عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Nov-2025

خروج من الأزمة أم انصياع لقوى محتلة؟.. لبنانيون منقسمون بعد دعوة عون للتفاوض مع الاحتلال

 الغد

بيروت - أثارت دعوة الرئيس اللبناني جوزاف عون المتكررة إلى التفاوض مع دولة الاحتلال، انقساما حادا في البلاد، بين من يرى فيها مخرجا واقعيا من دوامة التصعيد، ومن يعدها خضوعا للضغوط الدولية تحت موازين قوى مختلة.
 
 
لم تُبدِ إسرائيل ردا إيجابيا على دعوة عون، بل زادت من وتيرة خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع "حزب الله" بوساطة أميركية في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024.
وجاءت الاتفاقية بعد عدوان شنته إسرائيل على لبنان منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2023 ثم تحول في أيلول (سبتمبر) 2024 إلى حرب شاملة قتلت خلالها أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت نحو 17 ألفا آخرين.
كما خرقت إسرائيل أكثر من 4500 مرة اتفاق وقف إطلاق النار الساري مع "حزب الله"، ما أسفر عن مئات القتلى والجرحى، مع تصاعد في عدوانها منذ أسابيع.
يأتي ذلك وسط تحركات دبلوماسية مكثفة لاحتواء التوتر، في وقت لم تتضح بعد معالم المبادرة اللبنانية المقترحة ولا آليات التفاوض التي يدعو إليها الرئيس.
في المقابل دعا "حزب الله" أول من أمس، إلى توحيد الموقف الوطني اللبناني في مواجهة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، وأعلن رفضه أي تفاوض سياسي جديد مع تل أبيب.
وقبل يومين، اعتبر الرئيس عون أن التفاوض لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب اللبناني "خيار وطني جامع".
ووجَّه "حزب الله"، الخميس الماضي، بيانا مفتوحا إلى رؤساء الجمهورية عون والحكومة نواف سلام ومجلس النواب نبيه بري والشعب اللبناني.
وتحت ضغوط كيان الاحتلال والولايات المتحدة أقرت الحكومة اللبنانية في 5 آب (أغسطس) الماضي حصر السلاح بيد الدولة، بما في ذلك سلاح "حزب الله".
ورحبت الحكومة بخطة وضعها الجيش اللبناني لتنفيذ القرار، غير أنها لم تحدد مهلة زمنية لتطبيقه، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة لإرضاء الحزب وقاعدته.
"تفاوض تحت النار"
المحلل السياسي والكاتب الصحفي غسان ريفي قال إن عون "يدرك تمامًا أنه لا يمكن لأحد أن يأمن الجانب الإسرائيلي"، موضحًا أن دعوته إلى التفاوض "تأتي من باب الحرص على حماية لبنان من إملاءات تُفرض بالقوة".
وأضاف: "ما هو مطروح اليوم هو تفاوض تحت النار، وهذا يعني استسلامًا إن حصل دون شروط واضحة"، معتبرًا أن الهدف من الدعوة "هو الحصول على مكاسب، لا للرضوخ أمام الضغوط".
وأشار ريفي إلى وجود "توافق ضمني وتنسيق" بين عون وبري حول اعتماد صيغة التفاوض غير المباشر عبر لجنة الميكانيزم (لجنة مراقبة وقف إطلاق النار الخماسية)، على غرار ما جرى خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية.
ولجنة "الميكانيزم" يترأسها جنرال أميركي وأعضاؤها فرنسا ولبنان ودولة الاحتلال، وقوة الأمم المتحدة المؤقتة "اليونيفيل" تتولى الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024. وتابع ريفي: "المطلوب أولًا أن توقف دولة الاحتلال اعتداءاتها وتبدأ بانسحاب جزئي، على أن تبحث اللجنة القضايا العالقة مثل مزارع شبعا والجانب اللبناني من قرية الغجر (جنوب)، وصولًا إلى تطبيق القرار 1701 ووقف إطلاق النار الكامل".
وفي 2006 اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 1701 بهدف وقف الأعمال العدائية بين "حزب الله" وإسرائيل، ودعا إلى وقف دائم لإطلاق النار على أساس إنشاء منطقة عازلة.
وبموجب القرار، سمح المجلس بزيادة قوة اليونيفيل إلى 15 ألف فرد، لمراقبة وقف الأعمال العدائية، ودعم الجيش اللبناني أثناء انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، وضمان العودة الآمنة للنازحين. وختم ريفي بالقول إن "عون وبري يتجهان نحو واقعية سياسية تتلاءم مع المتغيرات، من دون أي تفريط بالثوابت الوطنية".
ضغوط أميركية واستجابة ظرفية
بدوره اعتبر الكاتب والباحث وائل نجم أن دعوة الرئيس عون للمفاوضات "تأتي استجابة لضغوط أميركية متزايدة".
وأشار إلى أن واشنطن "تسعى لدفع لبنان إلى مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل لترسيم الحدود البرية وتثبيت وقف إطلاق النار".
وأوضح نجم أن "الولايات المتحدة تعد أن تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار يشمل حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، أي سحب السلاح من الفصائل التي كانت تقاوم الاحتلال".
وأضاف: "هذا الطرح لا يبدو أنه يردع الاحتلال بقدر ما يلبي رؤية واشنطن لترتيب الوضع في جنوب لبنان".
وتابع: "لا يملك لبنان اليوم سوى خيار الشروع في هذا المسار الدبلوماسي، مع محاولة توظيف علاقاته العربية والدولية للضغط على الكيان المحتل لوقف انتهاكاته، في ظل غياب أدوات القوة الداخلية الكافية لفرض الردع".
 الانقسام الداخلي وشبح الحرب
من جهته، رأى الكاتب الصحفي آلان سركيس، أن "التفاوض كان من المحرمات سابقًا، لكن التطورات الميدانية الأخيرة وانكسار محور الممانعة (الذي ينتمي إليه حزب الله بقيادة إيران) دفعت إلى طرحه بجدية".
وقال سركيس إن "الرئيس عون فتح الباب واسعا أمام التفاوض غير المباشر، لكن نجاح هذا المسار مرهون بشرطين: أولًا، موافقة حزب الله الذي لم يعلن موقفه النهائي رغم موافقة بري، وثانيًا مصداقية الحزب في الالتزام بنتائج المفاوضات".
وأشار إلى أن دولة الاحتلال "لم تعط بعد ردها للولايات المتحدة حول شكل التفاوض، سواء كان مباشرًا أو غير مباشر"، معتبرا أن تأخر الرد يبقي احتمال الحرب واردا في أي لحظة.
وأضاف الكاتب أن "انعدام الثقة العربية والدولية بالدولة اللبنانية وبحزب الله يزيد من هشاشة الموقف".
ولفت إلى أن "العودة إلى المظلة العربية والدولية والدخول في مفاوضات صادقة هو السبيل الوحيد لإنقاذ لبنان من الانهيار الأمني والسياسي".
وشدد سركيس على أن "موقف إيران سيكون حاسما، طالما أن حزب الله يتأثر بتوجهاتها، ما يجعل القرار اللبناني مرهونا بتطورات إقليمية ودولية معقدة".-(وكالات)