عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Dec-2025

عام على هروب الأسد*احمد ذيبان

 الراي 

تحتفل سوريا هذه الأيام بمرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وهروبه الى موسكو ، وخلال هذا العام مرت سيول غزيرة من المياه تحت الجسور، لكنها مليئة بالتحديات حيث يتطلب الأمر بناء دولة جديدة على تركة ثقيلة خلفها النظام المنهار، لعل أهمها صياغة علاقات عربية ودولية ليست سهلة، لكن ربما الجزء الأهم منها هو التحديات التي تشكلها دولة الاحتلال الصهيوني، حيث بدأت باحتلال أراض سورية جديدة، بضمنها جبل الشيخ والغاء اتفاقية فك الارتباط التي وقعت عام 1974، فضلا عن الاعتداءات المتواصلة والتجاوزات على قرى سورية، ومطالبة اسرائيل باقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح جنوب دمشق، في ابتزاز واضح لظروف سوريا الجديدة، الخارجة من حرب مدمرة شنها النظام على شعبه.
 
والأخطر من ذلك التدخلات الاسرائيلية بما تسميه حماية دروز سوريا، وما توفره ميليشيا الهجري من غطاء لهذه الذريعة، بالاضافة الى اللعب على الورقة الكردية التي تشكلها ميليشيات ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ومماطلة هذه الميليشيات في تنفيذ اتفاق 10 آذار الموقع بين "قسد" والحكومة السورية!
 
مقابل ذلك لا بد من التأكيد على الانجازات التي حققها الحكم الجديد لسوريا، بضمنها الانفتاح على المحيط العربي، وحالة الارتياح الكبيرة التي شعر بها لبنان الذي عاني الأمرين من تدخلات النظام المخلوع في شؤونه الداخلية، حيث التزمت قيادة سوريا الجديدة باستقلال لبنان كدولة سيدة على أراضيها، بالاضافة الى جهود سوريا الجديدة في تطبيع العلاقات مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، ونجاح القيادة السورية الجديدة في تخفيف العقوبات الأميركية التي فرضت على النظام المخلوع.
 
ولا يزال أمام سوريا الجديدة مهمات صعبة تتعلق باعادة الاعمار ، الذي تقدر كلفته بين 200 و250 مليار دولار، وهو رقم هائل لا يمكن توفيره الا من خلال مساعدات عربية ودولية واستثمارات خارجية. والخشية أن تقع سوريا تحت هذه الضغوط في حبائل صندوق النقد والبنك الدوليين، وما يترتب على ذلك من اشتراطات قاسية!
 
مطلوب من العرب بالدرجة الأولى وخاصة دول الخليج العربي، ضخ استثمارات كبيرة لمساعدة سوريا في التغلب على هذه التحديات، وهي استثمارات مربحة ومهمة للحفاظ على استقرار سوريا وأمنها.
 
وأكثر من ذلك فان سوريا خرجت من مرحلة صعبة دمرت فيها البلاد، بسبب الحرب الذي شنها النظام المخلوع على الشعب السوري لمدة تزيد عن 15 عاما، واستخدمت فيها البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية، واعتماد نظام الأسد على وصاية ايرانية وروسية لحمايته، وعاثت فيها فسادا الميليشيات الطائفية التي استأجرها النظام الايراني، ولعل من أهم انجازات العهد الجديد تطهير سوريا من نفوذ نظام الملالي.
 
لقد نجحت الثورة السورية بما يشبه المعجزة في اسقاط نظام بشار، والتخلص من حكم عائلة الأسد الذي استمر نحو 54 عاما، لكن الثمن كان باهظا حيث سقط خلال هذه الثورة ما يقارب مليون شهيد، وهجر داخل سوريا وخارجها أكثر من 12 مليون سوري، فضلا عن تدمير مدن وقرى بشكل شبه كامل.
 
ولهذا السبب من حق الشعب السوري، أن يحتفل بمرور عام على سقوط نظام الأسد، وهو ما يحدث هذه الأيام من خلال ما تبثه الفضائيات من احتفالات في مختلف المدن السورية، حتى داخل المدن التي كانت تعتبر محسوبة على نظام الأسد مثل اللاذقية وغيرها.
 
ان أخطر شيء تواجهه سوريا الجديدة هو المطالبات بتقسيم البلاد، وهو ما تسعى له ميليشيات الشيخ الهجري في السويداء، ومطالباته بحماية اسرائيلية دون ادراك أن دولة الاحتلال تستخدم هذه الورقة، ليس حبا بالدروز بل من أجل الدفع نحو تقسيم سوريا، لكي تبقى دولة ضعيفة مشغولة بنزاعات داخلية طائفية وعرقية، فيما تشكل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" تحديا آخر حيث تسعى للانفصال عن سوريا.
 
والحقيقة أن القيادة السورية الجديدة برئاسة الشرع، أثبتت بعد مرور عام على اسقاط نظام بشار، قدرة عالية في البراعة الدبلوماسية، في مواجهة التحديات الهائلة التي خلفها النظام المخلوع، حتى ان الشرع زار موسكو والتقى الرئيس الروسي بوتين في موسكو نفسها، التي كانت تشارك في حماية نظام الاسد وشاركت في قتل الشعب السوري وتدمير البلاد، وربما كانت زيارة موسكو رسالة الى بشار الذي هرب اليها، أن من يعتمد على الدعم الخارجي لحمايته حتى من قبل قوة عظمى مثل روسيا، من السهل التخلي عنه بسهولة لأن الدول تسعى لمصالحها، لكن مع ذلك فان سوريا الجديدة بحاجة الى المزيد من الدعم العربي والدولي، وخاصة للمساعدة في ردع الاعتداءات الاسرائيلية على أراضيها وسيادتها.