عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Jul-2025

تداعيات أمنية على حدودنا*فايز الفايز

 الراي 

في تغطيات لنا من الأيام الخوالي، كنا على مقربة من الأسلاك الشائكة المتقاطعة مع حدودنا الأردنية، كنا نرصد ما يجري في الجنوب السوري، حيث درعا التي ألهبت نار الثورة والتي أسقطت عرش الأسد بعدما رأى أنه ليس له مكان على أرض سوريا الجميلة، وبحول الله تمكنت قواتنا المسلحة بكافة صنوفها برا وجوا لتحمي سماء وأرض الأردن، وعلى الرغم من التحديات التي كنا فيها مستعدون لأي طارئ يأتي من مناطق جنوب سوريا، فقد حافظنا على حياة شعبنا وقدمنا كل ما نستطيع كي لا يأتينا تجار المخدرات و قوافل التهريب من كافة أنواعها، بينما بقيت قوة جيشنا على مقربة لا تنام أعينهم ليلا ونهارا حتى تُخترق دروبنا عبر ممرات لا يعرفها سوى اللصوص.
 
لذا يبدو أن هناك خطرا محدقا على جبهتنا الشمالية المتاخمة للجانب السوري، إذ وقعت اشتباكات بين عدد من أبناء الطائفة الدرزية وعشائر أخرى، حيث أسفرت عن مقتل خمسين ضحية بينهم أطفال، وذلك بعد نشر وحدات من الجيش في محافظة السويداء جنوب سوريا في محاولة لاحتواء الاشتباكات الدامية التي اندلعت بين مقاتلين من الطائفة الدرزية وعشائر بدوية، فإن العملية تشمل نشر وحدات متخصصة في المناطق المتأثرة وفتح ممرات آمنة للمدنيين والسعي إلى فك الاشتباكات بسرعة.
 
وجاءت الاشتباكات الأخيرة امتدادا لموجة عنف شهدتها مناطق درزية في فترة ماضية، عندما اندلعت مواجهات بين مسلحين دروز وقوات الأمن في محيط العاصمة دمشق من جهة والسويداء من جهة أخرى، وشارك فيها مسلحون آخرون إلى جانب الأجهزة الأمنية وأسفرت حينها عن مقتل ما لا يقل عن 119 شخصاً وأدت تلك الأحداث إلى توقيع اتفاقات تهدئة برعاية أعيان دروز وممثلين عن الحكومة، في محاولة لاحتواء التصعيد.
 
وتسلّط هذه التطورات الضوء مجدداً على التحديات الأمنية التي تواجهها الحكومة الانتقالية منذ توليها السلطة، لاسيما في المناطق ذات التوزيع الطائفي الحساس ورغم دعوات من زعامات محلية ودينية في السويداء إلى ضبط النفس وتغليب الحوار، ولكن لم يصدع أي من الزعامات العشائرية أو الدرزية، بل على العكس فقد أدى ذلك إلى عمليات خطف متبادلة وتطور الموقف إلى مواجهات مسلحة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة وقذائف الهاون وأقاموا حواجز على الطريق بين دمشق والسويداء.
 
ففي خضم المعارك الضارية منذ العام 2011 كانت الجبهة الجنوبية المتاخمة للشريط الحدودي مع الأردن تنتشر فيها فصائل أخرى من الممكن أن يشاركوا في هذه الاشتباكات الدامية من الجهتين، ولكن الخشية من أن تمتد "حرب الأخوة" لتصل إلى الحدود الأردنية أو تتفاقم القضية أكثر، وهذا ما يستوجب الحرص الشديد من جانب قواتنا المسلحة التي تسهر ليلا ونهارا لكبح مليشيات المخدرات وتصدير الأسلحة عبر طرق ملتوية كما نشاهد كيف تحبط قواتنا المسلحة العديد من المسلحين عبر طرق التفافية.
 
كما إن الخشية من مخاوف انهيار الأمن الذي رأيناه لا يقترب من القرى والبلدات ليترك فراغا مؤسسيا يرافق اندلاع العنف ليساهم في اتساع رقعة الفوضى حيث غياب القوى الأمنية والعسكرية أصبحت سبب رئيسي للانفلات المتعمد، وفي ظل استمرار التوتر تبقى السويداء واحدة من أكثر المناطق حساسية في المشهد السوري الجديد، وسط مخاوف من انفجار أوسع.
 
ونحن هنا لا نزال نترقب المشهد بما يضمن استعادة الاستقرار والسلم الأهلي على حدودنا في وقت تحتفظ فيه عشائر سنية كبيرة بوجود مسلّح في تلك المنطقة وقد تستمر تلك الاشتباكات إن لم يتدخل الجيش السوري فستبقى المشكلة قائمة، وهذا ما نخشاه في الأيام القادمة.