عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Dec-2025

هل يعود الجنود الأميركيون الخاصون إلى مواقع المساعدات في غزة؟

 الغد

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
كونور إيكولز* - (رسبونسيبل ستيتكرافت) 28/11/2025
يدّعي المُبلِّغ عن المخالفات، أنتوني أغويلار، أن شركة جديدة تأمل فعليًا في تولي الأمور حيث غادرت "مؤسسة غزة الإنسانية" سيئة السمعة. ويقول خبراء المساعدات إن عمليات الإغاثة يجب أن تلتزم بقواعد صارمة من الحياد، وإلا فإنها قد تعرّض طالبي المساعدة من فلسطينيي القطاع للخطر.
 
 
أغلقت "مؤسسة غزة الإنسانية" أبوابها رسميًا في الأسبوع الأخير من تشرين الثاني (نوفمبر) بعد ستة أشهر فقط من إطلاقها. وكانت هذه الأخبار مبعثًا لارتياح عدد كبير من المنتقدين المتنوعين للمنظمة، الذين جادلوا بأن مقاربتها المخصخصة لتوزيع المساعدات أسهمت إلى حد كبير في مقتل نحو 2000 فلسطيني.
يعني هذا في الوقت الحالي أن تقوم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أخرى ذات خبرة طويلة في هذا المجال على إدارة المساعدات في القطاع، بالتنسيق مع "مركز التنسيق المدني-العسكري" الذي تقوده الولايات المتحدة. لكنّ المتعاقدين الخاصين ليسوا مستعدين تمامًا للتخلي عن طموحاتهم وإلقاء المنشفة بعد.
إحدى هذه الجهات المتعاقدة هي "حلول يو جيه" UG Solutions، وهي شركة خاصة كانت توفر الأمن المسلح لنقاط توزيع المساعدات التابعة لـ"مؤسسة غزة الإنسانية". وقد تعرّضت هذه الشركة لانتقادات حادة بسبب هذا العمل، بشكل خاص بعد سلسلة من الادعاءات التي أطلقها الجندي السابق في القوات الخاصة، "القبعات الخضراء"، والمتعاقد لدى شركة "يو جي سوليوشينز" أنتوني أغويلار، الذي زعم أنّه شاهد متعاقدين آخرين وهم يرتكبون جرائم حرب خلال انتشارهم في غزة. وكان مما زاد من تدهور سمعة الشركة الكشف عن أنها أرسلت ما لا يقل عن عشرة أعضاء من عصابة دراجات نارية معادية للمسلمين للعمل في الأمن داخل غزة.
لكن شركة "يو جي سوليوشينز" التي لم يردعها هذا الجدل، شرعت مسبقًا في توظيف الأفراد وتعزيز كوادرها استعدادًا لعمليات انتشار جديدة في ما يصل إلى 15 موقعًا لتقديم المساعدات في غزة ابتداءً من كانون الأول (ديسمبر)، وفقًا لموقع "دروب سايت". وليست "يو جي سوليوشينز" الشركة الوحيدة التي تطمح إلى لعب دور في غزة بعد الحرب. حسب "دروب سايت"، ثمة أيضًا شركة استشارية تُدعى "كيو تو إمباكت" Q2IMPACT التي حصلت بدورها على عقد أميركي بقيمة 7 ملايين دولار لـ"مراقبة فعالية المساعدات الإنسانية في فلسطين ولبنان".
وقال أغويلار لهذه المجلة إنه يعتقد أن "كيو تو إمباكت" تتولى الآن العمل الذي كانت تقوم به "مؤسسة غزة الإنسانية" وشركة حلول الأبحاث الآمنة "سيف ريسيرتش سوليوشينز" Safe Reach Solutions، التي كانت تنسّق المساعدات الخاصة مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية. وقال:
"الهدف من آلية المساعدات الخاصة تحت مظلة ’مؤسسة غزة الإنسانية‘، والآن تحت’ كيو تو إمباكت‘ و’يو جيه سوليوشينز‘، هو تهجير السكان، وتهيئة الظروف لقتل المدنيين العزل، وتنفيذ مخططات تجويع منهجي تحت غطاء المساعدات الإنسانية".
وقالت "يو جيه سوليوشينز" إنها ليست على علم بأي شركات جديدة تم التعاقد معها للقيام بـ"أعمال إنسانية أو لوجستية في غزة" في الوقت الراهن. وقال متحدث باسم الشركة لمجلة "ريسبونسيبل كرافت":
"لم توضع ’يو جيه سوليوشينز‘ في صورة مشاركة ’كيو تو إمباكت‘ ولم يتم إجراء أي محادثات مع الشركة، مع أننا منفتحون على إجراء محادثات معهم".
كما رفضت الشركة المزاعم عن ارتكاب متعاقديها جرائم حرب، متهمة أغويلار بأنه يروّج "الادعاءات المكررة نفسها التي تم دحضها مرارًا، على أمل البقاء ذا صلة بطريقة ما".
من جهتها، نفت وزارة الخارجية الأميركية أي نية للعودة إلى عمليات المساعدات المخصخصة، واتهمت أغويلار بأنه "يكذب". وعندما سُئلت الوزارة عن توضيح دور" كيو تو إمباكت" في توزيع المساعدات، لم ترد. كما لم تستجب شركة "كيو تو إمباكت" لطلب التعليق.
بصرف النظر عن الدور المحتمل لـ"كيو تو إمباكت"، كما قال أغويلار لمجلة "ريسبونسيبل كرافت"، فإن عودة "شركة ’يو جيه سوليوشينز‘ يجب أن تكون سببًا رئيسيًا للقلق. وذكر الجندي السابق في قوات النخبة الأميركية، "القبعات الخضراء"، أنه قبل نشره في غزة مع متدربين آخرين "لم يتلقوا أي تدريب على الإطلاق". وزعم أن الشركة "لم تتحقق من مؤهلات أو قدرات حراس الأمن الذين وظفتهم" في جولات التوظيف السابقة، مضيفًا أن الشركة تفتقر إلى الموارد اللازمة "لتدريب أفراد الأمن على نطاق مناسب للتعامل مع تعقيدات الأزمة الإنسانية في غزة".
نفت "يو جيه سوليوشينز" كل هذه الادعاءات، وقالت إن مجنديها يخضعون لـ"دورة فحص ضابط أمن إنساني"، والتي تشمل تقييمات للرماية ودروسًا نظرية صفيّة في القانون الدولي.
ثمة شعور عام بالغموض يخيم على هذا النقاش بشأن الكيفية التي سيبدو عليها الحكم في غزة بعد الحرب، على افتراض أن التصعيد الإسرائيلي الأخير لن يؤذن بعودة واسعة للقتال المفتوح. وتناقش الولايات المتحدة الآن علنًا إمكانية بناء مدن مؤقتة لـ"فلسطينيين خضعوا للتدقيق" داخل مناطق غزة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، والذين تشير إليهم بـ"المجتمعات الآمنة البديلة". وبموجب هذه الخطة، سيُترك نحو نصف غزة مدمّرًا ما لم تستسلم "حماس" بالكامل.
من غير الواضح في هذه الأوقات ما إذا كانت لهذه الخطط أي علاقة بنقاط توزيع المساعدات الجديدة التي يُقال إن "يو جيه سوليوشينز" تجند الموظفين استعدادًا لتوليها. لكنها تثير أسئلة مشابهة بشأن دور المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين والمتعاقدين. ويقول خبراء المساعدات إن عمليات الإغاثة يجب أن تلتزم بقواعد صارمة من الحياد، وإلا فإنها قد تعرّض طالبي المساعدة للخطر. وتزيد مجرد مشاركة متعاقدين أجانب أو جنود إسرائيليين في جهود المساعدات بحد ذاتها من احتمال وقوع حوادث عنف -مثل تلك التي حدثت بشكل متكرر خلال الفترة القصيرة التي أدارت فيها "مؤسسة غزة الإنسانية" توزيع المساعدات في القطاع.
كتب سكوت بول من منظمة "أوكسفام" أن المجموعات الخاصة مثل "مؤسسة غزة الإنسانية" في غزة تقدم "عروضًا مغرية" للحكومات التي تبحث عن بديل غير محايد للمنظمات الإنسانية التقليدية. وأضاف بول: "ولكن، كما أظهر فشل ’مؤسسة غزة الإنسانية‘، فإن المكونات الأساسية للمساعدات الإنسانية ليست الشاحنات والأسلحة. إنها ثقة المجتمعات، والفهم العميق للكيفية التي تشكل بها الأزمات ما يفعله الناس وما يحتاجونه، وتصميمٌ ثابت على حماية الناس ومعاملتهم بكرامة، والتزامٌ لا يتزعزع بعدم السماح باستغلال العمل الإنساني في الأجندات السياسية أو العسكرية".
 
*كونور إيكولز Connor Echols: صحفي أميركي يعمل في مجال الصحافة التحليلية والاستقصائية، ويبرز اسمه خصوصًا في تغطيته لسياسات الأمن القومي والعلاقات الخارجية للولايات المتحدة. يكتب بانتظام في منصات معروفة مثل "نَن زيرو" و"نيوزلتر"، و"ريسبونسيبل ستيتكرافت"، حيث يتناول قضايا الحروب، والضغط السياسي، وصناعة السلاح، كاشفًا الروابط بين المصالح الاقتصادية والعسكرية وصنع القرار الأميركي. يتميّز بأسلوب دقيق يعتمد على الوثائق والشهادات، وبقدرة على ربط الأحداث الدولية بالهياكل الأوسع للنفوذ والسلطة، مما جعله أحد الأصوات البارزة في نقد التدخلات الأميركية الحديثة وتسليط الضوء على آثارها الإنسانية والسياسية.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Are private American soldiers surging into new Gaza aid sites?