الغد
اليوم الدولي لتعميم الانتفاع بالمعلومات أو الحصول عليها جاء ليسلط الضوء لهذا العام على «ضمان الوصول إلى المعلومات البيئية في العصر الرقمي».
هذا الاهتمام الدولي المتنامي بقضايا البيئة والحق في الحصول على المعلومات الخاصة بها لم يأت من فراغ؛ ذلك أنّ التمتع بالحق في بيئة سليمة يتطلب انسيابًا في المعلومات المتعلقة بهذا القطاع وشفافيةً حول التجاوزات أو الانتهاكات التي تطال البيئة بمكوناتها كافة. ولا يخفى على أحد أنّ الحق في التمتع ببيئة نظيفة وسليمة يرتبط بصورة عضوية ويؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على حقوق الإنسان كافة.
المعايير الدولية الناظمة للحق في بيئة سليمة كشفت هذا الارتباط الوثيق والجلي بين الحق في بيئة سليمة وبين الحق في الحصول على المعلومات البيئية منذ وقت مبكر، ابتداءً من إعلان استوكهولم حول البيئة والذي أكدّ أهمية التدفق الحر للمعلومات المتعلقة بها في حل المشاكل البيئية على الصعيدين الوطنيّ والدولي، ومرورًا بالميثاق العالمي للطبيعة الذي أشار إلى متطلبات إنفاذ الديمقراطية البيئية والتي من بينها الاعتراف بالحق في الوصول بحرية إلى المعلومات البيئية. ناهيك عن الإعلانات والمبادئ التوجيهية الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة التي أكدت أهمية الحصول على المعلومات البيئية وغير ذلك الكثير من الأدبيات في مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي البيئي.
إنّ قدرة الأفراد وتمكينهم من الوصول إلى المعلومات البيئية سواء من خلال تقديم طلبات الحصول على المعلومات وإجابتها أو من خلال ممارسة السلطات للإفصاح الاستباقي من تلقاء ذاتها، يؤدي بالنتيجة إلى تحقيق عدة مبادئ ومرتكزات تساهم بصورة جذرية في عملية النهوض بالبيئة وحمايتها، أبرزها، قدرة الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين على المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالبيئة وتعزيز الحق في الوصول إلى ما يسمى بالعدالة البيئية، بالإضافة إلى قدرة الأفراد على ممارسة الرقابة الشعبية عن أي تجاوزات تطال حقهم في بيئة سليمة، كما أنّ المعلومات البيئية تعدّ شرطا أساسيا لمقاضاة كل من يرتكب هذه التجاوزات.
في السياق المحلي نحتاج إلى مراجعة شاملة للتشريعات الناظمة للبيئة وبشكل خاص إفراد مساحة كافية للحق في الحصول على المعلومات البيئية، ليتمكن الأفراد والمؤسسات الرقابية والجهات ومنظمات المجتمع المدني المعنية من ممارسة الرقابة على أي تجاوزات أو انتهاكات تتعلق بالبيئة ومنع حدوثها ابتداء.
عودًا على بدء، المعلومات البيئية والقدرة على الحصول عليها وتحديدا في هذا العصر الرقمي تكتسب أهمية مضاعفة؛ فهي تعد جزءا من منظومة الحقوق الرقمية للأفراد، ووجود هذه المعلومات يؤدي إلى الوصول العادل والمتكافئ إليها مما يؤدي إلى تقليص الفجوة الرقمية، وتحقيق سياسة الشمول الرقمي والبيانات المفتوحة، وأخيرا المساهمة في الحد من أي معلومات مضللة قد يكون الفضاء الرقمي ساحة لها.