عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Jun-2025

هذا البلد لا يحب الحرب. لكنه يعرف جيدًا كيف يحرس نفسه منها* رنا حداد

الدستور -

 
على الجمر، يقف الأردن كما اعتاد دائمًا: هادئًا في العلن، متأهبًا في العمق، صامدًا على حافة الاحتمالات.
الحرب اليوم ليست بعيدة. من طهران إلى تل أبيب، تُقرع الطبول، وتُعدّ الصواريخ، ويُختبر صبر الجغرافيا. كل شيء يشتعل في الإقليم، لكننا هنا، في هذا الوطن المتماسك رغم تعبه، نُدرك أن الحرب لم تكن يومًا بطولة، وأن البقاء على الحياد في زمن الجنون ليس ضعفًا... بل مسؤولية.
لسنا طرفًا في معركة العروش، ولا ورقة على طاولة المقامرين الإقليميين.
نحن الأردن، البلد الذي يتنفس بين لهب غزة وصقيع الاتفاقيات، بين صوت الأطفال تحت الركام، وصمت العالم المتواطئ.
يعرف الأردني جيدًا أن الاندفاع نحو التصعيد ليس بطولة، وأن أمنه ليس سلعة قابلة للمزايدة. ننام ليلًا على صوت الطائرات، لكننا لا نغلق أعيننا عن الحقيقة: هذه ليست حربنا، لكن نارها قريبة، وعلينا أن نكون أكثر وعيًا من أن نكون مجرد وقود في معركة لا تشبهنا.
نحن شعب تعلّم كيف يحمل الوطن على كتفيه. فتحنا بيوتنا لأشقاء، وقاسمنا اللقمة، وصمدنا حين سقط غيرنا في فخ الفوضى.
اليوم نُطالب بحقّنا في الخوف، نعم... في الحذر، في حماية أنفسنا، وأولادنا، وحدودنا. وهذا ليس حيادًا مخزيًا، بل موقف نابع من حب الوطن، ومن دروس الدم التي حفرتها السنوات.
وفي الوقت ذاته، لن نصمت عن الظلم. فلسطين ليست عنوانًا للتعبئة الموسمية، بل جرح مفتوح في صدر كل أردني. ولأننا نعرف المعنى الحقيقي للعدالة، فإن قلوبنا مع من يُحاصرون، ويُقصفون، ويُحرقون... بصمت دولي يشبه التواطؤ أكثر مما يشبه العجز.
في لحظات التوتر الكبرى، لا تُقاس الأوطان بما تملكه من طائرات، بل بما تملكه من وعي. ونحن هنا، في هذا الوطن المحاط بالخطر، نراهن على وعي أبنائه. على شجاعتهم الهادئة. على صبرهم الذكي.فالأردن... وطنٌ يحرس النار ولا يحترق.