«إدراك العالم.. الصور النمطية المُتبادَلة بين الأنا والآخر» كتاب جديد لزهير توفيق
الدستور
كتاب «إدراك العالم.. الصور النمطية المُتبادَلة بين الأنا والآخر» لزهير توفيق يرصد التصورات المتبادلة بين العرب المسلمين والآخرين في العصور الحديثة والوسطى، لا سيما الشرق الفارسي والغرب الكنسي.
ويأتي عنوان الكتاب الصادر حديثًا عن «الآن ناشرون وموزعون» في الأردن في 420 صفحة من القطع الكبير، ويضم مقدمة ومدخلاً تمهيديّاً، وثلاثة فصول وخاتمة.
يقول زهير توفيق في المقدمة معرِّفاً بالكتاب: «يُمثِّل هذا الكتاب دراسة استقصائية تاريخية وتحليلية لجدل الأنا والآخر، من خلال رصد التصورات المُتبادَلة بين العرب المسلمين والآخرين في العصور الوسطى والحديثة، كون العرب المسلمين مثَّلا ذاتاً لتعيين الآخر، وتخيُّله على المستوى الديني والإثني والسياسي؛ خاصةً الفرس والأسود واليهودي والمسيحي، بفرعيه اللاتيني والبيزنطي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كونهم موضوعاً للآخرين، أي صورتهم في المخيال الفارسي الشرقي (الشعوبية) والغربي الأوروبي؛ الرومي البيزنطي واللاتيني في القرون الوسطى، وتحولات تلك الصورة في أوروبا العصور الحديثة».
ويؤكد المؤلف في الفقرة الأخيرة من المقدمة نظرة كلا الطرفين للآخر وكيف هي ثابتة لا تتزعزع، فيقول زهير توفيق: «لم يخرج لا الشرق العربي الإسلامي، ولا الآخر في الشرق والغرب قديماً وحديثاً عن مُسلَّماته وطرائق تفكيره في فَهْمِ الآخر، فقد بقيت ثوابتُه الحضارية والدينية والإثنية سُلطةً مرجعيةً في فهم الذات والآخر، وتمييز الأنا عن الآخرين من فُرسٍ ويهود وبيزنطيين ولاتين، ومهما تغيَّرت الصورة وتحوَّلت لأسباب داخلية وخارجية، فإن الثابت البنيوي فيها هو الآخرية وعُمق الغيرية، أي تصعيد الخلاف والاختلاف، فالذات هي المركز الذي تدور حوله الأطراف، والأفضل والمعيار الأمثل، والآخر أو الآخرون مجرد أطراف، هوامش وبرابرة وكفاراً ومنحرفين، ولا يستحقون أكثر مما تمنحه لهم الذات المتعالية».
ويأتي المدخل التمهيدي للكتاب مستشهداً بالعلاقة بين الأنا والآخر (الشرق والغرب)، على اعتبار أن الشرق حين يذكر يتبادر إلى الذهن الشرق المسلم على وجه الخصوص، والغرب يُراد به الغرب الأوروبي بالأساس قديماً وحديثاً.
يقول زهير توفيق في المدخل التمهيدي: «تفترض قراءتنا للموضوع استمرار الصور النمطية للعرب والمسلمين، وهي الصور التي تشكَّلت في العصور الوسطى، ودخلت معجم الغرب بشكل نهائي كما هو في الاستشراق السياسي والأنثروبولوجي الحديث (الواعي لذاته) الذي نشأ في نهاية القرن الثامن عشر مع حملة نابليون بونابرت على المشرق العربي سنة 1798م».
ويحسم المؤلف القضية مؤكداً وضوح رغائب الغرب من الشرق (المسلم)، إذ يقول: «لم ولن يتلطّف الغرب مع الشرق إلا إذا تواطَأ معه على ذاته، وتماهى في خطاب الغرب ومسيرته ورطانته من خلال نُخبةٍ فكرية وسياسية وكيلة، نجح الغرب في خَلْقِها ورفعها إلى سدَّة السُّلطة، واستمدت مشروعيتها ومرجعية وجودها مِن دعمه المطلق على جميع المستويات، ومقابِل ذاك الدعم سوَّقت خطابه في ثقافتها العالمة والشعبية على حدٍّ سواء، وهذا دليل نجاح الغرب في اختراق الشرق الذي وصل إلى طاعة الوكلاء، وامتثالية التابعين».
وفي خاتمة الكتاب يلخص زهير توفيق جوهر الموضوع الذي طرحه بين فصول الكتاب، فيقول: «لم تكن الهُوَّة واسعة، ولا المفارقة أشد معرفيّاً ومنهجيّاً إلا في قضية الأنا والآخر من العصر الوسيط إلى الوقت الراهن، وهو المدى الزمني الذي رصدناه في الكتاب، فعلى الرغم من المبادئ المُؤسِّسة والوصايا التي جاء بها الوحي، بقي إسلام التاريخ أو الممارسة العينية ممثلاً في إسلام السلطة ومعيش الأغلبية بعيداً عن مثاليات إسلام الوحي والنص، وبقيت العدالة والمساواة والرحمة والأخوة والإنسانية المطلوب ممارستها مع الآخر، محصورة في نطاق الأنا، وصعَّبت الذات العربية الإسلامية الأمور على نفسها في الصراع والمواجهة بتضييق مجالها العام وفضائها المذهبي والإثني، مقابل توسيع جبهة الآخر، وكلما توسَّع مجال الآخر وتعدَّد، تقلَّص مجال الأنا وضاق في الفكر والتاريخ الواقعي».
ومن الجدير بالذكر أن زهير توفيق كاتب وشاعر وأكاديمي أردني، باحث في قضايا الفلسفة والنقد، رئيس جمعية النقاد الاردنيين، عضو الجمعية الفلسفية الأردنية، نشر عشرات الأبحاث النقدية والفلسفية في الدوريات الاردنية والعربية. صدر له العديد من الكتب الفكرية والفلسفية كما حاز على العديد من الجوائز الأدبية.