنعدم قدرة المواطن على سداد ديونه، وهذا ما نلاحظه عندما تقوم البنوك بالحجز على الشقق السكنية التي قام المواطنون بشرائها من خلال القروض البنكية، وكذلك الأمر بالنسبة للسيارات والعقارات المختلفة.
إنّ الركود والكساد مرتبطان دائماً بوضعٍ اقتصاديٍّ سيّئ، فمن الممكن تعويض الآثار السلبية للركود خلال فترةٍ زمنيةٍ معينة من خلال إجراءاتٍ حكوميةٍ واستثماراتٍ مختلفة، أما في مرحلة الكساد فإن مقومات الاقتصاد ونشاطه تكون منهارة، وبالتالي ندخل في أزمةٍ حقيقيةٍ من الصعب معالجتها بسهولة.
ونحن نشاهد معاناة الاتحاد الأوروبي من أزمةٍ اقتصاديةٍ تتمثل في ارتفاعٍ كبيرٍ بالديون المتراكمة عليه، وعدم قدرته على السداد مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا وغيرها، مع وجود عجزٍ ماليٍّ كبيرٍ في هذه الدول، والمؤشرات تشير إلى أن منطقة اليورو مهددة بالغرق، فهي في مرحلة انكماشٍ بسبب الأوضاع غير المستقرة اقتصادياً وأمنياً.
وهناك مؤشرات حول انهيار الدولار، حيث إن الأوضاع الاقتصادية الأمريكية هشّة، وهناك ضعفٌ في مقومات الاقتصاد، مما يؤثر على قدرة الدولار، الذي يعتبر عمود الخيمة بالنسبة لباقي العملات الأخرى، على الصمود، وارتفاع أسعار الذهب مؤشرٌ خطير، والصين تصدر عملةً جديدة مدعومةً بالذهب، حيث سيتغير مجرى التجارة العالمية.
ولقد حذر صندوق النقد الدولي من خطر وقوع أزماتٍ اقتصاديةٍ حقيقيةٍ عالمية، فـإنهيار المجتمعات المرتبط بزيادة نسبة البطالة إلى نسبٍ عالية، وزيادة معدلات الفقر، سيؤدي إلى ارتفاع مؤشر التعاسة والبؤس، مما يشكل خطراً كبيراً على الاقتصاد وعلى المجتمع الذي ستزداد فيه معدلات الجريمة والانتحار وغيرها من الظواهر السلبية.
والحرب والصراع بين الدول الكبرى مؤشرٌ كبيرٌ على الخروج من أزماتٍ كبيرةٍ وكثيرة، فلا شيء يدوم للأبد، وليس بعد التمام إلا النقصان، فمن كان يتوقع أن اقتصاد الدول الكبرى سيقع في فترةٍ زمنيةٍ معينة، بعد أن كان مهيمنًا على العالم، حين دخلت تلك الدول الكبرى في صراعاتٍ مباشرةٍ وغير مباشرة.