حماس لا لمواجهة ترامب.. ونعم لمقاومة السفاح نتنياهو!* حسين دعسة
النشرة الدولية -
الدستور المصرية -
ما ظهر من أدراج حركة حماس أنها تريد تحريك بعض من التعديلات (..) وهى، أى حماس نظرت فى بنود خطة الرئيس الأمريكى ترامب، وعصابته التى رضعت الذى بات يعرف بـ«الخطة».
حماس الحركة، وسلم المقاومة تريد أن تعاند إشكالية بعض ما ورد فى الخطة، من بينها قضية نزع السلاح.
عمليًا، المصادر القريبة من أقطاب قيادات حركة حماس خارج غزة والقطاع، أفادت وفق معلومات أولية، ذات طابع أمنى (..)، تستند لمصدر قريب من صنع القرار فى «حماس»، بأن الحركة تسعى إلى تعديل بعض بنود خطة الرئيس الأمريكى ترامب للسلام فى قطاع غزة، وبينها بند نزع السلاح ومغادرة مقاتليها القطاع.
إلى ذلك، وجدت وكالة «فرانس برس» الفرنسية، عن مسئول فلسطينى قريب من «حماس»، قوله إن الحركة «تريد تعديل بعض بنود خطة ترامب مثل نزع السلاح وإبعاد كوادر من حماس والفصائل المقاومة»، دون إيضاحات سياسية أو أمنية.
* لا لمواجهة ترامب.. ونعم لمقاومة السفاح نتنياهو!
ما يتم تمريره بين فصائل المقاومة وقادة حماس الخارج وفى داخل القطاع، أن المؤشر الرئيس ينطلق من مناورات سياسية وأمنية خلاصتها:
- لا لمواجهة الرئيس الأمريكى ترامب.. ونعم لمقاومة السفاح نتنياهو، وبالتالى الوقوف فى مواجهة عربات الكابنيت الصهيونى المتطرف التوراتى!
«المشاورات مكثّفة على مدار الساعة داخل قيادة الحركة فى فلسطين والخارج، (...) ومع الدول الوسطاء»، تحديدًا مصر وقطر، فيما بدأت الرؤية تتضح أن الوسيط الأمريكى أصبح يتقدم الخطط العملية، يرافقها التهديد والوعيد، فيما تؤكد المصادر الدبلوماسية لـ«الدستور أن ما زاد على ٦ لقاءات عقدت، ما بين يوم الأحد الماضى، وخلال يوم الإثنين، وما زالت تعقد فى العاصمة القطرية الدوحة مع الوسطاء الكبار من القطريين والمصريين، بينما السر بينهما، إذا تأكد،(..) وجود فريق أمنى، دبلوماسى من كبار المسئولين من تركيا، باعتبارهم خبراء أتراك فى شئون المنطقة.
حركة حماس، تبلور موقفها /ردها؛ أبلغت الدول الوسطاء توفير ضمانات إدارية قانونية، أممية وأمنية دولية، تضع مسارات حركة انسحاب الحيش الإسرائيلى وآلياته من كل مدن ومخيمات وممرات قطاع غزة ورفح، ووجود ما يحمى حماس، من أشكال الخروقات الإسرائيلية، وتنفيذ أجندة وقف إطلاق النار.
.. فى هذا السياق، وضمن مؤشرات رد حماس: لا لمواجهة الرئيس الأمريكى ترامب.. ونعم لمقاومة السفاح نتنياهو، كشفت مصادر دبلوماسية إعلامية عليمك، لـ«الدستور» أن الوسطاء فى دولة قطر، أعلنوا مبدئيًا عن إجراء محادثات متباينة، مساء أمس الثلاثاء، فى العاصمة الدوحة، مع حركة «حماس» بوجود أقطاب مخولة من تركيا ومصر، مسارها العام مناقشة وتوضيح بنود خطة الرئيس الأمريكى ترامب، وإمكانية تأطير الردود حولها.
ووفق ما يجرى، تجد المصادر، تشتت بعض اتجاهات الرأى وبالتالى ردود حركة حماس:
* الأفق الأول:
يؤيد الموافقة غير المشروطة على الخطة، ووقف إطلاق النار على أن يتولى الوسطاء ضمان تنفيذ إسرائيل للخطة».
*الأفق الثانى:
نبش تحفظات كبيرة على بنود مهمة منها:
١:-رفض عملية نزع السلاح.
٢:-رفض إبعاد أى مواطن الى الخارج».
وبالتالى؛ «يؤيد الأفق السياسى الثانى؛ الموافقة المشروطة مع إيضاحات (...) حتى لا يتمّ إعطاء شرعية لاحتلال قطاع غزة وتجريم المقاومة».
وأكّد المصدر القريب من حماس، بحسب مصادر إعلامية المدن، المقربة من قطر،، «أن لا قرار نهائيًا بعد فى حماس حتى الآن»، مضيفًا أن الحركة «تحتاج ليومين أو ثلاثة أيام على الأغلب، وستصدر بيانًا رسميًا» عن موقفها و«تُبلغ الوسطاء به».
وفى ذات المنحنى، نقلت إذاعة «بى بى سى» البريطانية، عن مسئول فى حركة «حماس»، قوله إن الحركة من المتوقع أن ترفض خطة إنهاء الحرب التى قدمها ترامب.
وأوضح المسئول أن الخطة تخدم مصالح إسرائيل وتغفل مصالح الشعب الفلسطينى، مشيرًا إلى بندين رئيسيين لن توافق حماس عليهما: نزع السلاح، ونشر قوة دولية فى غزة، الأمر الذى تعتبره الحركة شكلًا جديدًا من الاحتلال.
وتأتى هذه التطورات، فيما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلى عدوانه على غزة، مرتكبًا المزيد من عمليات القتل والتدمير، خصوصًا فى مدينة غزة.
وأعلنت مصادر طبية عن سقوط 45 شهيدًا بينهم 34 فى مدينة غزة بنيران الاحتلال منذ فجر اليوم الأربعاء. فيما سجّلت وزارة الصحة فى قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية، حالتى وفاة نتيجة المجاعة وسوء التغذية «إحداها لطفل»، ليرتفع إجمالى وفيات سوء التغذية إلى 455 شهيدًا، من بينهم 151 طفلًا.
ومنذ إعلان «IPC» للمجاعة فى غزة، سُجّلت 177 حالة وفاة، من بينها 36 طفلًا.
حكومة غزة: إغلاق شارع الرشيد جريمة
وردًا على إعلان الجيش الإسرائيلى عن إغلاق شارع الرشيد، قال مكتب الإعلامى الحكومى فى غزة، إن الاحتلال يرتكب جريمة جديدة بإغلاق شارع الرشيد، مطالبًا العالم بوقف الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولى.
وأدان المكتب فى بيان، بأشد العبارات قرار الاحتلال الإسرائيلى إغلاق شارع الرشيد/ البحر، الذى يمثل أحد الشرايين الحيوية التى يعتمد عليها المدنيون فى تنقلهم بين محافظات قطاع غزة، مؤكدًا أن «هذا الإجراء التعسفى يندرج فى إطار سياسة التضييق والحصار والإبادة الجماعية التى يواصلها الاحتلال بحق شعبنا الفلسطينى فى القطاع».
وأشار إلى أن «الادعاءات التى يروجها الاحتلال حول السماح بالانتقال جنوبًا بشكل حر وبدون تفتيش، ما هى إلا ذرائع مضللة تخفى حقيقة الممارسات الإجرامية الممنهجة التى تستهدف تهجير السكان قسرًا، وتعريض حياتهم للخطر، وحرمانهم من حقهم الطبيعى فى الحركة والتنقل الآمن».
وحمّل البيان «الاحتلال الإسرائيلى والإدارة الأمريكية كامل المسئولية القانونية والإنسانية عن التداعيات الكارثية المترتبة على هذا القرار»، مطالبًا «المجتمع الدولى والأمم المتحدة بالتحرك الجدّى والفورى لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولى الإنسانى، وضمان حرية وسلامة حركة المدنيين داخل قطاع غزة دون قيود أو تهديدات».
*حيرة، مردها اتجاهات المقاومة.
فى كل الأبعاد المرجح وأمنيًا، أنّ الحركة ستوافق، استنادًا لمراجعات ونقاشات عميقة فى أوساط الحركة للمرحلة المقبلة، بما يشمل تعريف الحركة لنفسها والعلاقة بين الجناح السياسى والعسكرى، والتفكير فى الخيارات الاستراتيجية لبقاء الحركة على قيد الحياة، حتى لو عبر صيغة سياسية معينة، ويقول مقربون من الحركة أنّ الجناح العسكرى فوّض بصورة كاملة المكتب السياسى بالتفاوض على الصفقة المطروحة، ما يجعل سيناريو الموافقة مع التوضيحات هو الأكثر ترجيحًا.
وهذا الأفق، يتزامن من مع السياسى الأردنى أستاذ النظرية السياسية، الدكتور محمد أبورمان؛ وهو يرجح الرؤية بالقول:
موقف حماس من خطة ترامب لقطاع غزة «معقّد وصعب».. والحركة ستحاول التواصل مع الدول العربية لتحسين شروط المرحلة المقبلة.
«أكسيوس»: خطة ترامب تختلف عمّا وافق عليه قادة عرب ومسلمين..!
.. ما يفهم من هذا الارتباك السياسى، أن الاخبار والتسريبات التى مررها موقع «أكسيوس» الأمريكى بأن:
*1:
الخطة التى عرضها الرئيس الأمريكى ترامب، بشأن إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة على قادة عرب ومسلمين فى وقت سابق من هذا الشهر ووافقوا عليها «تختلف بشكل كبير» عن الخطة التى جرى الإعلان عنها الإثنين، عقب اجتماع ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى البيت، وذلك بفعل تدخّل الأخير لتغييرها.
2:
تتضمن الخطة المعروضة حاليًا «تغييرات جوهرية» طالب بها رئيس الحكومة الإسرائيلية، وبحسب مصادر «أكسيوس» المطلعة أثار هذا الأمر «أثار حفيظة» المسئولين العرب المنخرطين فى المفاوضات.
ووفقًا للموقع فإن ترامب قدّم الوضع فى صورة مباشرة مفادها بأن إسرائيل والولايات المتحدة وشركاءها العرب جميعهم مصطفّون خلف خطة نهائية، فى انتظار موافقة حركة حماس عليها أو مواجهة مزيد من العدوان الإسرائيلى. لكنه أشار إلى أن الوقائع من خلف الكواليس أكثر قتامة، وربما قد تكون المفاوضات فى بدايتها، فيما تظل الخطوة التى ستقدم عليها حماس حاسمة.
*3:
نقل الموقع عن مصدر مطلع قوله إنه بينما كان ترامب ونتنياهو يناقشان تفاصيل الخطة أمام عدسات الكاميرا فى البيت الأبيض، تولّى رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطرى الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثانى تقديمها إلى وفد حماس التفاوضى فى الدوحة. وأوضح المصدر أن ممثلى حركة حماس أكدوا أنهم سيدرسون مقترح ترامب «بحسن نية».
*4:
ذكر «أكسيوس» أن المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف، وصهر ترامب جاريد كوشنر، التقيا نتنياهو طيلة ست ساعات الأحدالماضى، ليتمكن نتنياهو فى الأخير من إقناعهما بإدخال عدة تغييرات على خطة ترامب، لا سيما «شروط الانسحاب» الإسرائيلى من قطاع غزة، والجداول الزمنية للانسحاب. ولفت إلى أن المقترح فى صيغته الراهنة «يربط الانسحاب الإسرائيلى بتقدم نزع سلاح حماس، ويمنح إسرائيل حق الاعتراض على العملية».
*5:
أوضح «أكسيوس» كذلك أنه حتى فى حال الالتزام بكل الشروط وإتمام مراحل الانسحاب الثلاث، فإن القوات الإسرائيلية ستبقى ضمن محيط أمنى داخل غزة «حتى تكون غزة آمنة من أى تهديد إرهابى ناشئ». وبحسب الموقع الإخبارى الأمريكى، فإن ذلك «قد يعنى وجودًا إلى ما لا نهاية» لقوات الاحتلال الإسرائيلى.
*6:
أفادت مصادر «أكسيوس» بأن التغييرات أثارت غضب المسئولين من السعودية ومصر والأردن وتركيا، مضيفًا أن الوسيط القطرى حاول إقناع إدارة ترامب بعدم نشر الخطة المفصلة الإثنين الماضى، بسبب تلك الاعتراضات. لكن البيت الأبيض، وفق الموقع، نشرها مع ذلك، ودفع البلدان العربية والإسلامية إلى دعم الخطة.
وقال ترامب فى وقت سابق اليوم، إنه ينتظر موافقة حركة حماس على خطته، مؤكدًا أنه «لا وجود لمجال كبير للتفاوض مع حماس». وأضاف أن الحركة «دفعت ثمنًا باهظًا بمقتل قياداتها»، وأنه يأمل «أن نصل إلى عملية سلمية»، مشددًا على أن أمام حماس «ثلاثة أو أربعة أيام» للموافقة على الخطة. وذكر ترامب للصحفيين فى البيت الأبيض: «سنمنح نحو ثلاثة أو أربعة أيام. كل الدول العربية موافقة، والدول الإسلامية موافقة، وإسرائيل موافقة. لا ننتظر سوى حماس. وحماس قد تقبل وقد لا تقبل. وإذا لم تقبل، فإن الأمر سينتهى فى شكل محزن للغاية».
*7:
حذر مراقبون من أنّ بنود الخطة يشوبها الغموض وتفتقد الضمانات، فيما يبدو قبولها فلسطينيًا أمرًا بالغ الصعوبة، لكونها تكرّس السيطرة الإسرائيلية على القطاع الذى يشهد إبادة جماعية منذ عامين، فضلًا عن أنها تلبّى كامل الشروط الإسرائيلية التى روّجها نتنياهو ووزراؤه المتطرفون فى جولات التفاوض الأخيرة، مبررين تنصّلهم من مقترحات سابقة لوقف الإبادة.
*محور عملى للدول الوسطاء.. وحماس تقر ان لا ضغوط!
المؤكد، وفق جدلية الدور القطرى كوسيط ملتزم ورئيس مع الدولة الوسيط جمهورية مصر العربية، أن رئيس وزراء قطر،وزير الخارجية القطرية محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثانى، عندما أعلن عن أن خطة ترامب؛ تحقق إنهاء الحرب.. وننتظر رد حماس، وضع حالة الترقى نظريًا وعمليًا.
قال رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطرية محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثانى، إن الوسطاء لا يزالون فى انتظار رد حماس على خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى شأن إنهاء الحرب على غزة. وأضاف: «حتى الآن لا نعرف رد حماس على الخطة والذى يتطلب توافقًا مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، وحماس تعاملت بمسئولية ووعدت بدراسة الخطة».
وأشار الشيخ محمد فى حديث لقناة «الجزيرة» إلى أن خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، تحقق هدفًا رئيسيًا بإنهاء الحرب لكن بعض القضايا فيها بحاجة لتوضيح وتفاوض، لا سيما مسألة الانسحاب، واعتبر بأن ما طرح أمس الإثنين، هو مبادئ فى الخطة تحتاج لمناقشة تفاصيلها وكيفية العمل من خلالها.
ولفت إلى أن «خطة ترامب تحقق هدفًا رئيسيًا بإنهاء الحرب وهناك قضايا فيها تحتاج لتوضيح وتفاوض، والتركيز الرئيسى لدولة قطر الآن هو كيف ستنهى الحرب والمجاعة والقتل والتهجير فى غزة».
وتابع قائلًا: «نحن ومصر أكدنا لحماس خلال اجتماعنا أمس (الإثنين)، أن هدفنا الرئيسى وقف الحرب».
وأكد رئيس الوزراء القطرى، أن «المرحلة الحالية مهمة وهى ضمن مفاوضات ليس من المتوقع أن تخرج بلغة مثالية، ويجب البناء على المسار الحالى وجعله فعالًا وناجحًا».
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصارى، أعلن اليوم الثلاثاء، عن أن الوسطاء سلّموا وفد حركة المقاومة الفلسطينية «حماس» مقترح وقف الحرب على قطاع غزة المبنى على خطة ترامب، مشيرًا إلى أن الحركة تعهّدت بدراسته، وأنّ «الوقت لا يزال مبكرًا» للحديث عن رد رسمى.
وكشف الأنصارى عن أنّ رئيس المخابرات المصرية حسن محمود رشاد شارك، أمس الإثنين، فى اجتماع مع وفد «حماس»، وأن تركيا ستشارك اليوم. وقالت وسائل إعلام تركية، الثلاثاء، إن رئيس المخابرات التركية سافر إلى قطر للمشاركة فى الاجتماع الذى يضم كلًا من قطر ومصر وتركيا ووفد حركة حماس، دون إضافة مزيد من التفاصيل.
وأضاف الأنصارى أن هدف الدوحة هو إنهاء الحرب والتجويع فى غزة، وأنها تقدر الالتزام الأمريكى تجاه هذا الهدف، مشددًا على أن الوفد التفاوضى لحماس تعهّد بدراسة الخطة، وأن الوقت لا يزال مبكرًا للحديث عن ردود رسمية. وأكد أن قطر «ملتزمة بتقديم ما يمكن لوقف الحرب ودعم أهل غزة وإعادة الإعمار بالتوافق مع الشركاء»، وأن لديها «التزامًا راسخًا بتقديم أى دعم لوقف هذه الحرب وإعادة الإعمار وإدخال المساعدات».
ورحّب الأنصارى بإعلان ترامب عن مجلس للسلام وبكون واشنطن ضامنًا لنجاح الخطة، موضحًا أن الدوحة تجرى مشاورات بشأن المجلس ولن تتأخر فى دعم جهود وقف الحرب وإعادة الإعمار. ولفت إلى أنّ الرئيس الأمريكى أعلن عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أبلغه بقبوله الخطة، لكنه أشار إلى أن قطر لن تعلّق على بنود محددة من الخطة.
* لماذا قال المحلل الفلسطينى «مناصرة» إن ردّ «حماس» المتوقع على خطة ترامب.. رفض بصيغة «نعم ولكن»؟!.
قد لا يفهم التحليل الأولى، المتقدم، من الكاتب المحلل السياسى الفلسطينى أدهم مناصرة، الذى نشر الثلاثاء 2025/09/30، وفيه تجول بكل تاريخية، معتبرًا أم تأكيدات: مصدر من حركة «حماس»، لـمنصة «المدن» اللبنانية، وهى من المصادر الإعلامية التى تدور فى فلك العمل الإعلامى اللبنانى القطرى، لكن مناصرة اجتهد ويرى أن الحركة تسلمت رسميًا من الوسطاء خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لوقف الحرب على غزة واليوم التالى، مبينًا أن قيادة «حماس» ستبحث تفاصيل الخطة وبنودها وحيثياتها، خلال اجتماعها مع الوسطاء، مساء اليوم الثلاثاء.
ماذا عن أبرز نقاط تحفظات حماس؟!
الخيارات «صعبة وضيقة جدًا»، وأن المعضلة بخطة ترامب، تتعدى مسألة وقف الحرب إلى تأبيد وشرعنة نظام حكم جديد للقطاع، أشبه بـ«الانتداب»، ويقول مناصرة، استنادًا لما أضافه مصدره إن الانسحاب الإسرائيلى الذى نصت عليه الخطة الأمريكية، سيكون تدريجيًا وبلا ضمانات، وتوضح الخرائط المرفقة أن القوات الإسرائيلية ستبقى فى منطقة عازلة، شمالًا وشرقًا وجنوبًا، كما أن الآليات الوحيدة التى تضمنتها الخطة، هى تلك المتعلقة بتسليم الأسرى الإسرائيليين، بينما تفتقر معظم البنود الأخرى لأى آليات واضحة، خصوصًا ما يرتبط بانسحاب الاحتلال واليوم التالى والمسائل الأخرى.
المصدر الحمساوى المقيم فى غزة، وفق مناصرة: أن أحد أوجه الصعوبة الكبيرة فى خطة ترامب، هو أن «حماس» تظهر وكأنها وُضعت فى الزاوية، ما يجعلها فى موقف «محرج»؛ لأن رفضها للخطة يوحى بأنها هى «المعطل الوحيد» لوقف الحرب والإبادة وبلا إسناد، فى ظل مباركة عربية وأيضًا من السلطة الفلسطينية للخطة. وأبدى المصدر استغرابه من موافقة السلطة من خطة ترامب، رغم أنها متضررة جدًا من الخطة المذكورة، ولن يكون لها أى دور فى غزة بعد الحرب.
*من يتوقع شكل الرد المُنتظر؟
«حماس» تحاول فى هذه الأثناء استيعاب الأمر، وتقوم بدراسة الخطة مع الوسطاء والفصائل، متوقعًا أن السيناريو المرجح لرد الحركة، سيكون رفضها بأسلوب ليس واضحًا ومُطلقًا، أى على طريقة «نعم.. ولكن»، بعد استنفاد واستغراق الوقت اللازم؛ كى لا تظهر وكأنها رفضت الخطة مباشرة ودون دراستها أو مشاورة أحد، على أن تحاول فى ردها المرتقب التذكير مرة أخرى بمطالبها الأساسية.
وهذا يعنى أنه يُتوقع أن تحرص الحركة على عدم التعجيل فى تقديم ردها الرسمى على الخطة الأمريكية، وذلك ضمن استراتيجية «امتصاص الضغط العام وتهيئة أوسع تأييد فصائلى لموقفها». ولعلّ صدور مواقف رافضة لخطة ترامب خلال الساعات الماضية، سواء من حركة «الجهاد الإسلامى» وفصائل صغيرة مقربة من «حماس»، وأيضًا شخصيات وناشطين مقربين من الحركة، تؤشر كلها إلى شكل الرد المُنتظر الذى سيصدر عن «حماس» خلال الأيام المقبلة.
«مباركة السلطة.. ليست قبولا بالخطة»!
من جانبه، قال مسئول بالسلطة الفلسطينية، لـذات المنصة، إن ترحيب السلطة والدول العربية بجهود الرئيس الأمريكى لوقف الحرب، لا يعنى أنها موافقة على خطته بكل تفاصيلها، وإنما رغبتها بوقف الحرب والقتل اليومى والتهجير أولًا وأخيرًا، معتبرًا أن الخطة الأمريكية «لا تنتظر أساسًا قبول السلطة من عدمه.. وإنما رد حماس».
لكن المسؤول المقرب من رئيس السلطة محمود عباس، أقر بأن الخطة صعبة ولا يمكن لـ«حماس» أن تقبلها، لكنه عاد وقال إنه لا توجد خيارات فلسطينية، وأن «الأولوية هى وقف الحرب والتهجير فى غزة ومنع ضم الضفة الغربية، خصوصًا أن نتنياهو يتمنى أن ترفض حماس الخطة؛ لأن قبولها به سيضعه فى إشكالية».
وكشف هذا القيادى أنه بعد مشاورات بين السلطة دول عربية، تمكن القادة العرب خلال مفاوضات مع واشنطن فى الأيام الماضية، من تعديل بنود فى خطة ترامب، لا سيما تلك المتعلقة بصيغة وقف الحرب ومنع التهجير والضم، لكن المصدر أكد أنه فى نهاية المطاف طغت علاقة الولايات المتحدة مع إسرائيل على مصالحها مع العرب، وهو ما تجلى بمراعاة كثير من البنود لمواقف إسرائيل وشروطها.
ووصف القيادى بالسلطة صيغة حكم غزة بموجب خطة ترامب، بأنها وصاية أمريكية من خلال «مجلس السلام» الذى يضم شخصيات دولية متعددة، وهو الجسم الذى سيدير مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين فى مرحلة لاحقة، لفرض حلول سياسية لإنهاء الصراع بالشكل الذى تريده الإدارة الأمريكية الجمهورية.
*الاحتلال الإسرائيلى عدل على خطة ترامب.
ما قد يوثق، وهو فى سياق التوقعات، أكد مصدر سياسى مطلع، وفق مناصرة أن فريقًا إسرائيليًا عمل حتى اللحظات الأخيرة لضمان تعديلات محددة على خطة ترامب، قبل حلول لقاء نتنياهو-ترامب فى البيت الأبيض، أمس الاثنين. وأصرت تل أبيب على أن تكون واشنطن هى الرئيسة للمجلس الذى سيشكل مرجعية لإدارة محلية فلسطينية فى غزة؛ ذلك أن إسرائيل لا تريد وصاية دولية تقيّدها فى القطاع، وإنما أمريكية تبقيها متحكمة بمفاصل الأمور فى غزة بعد الحرب.
الوقائع العملية، وربما التخوف الأمنى المرتقب، ينظر إليه مراقبون إلى خطة ترامب على أساس أنها محاولة أمريكية- إسرائيلية لإلقاء الكرة فى ملعب الدول العربية والغربية الرافضة للحرب، عبر القول لها «اقنعوا حماس بقبولها.. أو تستمر الحرب حتى النهاية»، وكأن واشنطن أرادت بهذه الطريقة منح شرعية لاستمرار الحرب، بحجة أن جميع الأطراف قبلتها باستثناء «حماس».
فى حين، تضمنت البنود العشرون فى خطة ترامب، جملًا وصياغات أوحت بأنها صُممت للتطبيق من جانب واحد، سواء قبلتها «حماس» أو رفضتها، وهو ما يثير علامات استفهام بشأن سيناريو تطبيقها فى مناطق خاضعة لسيطرة قوات الاحتلال، بموازاة استمرار الحرب فى مناطق أخرى بالقطاع، فى حال رفض «حماس» للخطة الأمريكية.
ولعل التطور الأخير قد فرض أسئلة مصيرية على الطاولة، أبرزها: ماذا ينتظر غزة؟ وماذا يدور فى عقل ترامب ونتنياهو حيال القطاع والقضية الفلسطينية؟، وفق تخيل التحليل.
*صحيفة «الغارديان» تنقل عن خبير أمريكى:
- خطة كوشنر- بلير لغزة هى مذبحة أخلاقية كارثة سياسية.
خطة الرئيس الأمريكى ترامب تبلور بكل دلالاتها، تدخل الحرب فى توقعات أن لا أفق لإيقاف الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل.
نشرت صحيفة «الجارديان» مقالًا لجوش بول، الذى عمل مستشارًا للأمن القومى فى سلطة الائتلاف المؤقتة فى العراق، ومستشارًا فى قطاع الأمن لدى منسق الأمن الأمريكى لإسرائيل والأراضى الفلسطينية، ويقود الآن مجموعة المناصرة غير الربحية «سياسة جديدة» ومقرها واشنطن العاصمة. واشتهر بول بأنه استقال من منصبه فى وزارة الخارجية الأمريكية فى أكتوبر 2023 احتجاجًا على قرار إدارة بايدن الاستمرار فى توريد الأسلحة لإسرائيل خلال حرب غزة.
وقال فى مقالته إن خطة كوشنر- بلير لغزة هى مذبحة أخلاقية وكارثة فى مجال السياسة. وأضاف أن مغامرة جاريد كوشنر وتونى بلير الاستعمارية الجديدة ستكون زراعة غريبة سيرفضها الجسد.
وقال بول: «فى يومى الأول فى بغداد، وبعد أن هدأت نيران قذائف الهاون، توجهت إلى مكتبى فى القصر الجمهورى وبدأت أول مهمة أُوكلت إلى: كتابة سياسة جديدة للشرطة العراقية».
ولم يكن بول يعرف الكثير عن الشرطة ولا عن العراق، لكنه كان جزءا من سلطة التحالف المؤقتة – الحكومة الأمريكية التى فرضت بعد الحرب و«قيل لى إن هذه السياسة هى ما يحتاجه العراق».
وأضاف: «بعد خمس سنوات، وجدت نفسى جالسًا فى جناح فندقى الفاخر بالقدس، بينما كان تونى بلير، أحد مهندسى حرب العراق، وهو الآن المبعوث الخاص للجنة الرباعية لعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، يشيد بالنمو الاقتصادى الذى تشهده مدينة جنين الفلسطينية. بعد أن أمضيت وقتًا طويلًا فى اليوم السابق فى التفاوض على نقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية العديدة التى تفصل شوارع جنين المغبرة عن فندق جيرمان كولونى ذى الخمس نجوم، حيث كنا نلتقى، لم أستطع التوفيق بين انطباع بلير وما شاهدته».
وتابع: «ومع ذلك، ها نحن ذا مرة أخرى، عام 2025 نتحدث عن حكومة احتلالية غربية مفروضة على منطقة من الشرق الأوسط، بقيادة بلير، وبنفس الرؤى القديمة للازدهار الاقتصادى المنفصلة عن الواقع أو حقوق الشعب. ولن ينجح هذا، ولا ينبغى الوثوق به».
وكتب: «أولًا، والأهم من ذلك، هناك مسألة الشرعية والملكية المحلية، فتقرير المصير ليس مجرد حق بموجب ميثاق الأمم المتحدة، بل هو رغبة أساسية لجميع الشعوب فى تشكيل شئونها الخاصة، وبناء مجتمعاتها. إن فرض الحكم من الخارج، وهو مشروع استعمارى ذو تاريخ طويل قائم على استغلال الثروة من خلال قمع الحرية، ليس ببساطة مسارًا مستدامًا نحو سياسة مستقرة، لأنه بطبيعته يفتقر إلى الدعم الشعبى أو التأييد، وغير قادر على فهم دقيق وعميق بما فيه الكفاية للثقافة والديناميكيات المحلية».
وقال إن حكومة بقيادة بلير فى غزة ستكون مثل الحكومة الأمريكية فى العراق، بمثابة عملية زراعة غير ناجحة وسوف يرفضها الجسم، ما يؤدى إلى حلقة مفرغة من العنف والتصعيد يمكن تجنبها تماما وهى ليست فى مصلحة أحد.
ولكن، لا أحد يهتم، فجاريد كوشنر، شريك بلير فى هذا المشروع، هو مثل كبير المفاوضين الأمريكيين، ستيفن ويتكوف، بل ودونالد ترامب نفسه، مطور عقارى فى جوهره.
وتابع: «وفى غزة، لا يرى كوشنر ثقافة مزدهرة ونابضة بالحياة يتزامن تاريخها مع صعود الأهرامات. بل يرى فقط ما تصنعه إسرائيل بأسلحة أمريكية: خراب وتسوية بالأرض على قطعة ساحلية مميزة، موقف سيارات على شاطئ البحر جاهز لإعادة التطوير. وفى هذا الخيال الاقتصادى، يعد سكان غزة وسياساتها مجرد إلهاء عن فرصة الربح. وفى مواجهة الدمار الذى نراه الآن، لا تبدو مثل هذه الرؤى غير جذابة. لماذا نتحدث عن غزة التى أُعيد بناؤها من أجل الفلسطينيين وبواسطتهم، بينما يمكن لريفييرا متألقة أن توفر لنفس الناس نصيبًا من الرخاء الذى نشأ من المدن غير المتصورة التى تجسدت بين عشية وضحاها على شواطئ الشرق الأوسط؟ يحظى هذا المقترح بدفعة عملية بفضل إصرار إسرائيل على رفضها قيام دولة فلسطينية أو سيطرة فلسطينية على غزة، وإدراكها من التجارب الأخيرة أن أى شىء لا ترغب إسرائيل فى حدوثه فى غزة المحاصرة، أى مواد بناء أو إعادة إعمار، لا يمكن أن يحدث».
وقال: «ولا يحتاج العالم المضى قدمًا مع مشروع استعمارى جديد مغلف بكل هذه الهالة والأضواء البراقة. فالخطة العربية التى تقودها مصر لغزة تطرح بديلًا واضحًا: حكومة فلسطينية مؤقتة تكنوقراطية تفضى إلى إعادة حكومة فلسطينية منتخبة ديمقراطيًا، وإعادة إعمار غزة يصممها ويقودها وينفذها الشعب الفلسطينى».
وختم: «ومع ذلك فهذا النهج لن يزيد من أرباح الاستثمار فى غزة، وسيحرم بلير الانتقال من مجرد مستشار سياسة إلى حاكم على القطاع. إلا أن التاريخ، بل والتاريخ الحديث جدًا بظهر أن اقتراح كوشنر- بلير ليس فظاعة أخلاقية فحسب، بل فظاعة سياسية أيضا. لا يزال آلاف الفلسطينيين مدفونين تحت أنقاض غزة، ومع ذلك يتوق آلاف آخرون لإعادة إعمارها. لا يمكن بناء ريفييرا على عظام الموتى، ولا يمكن بناء احتلال فوق تطلعات الأحياء»، التفاصيل السابقة تمتلك خطورة استمرارية ما تريده الإدارة الأمريكية والبنتاغون والرئيس ترامب من هذا مشروعية لخطة أحادية الجانب، إذ، لا قوة لرأى عربى فلسطينى فى بنودها، ما يضع الخطة فى مسارات مدمرة إذا ما لم يتم التراجع عنها.
*قصة رائد سعد:
للرد على خطة ترامب.. هل ستكون غزة أو قطر صاحبة القرار النهائى؟
.. أسئلة كثيرة، وأسرار أكثر (..)
بعد إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أن على حركة حماس تقديم ردها على الخطة المطروحة خلال 3 إلى 4 أيام، كشفت القناة 12 الإسرائيلية أن مركز الثقل فى اتخاذ القرار سينتقل من قطر إلى غزة.
وأوضحت القناة أن القيادة العسكرية فى غزة ستلعب الدور الحاسم، حيث سيقرر القادة العسكريون ما إذا كانت الحركة ستواصل القتال أم ستسعى لإنهاء الحرب. وأشارت إلى أن الشخصية الأبرز المتوقع أن تحسم القرار هى رائد سعد، أحد كبار قادة الجناح العسكرى فى غزة، والذى يتمتع بثقل كبير وخبرة طويلة.
ورائد سعد هو أول من أنشأ لواء غزة، الأكبر والأهم بين ألوية حماس، ثم أصبح رئيس شعبة العمليات تحت قيادة محمد الضيف، وكان من المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر. كما يُعتبر سعد محوريًا فى تطوير عقيدة القتال لدى الحركة، من بناء منظومة الصواريخ وتشغيل الصواريخ المضادة للدروع إلى استخدام الأنفاق فى العمليات العسكرية.
كان الجيش الإسرائيلى استهدف سعد فى 22 يونيو 2024 بغارة دقيقة على مخيم الشاطئ شمال غزة، لكنها فشلت فى اغتياله. وحسب التقديرات، فإن القرار النهائى بشأن الرد على الخطة سيُتخذ أولًا فى غزة، ثم يُنقل إلى قطر، مؤكدة أن غزة هى من ستقرر مستقبل المواجهة، وفق ما كشفت فضائية سكاى نيوز، دون تفاصيل، تقنية أو سياسية.
*عمليًا، الحرب جبهات متوقعة ما زالت قائمة!
الوقت يضيق فى المنطقة.. ما هى خيارات نتنياهو؟ هذا ما يصر عليه المحلل اللبنانى على منتش.
إذ لفت إلى أن معظم التحليلات والتقارير الصادرة فى الإعلام العبرى فى الأيام الأخيرة إلى أن السفاح نتنياهو لا يزال حتى الآن يرفض الاستجابة الكاملة للمبادرة التى قدّمها الرئيس الأمريكى ترامب، والتى تهدف إلى فتح مسار تهدئة شامل فى قطاع غزة.
يقول: هذا الرفض أو التجاهل يعكس تمسك نتنياهو بخياراته العسكرية وعدم استعداده للتراجع عن الأهداف التى وضعها لحربه فى القطاع، ما يعنى أن المعارك قد تستمر لفترة أطول مما كان متوقعًا. لكن هذه التقارير نفسها تؤكد فى الوقت عينه أن غزة ليست أولوية إســرائيل، وأن التركيز الحقيقى يتجاوز القطاع ليطال إيران واليمن، وربما لاحقًا لبنان، وربما جبهات كثيرة، أو متجددة، وهذا يصلنا إلى نتائج منها:
*أولًا:
هذا التحوّل فى الأولويات يعكس قناعة راسخة داخل المؤسستين الأمنية والسياسية فى إســرائيل بأن الصراع فى غزة، رغم أهميته، لن يحسم مستقبل المواجهة فى المنطقة. فالخطر الأكبر بالنسبة لتل أبيب يتمثل فى تعاظم القدرات الإيرانية وبرامجها النووية والصاروخية بالرغم من الحرب التى حصلت، إلى جانب تنامى قوة حلفائها فى اليمن ولبنان تدريجيًا.
*ثانيا:.
بات الحديث عن احتمال توسيع الحرب ليشمل جبهات أخرى حاضرًا بقوة فى النقاشات الداخلية، وإن كانت بعض الأوساط ترى أن اتخاذ مثل هذا القرار مرهون بالكلفة التى قد تدفعها إسـرائيل فى حال أقدمت عليه.
*ثالثًا:
أن أى عملية عسكرية ضد إيران أو اليمن أو لبنان لن تُتّخذ بسهولة، بل ستكون خاضعة لحسابات دقيقة تتعلق بالخسائر المتوقعة وردود الفعل الإقليمية والدولية. فإذا كانت الأثمان التى قد تدفعها إســرائيل مرتفعة جدًا، فإنها على الأرجح ستتراجع عن خيار الضربة المباشرة، خصوصًا أن الوقت ليس مفتوحًا أمامها. فثمة تقديرات تفيد بأن أمام تل أبيب بضعة أشهر فقط لحسم خياراتها العسكرية، قبل أن تدخل الولايات المتحدة فى مرحلة انشغالات عالمية كبرى لن تسمح لها بالاستمرار فى الغرق فى مستنقع الشرق الأوسط.
*رابعًا:
الإدارة الأمريكية نفسها تبدو حريصة على إنهاء جولات التصعيد فى المنطقة ضمن إطار زمنى محدود. فواشنطن تسعى إلى إعادة تركيز جهودها على ملفات أكثر حساسية تتعلق بالتنافس مع الصين وروسيا، وترى أن استمرار انشغالها بالحروب فى الشرق الأوسط يعرقل قدرتها على التعامل مع هذه التحديات. وهذا ما يشكل عامل ضغط إضافى على إســرائيل، التى تدرك أن الدعم الأمريكى العسكرى والسياسى ليس مضمونًا بلا حدود زمنية.
*خامسًا:
يبدو أن المنطقة مقبلة على مرحلة شديدة التعقيد، قد تتراوح فيها الخيارات بين استمرار الحرب فى غزة ضمن حدودها الحالية أو توسعها إلى ساحات أخرى إذا ما قررت إسـرائيل نقل المعركة إلى إيران أو اليمن أو لبنان. القرار فى نهاية المطاف سيُحسم وفق ميزان الكلفة والربح، لكنه سيبقى مرتبطًا أيضًا بالنافذة الزمنية الضيقة المتاحة أمام تل أبيب وواشنطن لترتيب المشهد الإقليمى قبل أن تفرض التطورات الدولية إيقاعًا مختلفًا تمامًا.
..كل هذا يعنى الحرب أو الدمار، ويعنى مؤكدًا أن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الاستعمارية تتراجع بحثا عن الأمن والأمان والسلم والسلام الدولى.
*استطلاع «نيويورك تايمز»: تراجع كبير ودراماتيكى فى دعم الأمريكيين لإسرائيل منذ حرب غزة
يوم الثلاثاء، 30 سبتمبر نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» نتائج استطلاع أجرته بالتعاون مع جامعة سيينا كشف عن تراجع كبير ودراماتيكى فى دعم الرأى العام الأمريكى لإسرائيل.
نتائج الاستطلاع، إذ تتزامن مع خطة ترامب للسلام فى غزة، هى، إشارات مهمة أن غالبية الأمريكيين تعارض الآن إرسال مساعدات اقتصادية وعسكرية إضافية لإسرائيل، وهو ما يمثل تحولًا مذهلًا فى الرأى العام الأمريكى منذ هجمات 7 أكتوبر 2023.
*تحول جذرى..
بعد عامين من الحرب الإسرائيلية على غزة، شهد الدعم الأمريكى لإسرائيل تحولًا جذريًا، حيث أعربت نسبة كبيرة من الناخبين عن آراء سلبية صارخة بشأن إدارة الحكومة الإسرائيلية للحرب.
ويبدو أن رفض الحرب قد دفع الناخبين الأمريكيين إلى إعادة تقييم واضحة لتعاطفهم الأوسع مع الصراع المستمر منذ عقود فى المنطقة، حيث انحاز عدد أكبر قليلًا من الناخبين إلى الفلسطينيين على حساب الإسرائيليين لأول مرة منذ أن بدأت صحيفة «يويورك تايمز» فى سؤال الناخبين عن تعاطفهم عام 1998.
وفى أعقاب هجمات حماس عام 2023، تعاطف الناخبون الأمريكيون على نطاق واسع مع الإسرائيليين على حساب الفلسطينيين، حيث انحازت نسبة 47% منهم إلى إسرائيل و20% إلى الفلسطينيين. وفى الاستطلاع الجديد، قالت نسبة 34% إنهم انحازوا إلى إسرائيل و35% إلى الفلسطينيين. وقالت نسبة 31% إنهم غير متأكدين أو يؤيدون كليهما بالتساوى.
*المساعدات الأمريكية لدولة الاحتلال.
تعارض أغلبية الناخبين الأمريكيين الآن إرسال مساعدات اقتصادية وعسكرية إضافية لإسرائيل، وهو تحول مذهل فى الرأى العام منذ هجمات 7 أكتوبر 2023. وقال حوالى ستة من كل عشرة ناخبين إنه ينبغى على إسرائيل إنهاء الحرب، حتى لو لم يفرج عن الأسرى الإسرائيليين المتبقين أو لم يتم القضاء على حماس. وقالت نسبة 40% من الناخبين إن إسرائيل تقتل المدنيين عمدًا فى غزة، أى ما يقرب من ضعف عدد الناخبين الذين وافقوا على هذا التصريح فى استطلاع عام 2023.
وبالنظر إلى نتائج استطلاع نيويورك تايمز مجتمعة، فإنها تظهر تدهورًا كبيرًا فى دعم حليف أمريكى قوى تمتع بعقود من الدعم من كلا الحزبين. ويمثل هذا الانخفاض تحولًا كبيرًا غير معتاد فى الرأى العام فى هذه الحقبة شديدة الاستقطاب، حيث يميل الرأى العام إلى التحرك تدريجيًا على مدى فترات طويلة ما لم يتأثر بأحداث كارثية كالحرب.
*تحديات تواجه التحالف الأمريكى- الإسرائيلى فى المستقبل.
كما يشير الاستطلاع أيضًا إلى تحديات تواجه التحالف الأمريكى- الإسرائيلى فى المستقبل. وتعد إسرائيل أكبر متلق تراكمى للمساعدات الخارجية الأمريكية منذ تأسيسها عام 1948، حيث تلقت مئات المليارات من الدولارات كدعم. وكان الناخبون الأصغر سنا بغض النظر عن انتمائهم الحزبى، أقل ميلا لدعم استمرار هذا الدعم. وعبّر سبعة من كل عشرة ناخبين دون سن الثلاثين، أنهم يعارضون المساعدات الاقتصادية أو العسكرية الإضافية. ويعود جزء كبير من التحول فى الآراء بشأن إسرائيل إلى الانخفاض الحاد فى دعم الناخبين الديمقراطيين. أما الجمهوريون فلم يتغير دعمهم لإسرائيل إلى حد كبير، على الرغم من وجود انخفاض طفيف.
=وقبل عامين تقريبًا، كان الديمقراطيون منقسمين بالتساوى، حيث تعاطف 34% منهم مع إسرائيل و31% مع الفلسطينيين. أما الآن، فإن الديمقراطيين العاديين فى جميع أنحاء البلاد ينحازون بأغلبية ساحقة إلى الفلسطينيين، حيث قالت نسبة 54% إنهم يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين، بينما أعربت نسبة 13% فقط عن تعاطف أكبر مع إسرائيل.
*مع وقف الحرب: ثمانية من كل عشرة ديمقراطيين.
وقال أكثر من ثمانية من كل عشرة ديمقراطيين، إن على إسرائيل وقف الحرب حتى لو لم تحقق أهدافها، وهى زيادة ملحوظة عن نسبة 60% تقريبًا التى قالت الشىء نفسه قبل عامين.
ويعتقد ما يقرب من ستة من كل عشرة ديمقراطيين أن إسرائيل تقتل المدنيين عمدًا، أى ضعف نسبة مَن قالوا الشىء نفسه فى عام 2023.
وتقول الصحيفة إن أكبر حركة داخل الحزب الديمقراطى جاءت من مصدر غير متوقع: الديمقراطيون البيض، الحاصلون على تعليم جامعى وكبار السن، الذين أصبحوا عماد الحزب فى الانتخابات الأخيرة. كان الديمقراطيون الأصغر سنًا والديمقراطيون غير الحاصلين على تعليم جامعى أكثر تعاطفًا مع الفلسطينيين عندما بدأ الصراع قبل عامين تقريبًا.
وفى عام 2023، تعاطف الناخبون الديمقراطيون الذين تبلغ أعمارهم 45 عامًا فأكثر مع إسرائيل على الفلسطينيين بنسبة 2 إلى 1. ولكن الوضع هذا انعكس الآن، حيث قالت نسبة 42% إنهم يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين، مقارنة بـ17% يشعرون بتعاطف أكبر تجاه إسرائيل.
وكان تراجع الدعم لإسرائيل بين الديمقراطيين البيض أكثر وضوحًا من التحولات بين الديمقراطيين غير البيض. وكان الديمقراطيون غير البيض بالفعل أكثر تعاطفًا مع الفلسطينيين عندما بدأ الصراع. وواجه الرئيس السابق جوزيف بايدن انتقادات لاذعة لدعمه إسرائيل خلال فترة ولايته، بما فى ذلك الاحتجاجات المشاغبة التى استمرت حتى مع اتخاذه موقفًا أكثر تشددًا تجاه الحكومة الإسرائيلية.
وعلى النقيض من ذلك، يدعم الناخبون الجمهوريون الرئيس ترامب إلى حد كبير. وقال سبعة من كل عشرة جمهوريين إنهم يؤيدون تقديم مساعدات إضافية لإسرائيل. وقالت غالبية الجمهوريين إن على إسرائيل مواصلة الحملة العسكرية حتى إطلاق سراح جميع الأسرى، حتى لو أدى ذلك إلى سقوط ضحايا من المدنيين. وقالت نسبة 47% إن الجيش الإسرائيلى يتخذ احتياطات كافية لمنع سقوط قتلى من المدنيين، ومع ذلك، انخفض حتى دعم الجمهوريين، وإن كان بنسبة أقل بكثير.
* مفارقات
ولا يزال الجمهوريون يتعاطفون مع إسرائيل أكثر من الفلسطينيين، بنسبة 64% مقابل 9%. لكن هذه الأرقام تشير إلى انخفاض فى الدعم بنسبة 12% منذ عام 2023، عندما أيد 76% منهم إسرائيل. وقال حوالى ثلث الجمهوريين إن الجيش الإسرائيلى لا يتخذ إجراءات كافية لمنع سقوط قتلى من المدنيين.
* ما الذى ينقص خطة ترامب للسلام فى غزة؟
ما يفهم اليوم، أن إعلان خطة السلام هو الجزء السهل، أما تنفيذها فهو أصعب بكثير.
كشف الرئيس ترامب عن مقترح من عشرين نقطة لإنهاء الصراع المدمر فى غزة. نظريًا، يبدو هذا المقترح معقولًا فى معظمه، وهو بالتأكيد أفضل من البديل، وهو ما يجب أن يُقاس عليه. من بين عناصر أخرى، تتضمن الخطة إنهاء الحرب، وإعادة الرهائن المتبقين، وزيادة المساعدات إلى غزة، ونزع سلاح حماس، وربما نفيها، وتوفير مسار نهائى نحو الحكم الذاتى الفلسطينى. والأهم من ذلك، أن المقترح ينفى أيضًا مساعى ترامب السابقة لـ«تطهير» غزة من سكانها من أجل بناء منتجع أمريكى، ما يعكس خطأً فادحًا أجّج حلم اليمين الاستيطانى الإسرائيلى بتطهير غزة عرقيًا.
باختصار، خطة ترامب عبارة عن مجموعة من الأفكار المعقولة عمومًا، والتى تُتداول منذ سنوات، لكنها لم تُنفَّذ، لأن طرفى الصراع لديهما تحفظات قوية على بعضها. والسؤال هو: هل تغير أى من ذلك؟ يحظى اقتراح ترامب بدعم الاتحاد الأوروبى، والسلطة الفلسطينية، ودول عربية رئيسية، وعائلات الأسرى الإسرائيليين، وتركيا وقطر، راعيتى حماس. وفى البيت الأبيض، حظيت الخطة أيضًا بدعمٍ محدود من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذى أشاد بها باعتبارها تُحقق أهداف الحرب الإسرائيلية.
.. وهذا ما يؤشر اليه الباحث يائير روزنبرغ، فى النشرة الإخبارية اليومية لصحيفة «ذا أتلانتيك» The Atlantic.
لكن كل ذلك كان الجزء السهل. أما الجزء الصعب فهو التنفيذ. ترامب، الذى لطالما كان بائعًا متجولًا، قدّم الاتفاق على أنه مُبرم. يتابع يائير روزنبرغ، (..) لكن العمل الحقيقى لم يبدأ بعد. هل يستطيع ترامب وحلفاؤه فى الشرق الأوسط إقناع حماس بالموافقة على تنازلات، مثل نزع السلاح، رفضتها حتى الآن؟ وهل يستطيع الرئيس منع نتنياهو من التراجع عن الاتفاق إذا ما هدد ائتلافه اليمينى المتطرف فى البرلمان؟ لكى تنجح هذه الخطة، سيحتاج ترامب إلى أصدقائه فى قطر وتركيا، اللتين تؤوى دولتاهما قادة حماس، لتسليم الجماعة الإرهابية، وسيحتاج إلى رعاية رئيس الوزراء الإسرائيلى لضمان التزامه بالاتفاق.. وهذا نوع من الفهم الجيوسياسى الأمنى لما يريد ترامب:
* أولًا:
من الناحية النظرية، يتمتع الرئيس بموقع فريد لتحقيق هذه الأهداف. يتمتع ترامب بعلاقات دافئة مع قادة قطر وتركيا، بعد أن استضاف كليهما مؤخرًا فى البيت الأبيض. كما يتمتع بنفوذ على نتنياهو لم يتمتع به أى رئيس أمريكى حديث. وذلك لأنه على الرغم من أن نتنياهو كان يسوق نفسه سابقًا فى بلاده على أنه حصن ضد ضغوط الرؤساء الأمريكيين الليبراليين مثل باراك أوباما، ما يعزله عن مطالبهم، فقد قدم نفسه كحليف لترامب الشعبوى. حتى إن رئيس الوزراء ظهر على ملصقات حملة ضخمة، ما يعنى للناخبين أنه وحده القادر على إدارة علاقة إسرائيل بالزعيم الأمريكى المتقلب. ومع اقتراب الانتخابات الجديدة فى عام 2026، لا يمكن لنتنياهو أن يكون على خلاف مع الرجل الذى يعد دعمه محوريًا لحجته الانتخابية، ولهذا السبب لم يكن أمامه خيار سوى دعم خطة ترامب فى واشنطن.
* ثانيًا:
إن الموافقة المبكرة مهمة، لكنها لا تضمن نجاح الاتفاق. لم توافق حماس بعد على المقترح، وقد ترد بـ«نعم» بهدف إطالة أمد المفاوضات وإلقاء اللوم على إسرائيل فى فشلها فى نهاية المطاف. فى هذه الأثناء، سيواجه نتنياهو رد فعل عنيفًا من أعضاء اليمين المتطرف فى ائتلافه - الذين يسعون إلى تطهير غزة عرقيًا وضمها وإعادة توطين سكانها - وقد يحاول الانسحاب من الاتفاق إذا خشى أن يؤدى إلى انهيار حكومته.
* ثالثًا:
كما قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد اليوم، فإن نتنياهو «عادةً ما يقول نعم فى واشنطن، عندما يقف أمام الكاميرات فى البيت الأبيض ويشعر بأنه رجل دولة رائد، ولكن عندما يعود إلى إسرائيل والقاعدة تُذكره بمن هو المسيطر». فى الواقع، لنتنياهو تاريخ طويل فى التراجع عن الاتفاقيات التى تفاوض عليها بشق الأنفس لاعتبارات سياسية داخلية. لكن لم يكن لأى من هذه الاتفاقيات رئيس أمريكى على الجانب الآخر. يمتلك ترامب القدرة على إجبار نتنياهو؛ والسؤال هو: هل هو قادر على إيلاء الاهتمام اللازم للقيام بذلك؟
* رابعًا:.
الحقيقة القاتمة حول حرب غزة هى أن معظم الفلسطينيين والإسرائيليين أرادوا إنهاءها منذ شهور، لكن قادتهم فضّلوا مصالحهم الأيديولوجية على الإرادة الشعبية. وكما قال محمد البلتاجى، البالغ من العمر 47 عامًا من مدينة غزة، لوكالة فرانس برس بعد إعلان ترامب عن خطته: «كما هو الحال دائمًا، توافق إسرائيل، ثم ترفض حماس - أو العكس. إنها لعبة، ونحن الشعب من يدفع الثمن». من الصعب توقع أن تنتهى هذه الجولة الأخيرة من الدبلوماسية بشكل مختلف. ولكن من الخطأ ألا نأمل.
*.. أزمة خلق وقائع جديدة
ما يُقال فى خطة الرئيس الأمريكى ترامب، وهى بالتالى خطة الإدارة الأمريكية والبنتاجون، أن واشنطن ومن خلفها تل أبيب، تريد أن تكرسا واقعًا جديدًا فى غزة والضفة الغربية والقدس، وبالتالى المنطقة، يقوم على مفهوم الغالب والمغلوب، وهذا ما عبّر عنه الموفد الأمريكي، سيد الذكر (..) توم باراك عندما اعتبر الشرق الأوسط مقسمًا على عشائر وقبائل، من دون اعترافه بمنطق الدول أو مفاهيمها، وقال إن هذا الصراع تاريخى وقديم وسيكون فيه طرف منتصر وطرف خاضع. والمقصود هو أن تكون إسرائيل هى المنتصر. وإسرائيل نفسها لا تزال تتجهز لمواصلة الحروب فى المنطقة، بدلالة إعادة فتح جبهات حرب ضد حزب الله فى لبنان، وإما ضد إيران نفسها، إضافة إلى استمرار المواجهة المفتوحة والمتقطعة ضد الحوثيين، وذلك بعدما أعلنوا التنصل من الاتفاق الأمريكى الحوثى.
عمليًا، المنطقة تنتظر ردود أفعال إيران على هذه الخطة، خصوصًا فى ضوء تجدد العقوبات الدولية عليها، ومحاولة تعريتها من حلفائها وتركها وحيدة على المستوى الدولى، لا سيما أن واشنطن شاركت عددًا من الدول فى صياغة مقترح وقف النار، وهذه الدول العربية والإسلامية ومن ضمنها إندونيسيا وتركيا وباكستان، ما يجعل إيران وحيدة، وخياراتها ضيقة، فيما إسرائيل تواصل التحضير للتصعيد ضدها وضد حلفائها، لتستكمل تغيير توازنات الوضع السياسى والأمنى فى المنطقة، وربما فى كل الشرق الاوسط، ارتباطًا ربما يدور من ترتيبات فى سوريا ولبنان وقطاع غزة.
السائد سياسيًا، أن ما يعرضه ترامب ونتنياهو على حماس فى غزة هو نفسه المعروض على إيران أى خيار الاستسلام، وعلى لبنان وحزب الله، وعلى سوريا أيضًا. فإيران تواصل فتح قنواتها التفاوضية فى محاولة لتجنب التصعيد. أما سوريا فسبق أن دخلت فى مفاوضات مباشرة لا تزال عالقة عند نقاط مختلفة فى ظل التشديد الإسرائيلى على استمرار السيطرة برًا وجوًا. وأما لبنان فقد عُرض عليه التفاوض المباشر مع إسرائيل لكنه رفض، بينما الخطة الأمريكية تبدو متعثرة على طريق سحب سلاح حزب الله الذى يرفض تسليمه، بل أعلن أمينه العام عن أنه يعمل على إعادة بناء القدرات العسكرية.
فى ضوء ذلك كله، تبدو خطة ترامب، بحسب آخر التحليلات السياسية الأوروبية، وكأنها تخاطب الفلسطينيين فى غزة، لتحاكى حزب الله فى لبنان أو الدولة اللبنانية كلها، وتضع الجميع أمام استحقاق القبول بما هو معروض، وتَحدّى قيام مؤسسات الدولة الرسمية بتنفيذه، ما قد يضع اللبنانيين فى مواجهة بعضهم البعض، أو أن تستغل إسرائيل الفرصة لتوسّع عملياتها العسكرية وترفعها إلى درجة تدميرية أكبر، إضافة إلى عزل لبنان وتركه لمصيره، فلا يُسمح لأى طرف بتقديم المساعدات اللازمة لا للدولة ولا للمجتمع ولا للمؤسسات، هنا هى مؤسسات أمنية واقتصادية ضمن الحوافز..
الرأى النظرى السياسى الذى توصل إليه السياسى الأردنى د. محمد أبورمان، ينحو إلى مفاصل مهمة هى:
1. لن أقدم فى هذه العجالة نصيحة بقبول أو رفض خطة ترامب المقترحة، لكن من الضرورى أن نستوعب الأسباب الموضوعية لاختلال موازين القوى «ليس فقط قوة إسرائيل أو تماهِى واشنطن معها، بل علة أعمق تتجسد فى فوضى وانقسامات وغياب مؤسساتى فعال داخل النظام العربى وفى الممثل الفلسطينى نفسه». وهذا على وجه الخصوص ما يمنع تفعيل أى رافعة عربية قادرة على مواجهة أو حتى موازنة الضغوط الخارجية. وعليه، تضع هذه الفوضى الشريك العربى فى موقف التابع بدلًا من الفاعل.
2. الوجود العسكرى الأمريكى فى المنطقة واسع ومتنوع، ويشمل قواعد دائمة ومنشآت تشغيلية فى عدة دول خليجية وعربية، هذا عامل جيو-استراتيجى حقيقى يؤثر فى ميزان القوى.
3. على صعيد الخطط العربية، تطرح بين الحين والآخر أفكار لإنشاء قوة عربية مشتركة «شبيهة بناتو» أو أنظمة تعاون دفاعى إقليمى، لكنها اصطدمت بالصعوبات العملية «هيكل قيادة، موثوقية، تفاوت القدرات، والسياسات الخارجية المختلفة، تنافس الأنظمة العربية، وتبعية عامة لواشنطن».
ما هو الحل؟ يلفت أبورمان:
1. بناء منظومة أمنية عربية متكاملة قائمة على شراكات متعددة الأطراف مع فاعلين غير أمريكيين فى مجالات التدريب والتسليح والاستخبارات.
2. اتخاذ الخطوة الاستراتيجية الكبرى المتمثلة فى التدرج فى تقليص الاعتماد على القواعد الأمريكية، عندها فقط يمكن خلق قوة عربية عملية ومستقلة يمكن لها إحداث نوع من الردع السياسى ضد صانعى القرار فى واشنطن وتل أبيب.
3. تخليص دول مثل الأردن ومصر من المساعدات الأمريكية، وهذا يتطلب دعمًا عربيًا لهاتين الدولتين لتمكينهم من التخلص من الديون وبناء القدرات بعيدًا عن واشنطن التى لا تقدم المساعدات لوجه الله تعالى، فهى ليست جمعية خيرية وإنما تمثل المساعدات بالنسبة لها أحد أهم عناصر الضغط والتحكم.
4. إيجاد إطار سياسى مشترك، لا أتحدث هنا عن وحدة عربية وإنما تأسيس مجلس أمنى عربى أعلى «تحت مظلة جامعة الدول أو آلية بين-حكومية»، يقر استراتيجية أمنية إقليمية ومبادئ للتدخل الجماعى، مع قواعد اشتراك واضحة.
5. بناء قوة ردع مشتركة تدريجيًا، أى وحدات تدخل سريع، قوة بحرية مشتركة، منظومة دفاع صاروخى إقليمية تدار تعاونيًا، مراكز استخبارات إقليمية لتبادل المعلومات العسكرية-السيبرانية.
6. شراكات تسليح وتدريب غير أمريكية مع ما يتطلبه ذلك من فتح قنوات مع روسيا والصين وباكستان وتركيا لأغراض تدريبية وتسليحية وبناء صناعات دفاعية إقليمية. طبعًا، الفكرة هنا ليست لخلق تبعية جديدة بل تنويع مصادر القوة.
7. استراتيجية للمطابقة التقنية والتشغيلية، وما يتطلبه من وضع معيار موحد للاتصالات، تدريب مشترك سنوى، وتقييم جاهزية سنوى يحدد ما يمكن تسليمه من مهام إقليمية.
8. خطة زمنية لتقليص وجود القواعد الأمريكية، وهذا يستلزم ترتيبًا سياسيًا وقانونيًا مع الدول المستضيفة للقيام بسحب التصاريح تدريجيًا مع ضمانات متبادلة، وتسليم بعض المنشآت لصالح قوات عربية مشتركة أو للحكومات المضيفة.
.. وعن شروط نجاح الخطة، يعتقد:
1. توافق سياسى عربى (تجاوز النزاعات الثنائية).
2. تمويل مستدام (موازنة دفاعية إقليمية مع استثمارات فى صناعات دفاعية محلية).
3. توافق استراتيجى مع الفاعلين الإقليميين الكبار (مصر، السعودية، الجزائر، العراق، الإمارات، وربّما تركيا عبر قنوات منفصلة إذا أمكن تخفيف التوتر).
4. استعداد للمخاطرة الدبلوماسية والقدرة على مواجهة ردّ فعل أمريكى اقتصادى أو سياسى محتمل، لذلك يجب أن تكون الخطوات محسوبة ومتدرجة.
المخاطر والاعتراضات المتوقعة
1. فصل قواعد أمريكية بالقوة أو دفعة مفاجئة سيؤدى إلى فراغ أمنى واستهداف اقتصادى ودبلوماسى. لذلك الخروج يجب أن يكون مدروسًا وبوتيرة تتضمن بدائل وحلولًا تحفظ الحد الأعلى من الاستقرار.
2. احتمالية استغلال القوى الكبرى للانقسامات بين الدول العربية لإجهاض المشروع، لذا أهمية وحدة القرار وتدرج الثقة.
.. غزة.. مصر.. الأردن
.. مع كل ذلك، كلمة حق، وتقدير سياسى، غزة القطاع والسكان والمقاومة بكل صمودها وتعبها وصبرها وكل شهداء معركة طوفان الأقصى منذ السابع من تشرين الأول، أكتوبر ٢٠٢٣، مسارات جعلت قيم دلالات المواقف السياسية السيادية لعمق التنسيق المصرى الأردنى، وهو التنسيق الذى قادة الملك عبدالله الثانى ملك المملكة الأردنية الهاشمية، وتكلل بتنسيق عريق سيادى مع الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، ذلك أن جمهورية مصر العربية، دولة وسطاء، لها قوتها ودورها فى حفظ الأمن القومى العربى، ودعم وحماية سكان قطاع غزة.
الأردن ومصر، بالتنسيق مع قطر والسعودية، استطاعت الجهود، منع سياسات التهجير والتصفية للقضية الفلسطينية، عدا عن التهجير القسرى والتطهير العرقى، عدا عن أن الأردن ومصر تحديدًا، كانت لها مواقفها فى ردع أى توجه عسكرى سلبى، إذ كانت نوايا السفاح نتنياهو وحكومة التطرف التوراتية الإسرائيلية النازية، ترنو إلى خلط أوراق الحل ومنع إيقاف الحرب وإدخال المساعدات الب قطاع غزة.
واقع اليوم، أن المنطقة، مصر والأردن وكل دول جوار فلسطين المحتلة، تحتاج إلى وقفات جدية، قوة وإرادة وصلابة مواقف شعبية وسيادة قيادية، إذ إن التوجه القادم، أن الأردن ومصر ستعمل بكل ثقل نحو إعادة تأكيد قوة التنسيق المشترك، تحسبًا لأى نتائج يفرزها واقع خطة السلام من الطرف الأمريكى.
.. مصر والأردن، حالة استثنائية فى العمل العربى والإسلامى المشترك لمواجهة خطر تهديدات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، عدا عن إفرازات الضغوط الأمريكية والأوروبية المتباينة.
مصر والأردن، انطلاقهما:
-لا للتهجير.
-لا لتفريغ مقومات قطاع غزة السكانى والجيوسياسى.
-ضرورة إعادة إعمار غزة بيد أبناء القطاع وضمن مقومات الخطة المصرية العربية الإسلامية التى جرى التوافق عليها عربيًا ودوليًا وأمميًا.
.. وهنا كلنا مع استقرار وقوة مصر.. وقوة جيش مصر فى مفهومه للقوة والسلام، وهى خيارات يدعمها الأردن وكل دول العالم، عدا عن شعوب الأمة العربية والمصرية والإسلامية الإفريقية؛ دعمًا لمصر القوة.. والاستقرار:
-تحيا مصر