عمون-
السفير محمد الكايد-
يبدو ان قادة حماس لم يتعلموا من التجربة القاسية التي وضعوا فيها انفسهم ومن خلفهم أهل غزة والقضية الفلسطينية بعد أحداث السابع من اكتوبر. فما زال الخطاب الشعبوي والتعبوي والتحريضي هو اللغة الوحيدة التي يجيدها قادة حماس السابقون واللاحقون بعد موت مؤسس الحركة الشيخ احمد ياسين.
إن الدعوة التي أطلقها السيد خليل الحية لشعوب الجوار للزحف براً وجواً إلى فلسطين هي دعوة صبيانية ومراهقة خطابية توحي بافلاس سياسي وعسكري ومأزق خطير تمر به حركة حماس. وتعطي الانطباع بان حماس تستجدي تدخلا خارجي ينقذ الحركة من نزعات الموت السياسي التي تعيشها. ولا انكر على حماس حقها في طلب الفزعة والإسناد من الأمة العربية ، ولكن طلب محاصرة السفارات لن ينقذ حماس من ورطتها ولن يردع العدو الاسرائيلي ولن يغير الموقف الدولي بل سيزيد وضعها تعقيدا وتخسر اي تعاطف دولي قد تكون حصلت عليه القضية الفلسطينية. لقد اخطأ السيد الحية في هذا الطرح وأظهر صبيانية سياسية وعقلية ثورية انقلابية ضمن خطاب تحريضي افتقد اي مضمون سياسي استشراقي وعقلاني وغابت عنه تماما الحكمة السياسية البراغماتية.
كنت آمل ان استمع من السيد الحية خطابا يطمئن الشعب الفلسطيني ومن خلفه الشعوب العربية عن حالة وجاهزية المقاومة وقدرتها على الصمود في وجه العدوان المتوحش والقتل الجماعي الذي تقوم به اسرائيل ضد اهل غزة ، ويبث روح الامل لديهم بما يعينهم على تحمل المجاعة والحصار والقتل الممنهج لا ان يكون خطابه مرافعة سياسية فشلت في استمالة من كانت موجهة اليهم. ولكن على عادتها في كل مرة، تلقي حماس لومها على غيرها وتبرر فشلها لغياب الدعم العربي ولكن هذه المرة لم تجد حماس إلا حمولات طائرات الإغاثة لتحميلها مسؤولية المجاعة التي يعاني منها اهلنا في القطاع.
كذلك كان يتوجب على السيد الحية ان يضع الأمة العربية أمام التفاصيل الدقيقة للمفاوضات وأسباب تعثرها وما هي طبيعة المرونة التي أبدتها المقاومة ولماذا انسحبت اسرائيل منها وموقف الحركة من الطروحات الجديدة في المفاوضات بحيث يعيد التاكيد على ثوابت المقاومة التفاوضية رغم كل ما تتعرض له من ضغط سياسي وعسكري ومجاعات لكسب تأييد الشعوب العربية لموقف الحركة وهو ما فعل عكسه تماما هذا الخطاب التحريضي.
لقد بلع السيد الحية لسانه عند الحديث عن الدور الطليعي الأردني في تقديم الدعم للشعب الفلسطيني وتجاهل قاصدا دور الإسناد الأردني والمصري وهو الذي اشاد بالشهداء الأردنيين في الدفاع عن فلسطين ، وهو الذي ترجو حركته الوساطة المصرية في المباحثات مع إسرائيل مما يظهر تناقضا وتخبطا في الخطاب الغير موفق. ويبدو ان خطاب السيد الحية كان له من إسمه نصيب فالخطاب يمثل ما يعرف بالعامية بزغرودة الحية والتي ظاهرها مشاركة وتضامن ولكن في طياتها السموم القاتلة ولكن في هذة المرة لدغت الحية نفسها.