عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Aug-2025

بين بيروت والكويت... مشاهد لا تنسى* حمزة عليان

 الجريدة -

 
​في ذاكرتي أيام لا تنسى، أستدعيها حينما تدق ساعة الرحيل بين البقاء والهجرة إلى بلد انغرس في وجداني ولم يبرح منه.
 
​الكويت محطة متصلة من الذكريات والمشاهد التي عاناها أبناء جيلي، حفرت صوراً من المآسي والحروب التي ابتلينا بها، وهي صورة جعلتني أتوقف أمام شريط طويل من الأحداث التي رسمت خطوطاً من الهزائم والأوهام وكذلك الرحلات الصادمة المصاحبة لتلك الأيام.
 
​عام 1976 كانت أهوال الحرب الأهلية تزداد بشاعة، ولم يكن أمامي من خيار سوى البحث عن بديل، وقع الاختيار على الكويت، يومها كنت أعمل في جريدة السفير، تقدمت باستقالتي إلى رئيس التحرير، الأستاذ طلال سلمان، راح يروي لي ما حدث معه سنة 1963 عندما جاء ليعمل في «دنيا العروبة» لصاحبها العميد عبدالعزيز المساعيد، أجبته: لماذا لا تمنحني فرصة الذهاب إلى بلد عربي يشبه إلى حد كبير ظروف لبنان، وكلها ستة أشهر بعدها تكون الحرب الأهلية قد انتهت... وفعلاً حزمت حقائبي وأنا حزين ومكسور الخاطر على ما وصلت إليه الأمور في بلدي، وبدلاً من الأشهر الستة استمر العيش والبقاء في الكويت وتنقلت بين «القبس» و«الجريدة» إلى أيامنا هذه.
 
​ليلة الثاني من أغسطس 1990، كانت تمثل ذروة الأحداث بين الكويت والعراق، بعد أن وصلت التطورات إلى حافة الانفجار الكبير، وكنا نجلس في صالة التحرير بـ «القبس»، وفي حالة من الخوف والتوتر مما قد يحدث فجأة، وعلى وقع خطاب إعلامي عراقي أكثر وضوحاً بنواياه، قاربت الساعة الحادية عشرة ليلاً، عندما صاح أحد الزملاء بعد خروجه من غرفة وكالات الأنباء التي تحمل أخباراً خطيرة تشي بوجود حشود عسكرية على الحدود... وبعد أن صاغ الخبر وأعطاه للمخرج الفني، كان «الرقيب الحكومي» يراقب ويسمع، لكنه كان صامتاً، وعندما عرضت عليه «البروفة» للصفحة الأولى من الصحيفة رفع حاجبيه، وأجرى اتصالات... وجاء الجواب: ممنوع من النشر، لا حشود ولا تهديدات، بل مفاوضات وتهدئة.
 
​خرجنا من مبنى «القبس» ليلاً ونحن في حالة ضياع، والكل يسأل: هل سيدخل الجيش العراقي فعلاً ويحتل الكويت؟ أم يكتفي بالوصول إلى «الجهراء»؟ وماذا يريد صدام حسين حقيقة؟
 
​ظهر عدد «القبس» ليوم الخميس الثاني من أغسطس 1990 مثله كبقية الصحف بعناوين متشابهة... ما حصل عبارة عن أزمة عابرة!
 
​أمضيت عشرة أيام تحت الاحتلال العراقي، وقررت أن أغادر عائداً إلى بيروت مع مجموعة من الزملاء عن طريق الحدود البرية.
 
ما بين الهجرة إلى الكويت عام 1976، وتعدد الهجرات بعدها، نصل هذه الأيام إلى بيروت تلك المدينة الساحرة التي جعلتنا في محراب حبها وعشق أهلها والخوف الدائم عليها من حروب أنهكتنا وبتنا نتحسر على أيام زمان، أيام كنا نحلم بشعارات العروبة والوحدة والقومية اكتشفنا بعدها أننا كنا نعيش في عصر مليء بالأوهام... وهو شعور تبادلناه مع الأستاذة المخضرمة نورية السداني أخيراً.