المعهد الدنماركي: تحول مؤسسي واضح للحد من اللجوء للتوقيف
الغد-سماح بيبرس
كشفت دراسة أطلقها المعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب - "ديجنيتي" - بعنوان "البدائل غير السالبة للحرية للتوقيف ما قبل المحاكمة في الأردن 2025"، أول من أمس، أن قطاع العدالة الأردني أظهر توسعا ملموسا في تطبيق بدائل التوقيف قبل المحاكمة بين العامين 2022 و2024، ما يعكس تحولا مؤسسيا واضحا نحو الحد من اللجوء إلى التوقيف.
جاء ذلك في إطار "المؤتمر الوطني حول تطبيق بدائل التوقيف ما قبل المحاكمة في ضوء تعديلات قانون العقوبات لعام 2025: الأثر على المجتمع والعدالة التصالحية" الذي عقده المعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب بالشراكة مع وزارة العدل.
وبيّنت الدراسة التي أُطلقت في المؤتمر الوطني حول تطبيق بدائل التوقيف ما قبل المحاكمة في ضوء تعديلات قانون العقوبات لعام 2025: الأثر على المجتمع والعدالة التصالحية، أن هذه الأعوام شهدت "زيادة كبيرة في استخدام البدائل غير السالبة للحرية".
وقالت الدراسة إنه عقب التعديلات الإيجابية على قانون أصول المحاكمات الجزائية في العامين 2017 و2022، وتنفيذ إستراتيجية قطاع العدالة 2022-2026، وتجربة الحد من الاكتظاظ في السجون في جائحة كورونا، بدأت السلطة القضائية والنيابة العامة بدمج البدائل غير السالبة للحرية للتوقيف قبل المحاكمة كعنصر ضمن الإجراءات الجنائية، ومع الإطار التشريعي الجديد وتغير الذهنية المؤسسية، ارتفع استخدام هذه البدائل بشكل ملحوظ منذ عام 2022.
وبيّنت الدراسة أنه بعد الإصلاحات التشريعية وتجربة الجائحة، ارتفع عدد الأحكام عام 2023 واستقر نسبيا العام الماضي، في حين ارتفع تطبيقها بنسبة 43.6 %، ما يعكس قرارات حظر السفر الطبيعة الانتقالية لمرحلة الإصلاح، بينما يشير إدخال المراقبة الإلكترونية والإقامة الجبرية تدريجيا إلى تزايد انفتاح القضاء على آليات الرقابة غير السالبة للحرية المدعومة بالتقنية.
وتشير هذه التطورات، وفق الدراسة، إلى أن البدائل انتقلت من الإجراءات التجريبية إلى جزء متكامل من الممارسة الجزائية في الأردن، مؤكدة تطورها، ودفع هذا تعزيز الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وقد كشفت التطورات في السنوات الماضية عن ثقة قضائية متزايدة في موازنة الاعتبارات الأمنية مع مبدأ التناسب وحماية الحق بالحرية، ما يعكس ترسيخ جهود الإصلاح بعد الجائحة، إذ أصبحت البدائل ركائز أساسية لنظام قضائي أكثر إنسانية وتوازنا ومرتكزا على حقوق الإنسان.
وأوصت الدراسة بتوسيع الأحكام التشريعية المتعلقة بالبدائل عبر إضافة مواد محددة لقانون أصول المحاكمات الجزائية، مشددة على ضرورة تحديد آليات تنفيذها في الأحكام القضائية، بما في ذلك مدة البديل وطريقة احتساب هذه المدة ضمن العقوبة النهائية، لضمان وضوح التطبيق وتجنب الغموض.
وأوصى المشاركون في المؤتمر، الذي تحدث فيه: أمين عام الوزارة القاضي وليد كناكرية، مندوبا عن وزير العدل، والمدير التنفيذي للعمليات في المعهد مورتن أولسن، ورئيس بعثة السفارة الفرنسية بالأردن، جان كريستوف أوجيه، بالتوسع في استخدام بدائل التوقيف لتعزيز نهج العدالة الإصلاحية، وتعزيز الحوار العام بين السلطة القضائية والمجتمع المدني والأطراف ذات الصلة.
وخلال ثلاث جلسات، دارت نقاشات حول التعديلات التشريعية على قانون أصول المحاكمات الجزائية وآليات تنفيذها، والتركيز على الفرص التشريعية والمؤسسية لتطبيق بدائل التوقيف قبل المحاكمة، وفيها تحدث كناكرية، وأمين عام المجلس القضائي علي المسيمي، والنائب العام حسن العبداللات.
وسلّط المتحدثون الضوء على ما طرأ من تعديلات على بدائل التوقيف، وشروط تطبيقها، والتحديات العملية المرتبطة بها، وأهمية دعم مسارات العدالة، وتعزيز الأطر القانونية، بما يسهم بتحقيق المصلحة العامة وترسيخ مبادئ العدالة التصالحية.
ومن بين توصيات المؤتمر، التوسع بتطبيق البدائل، ليشمل الأجانب والعمالة الوافدة، بما يراعي مبدأ المساواة أمام القانون، والالتزامات الدولية للمملكة، والخصوصية القانونية والاجتماعية لهذه الفئات، وتطوير إجراءات خاصة بالقضايا ذات الطابع العمالي أو الإداري، بما يحدّ من اللجوء غير الضروري إلى التوقيف، ويُعزّز حلول العدالة البديلة.