عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Jul-2025

الحساب على جرائم الحرب سيأتي

 الغد

هآرتس
بقلم: نوعا ستات
 
 
 
 تداعيات هذه الحرب، الكارثة بأبعاد تاريخية، ستستغرق وقتا كي نفهمها بشكل كامل. غير بعيد اليوم الذي سيتعين فيه على اسرائيل البدء في مواجهة جرائم الحرب التي ينفذها الجيش في غزة، ومحاولة ترميم نفسها قيميا واخلاقيا. الاجيال القادمة يجب عليها دفع تكلفة الحرب، إعادة الإعمار المادية لغزة ستستمر لسنوات وستطارد أولادنا وأحفادنا. هناك ضرر أقل إمكانية للقياس منه ولكن يمكن ان يكون اكثر أهمية منه وهو الاستخفاف بحياة الناس.
 
 
 الـ 21 شهرا الأخيرة التي فيها تقريبا كل يوم يقتل عشرات الغزيين، معظمهم أبرياء، محت تقريبا بشكل كامل نظرة الفلسطينيين لقيمة الحياة. العنصرية في اساسها هي نظرية للهرمية الاجتماعية ومنظومة من الصور النمطية السلبية، التي استهدفت تبرير والسماح بوجود وضع قائم من التمييز وعدم المساواة. كلما تحولت السياسة في غزة الى سياسة منفلتة العقال اكثر فاكثر فان النظرة للغزيين في اوساط الجمهور اليهودي الاسرائيلي تصبح اقل انسانية بشكل متزايد، من اجل السماح بارتكاب جرائم حرب.
 على خلفية القلق والصدمة والحزن في الرأي العام في اسرائيل بعد المذبحة في 7 اكتوبر، كان التطرف العنصري حادا وسريعا.
 حياة جميع الغزيين اصبحت اقل اهمية من حياة القطط في الشارع. الشباب في غزة لا يعتبرون أبرياء، أو أن حياتهم لها أي أهمية. قتل النساء والاطفال، وحتى الرضع، يعتبر مرة اخرى ضررا مقبولا يمكن تفهمه. الاستخفاف هو نتيجة لعمق القتل والدمار، وايضا لطريقة اتخاذ القرارات. حقيقة ان القرارات المهمة بشأن الحرب في الاشهر الاخيرة تم اتخاذها من قبل دونالد ترامب، الذي خطابه حول غزة هو خطاب ساخر، متقلب ومرتبط بالمزاج، ويحدد مصير الملايين، يدهور قيمة الحياة ويجعلها لعبة لا معنى لها. الاستخفاف بحياة الناس توجد له أثمان وظيفية.
 عندما ينسى الجمهور في اسرائيل بانه يعيش في غزة اناس لهم تاريخ وقيم ورغبات وتراث وافكار لا اساس لها في الواقع مثل الهجرة الطوعية، فانه يمكن سماع التنديدات واعاقة وحتى منع الحلول المنطقية. وعندما ينسى الجمهور الاسرائيلي بانه في غزة يعيش اناس لديهم احتياجات مختلفة ويطمحون الى حياة مستقلة وكريمة، وحلول لمساعدات انسانية على صورة الطحين في الشاحنات، يمكن ان ينظر إليه كأمر معقول بدل حل ترميم الزراعة بصورة تمكن الغزيين بالانفصال بالتدريج عن المساعدة.
 ان سلب انسانية الغزيين يؤدي الى ظاهرة التنكيل بالسجناء الفلسطينيين، غزيين وغيرهم، في السجون، لأن الأشخاص الذين لا يعتبرون بشرا يمكن تجويعهم وضربهم. الالتزام الوحيد هو توفير السعرات الحرارية الأدنى لهم كل يوم.
  على صعيد المنفعة نحن نعرف ايضا ان الظواهر غير الديمقراطية في المناطق مثل العنف والعنصرية والسلوك غير القانوني، تتسرب طوال الوقت الى داخل اسرائيل. اذا ترسخ معيار الاستخفاف بحياة الغزيين فذلك ستكون له تداعيات على قيمة الحياة داخل اسرائيل. ولكن اكثر من أي ثمن وظيفي، ثمن الاستخفاف بحياة الانسان هو ثمن قيمي وفوري. الأطفال الرضع في غزة وصلوا الى وضع الجوع وحتى الموت لأن إسرائيل لم تجد طريقة لنقل طعام الاطفال في مسافة 20 كم من أسدود الى داخل القطاع. هذا هو الواقع، ربما يصعب فهمه بشكل كامل تحت ضبابية الحرب، لكن هذه الصورة آخذة في الاتضاح رويدا رويدا. هذا هو الواقع غير المحتمل والذي لا يمكن قبوله.
 مطلوب قوى مندمجة لإخراجنا من الهاوية الاخلاقية التي غرقنا فيها. ليس فقط قيادة سياسية لا تخاف من قول الحقيقة للجمهور، بل ايضا منظومات قانونية يبدو انها فشلت خلال الحرب ولم تضع أي خطوط حمراء، مثل النيابة العامة، المستشارة القانونية للحكومة والمحاكم.
 مطلوب وسائل اعلام تلتزم بالحقيقة وتعكس للجمهور الاحداث الفظيعة التي الحكومة هي المسؤولة عنها.
مطلوب منظومات تعليم لا تخشى تعليم الاولاد كيفية المحاربة من اجل الديمقراطية، الانسانية والسلام، بدل الانشغال في مسابقة وهمية للوحدات القتالية. نطلب فنانين شجعان لا يخشون الكتابة والرسم وعكس الواقع للجمهور في المسرح، الشعر، المتاحف والسينما، كما يمكن للفن ان يعمل.
كل هذه المنظومات تم سحقها وانهيارها خلال ثلاث سنوات لحكم يعتبر الاكثر تدميرا منذ قيام الدولة. الفنانون خائفون، المعارضة تعمل حسب استطلاعات الرأي، مؤسسات الثقافة تناضل على كل شيكل، ولا مجال للتحدث عن النيابة العامة وجهاز القضاء. ولكن اضافة الى التفهم النسبي للظروف التي ادت الى انهيار هذه المؤسسات العظيمة فان هذه تعتبر دعوة للاستيقاظ، يجب أن تنفضوا الغبار عنكم والبدء في ترميم الاسس التي بنيت عليها والاظهار للجمهور مستوى الغرق في الهاوية وتقديم بديل عن سفك الدماء. النهضة والميزانية ورفع الاضطهاد عنكم سيأتي بعد ذلك.