عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Oct-2025

الفلسطينيون لم يبيعوا أرضهم*سلطان الحطاب

 الراي 

دارسو حركة الاستعمار والاستيطان فرقوا ما بين المستعمرين التقليديين والمستعمرين الاستيطانيين، ففي حين كان يرى المستعمرون التقليديون أنهم يريدون كما يزعمون، انقاذ الهمج من تخلفهم ويساهمون في تحفيزهم وتطويرهم، رأى المستعمرون الاستيطانيون الذين بنوا دولة الاحتلال الاسرائيلي بأنهم يريدون تطوير الأرض وليس الانسان، واعتبروا الناس عائقاً يجب التخلص منه للوصول الى الأرض، وهذا النموذج قام في أمريكا الشمالية وكندا وفي استراليا ومواقع أخرى.
 
ونموذجه الأبرز هو كيان الاحتلال الاسرائيلي، وبالتالي قامت السردية الصهيونية الاسرائيلية على اساس أن فلسطين كانت في الأساس صحراء قاحلة وخالية من السكان حتى وصل الصهاينة الذين زعموا أن الصحراء ازدهرت، رغم أن احدى البعثات الصهيونية الاستكشافية المبكرة كتبت للقيادة الصهيونية تقريراً سرياًً عنوانه، العروس جميلة ، أي أن فيها سكاناً، وهو ما أنكرته الحركة الصهيونية عبر ممارساتها اللاحقة في مصادرة الأراضي وخاصة الشراء من ملاكين غائبين غير فلسطينيين، اشتروا الأراضي ابان حكم الدولة العثمانية لأن اصحابها وقراهم عليها لم يكونوا قادرين على دفع الضرائب الباهضة، وأرادوا فقط استمرار اقامة بيوتهم في قراهم، وهذا ما جرى بسهل مرج بن عامر، وأراضي وادي الحوارث ومساحات واسعة من فلسطين، سميت أراضي الغائبين وحارس أملاك الغائبين وكانت تلك الأراضي بملايين الدونمات وقد وضعت تحت سيطرة، الكرن كايمت اي ، الوكالة اليهودية.
 
الفلسطينيون لم يبيعوا أراضيهم، وإنما جرى تحويل ملكياتها بخداع على يد حكومة الانتداب التي جاءت بمندوب سامي يهودي بريطاني، وما زالت الفكرة الاستعمارية تتكرر حين جاؤوا الى العراق بعد احتلاله بالحاكم، بول برمير، واليوم يعاودون ليأتوا الى غزة بالحاكم البريطاني توني بلير، لأن الحركة الصهيونية تشترط أن لا يحكم المكان الذي يحتلونه أحد من أصحابه.
 
كان المفكرون الصهاينة يعتقدون ولو أنهم ظلوا ينكرون أن هناك سكاناً أصليين للأرض، يجب التعامل معهم، وظلوا يدرسون ويؤسسون لخطط تهجير السكان الأصليين، وتمنوا هؤلاء القادة أن يهاجر الفلسطيني طواعية الى الدول العربية المجاورة حتى بتوفير التعويضات المالية المناسبة، وقد ساعدت حرب عام 1948، وحرب عام 1967، على تهجير الكثيرين من أهل البلاد، وظل هذا النموذج الحرب والاقتلاع والقتل هو النموذج الضامن لاخراج السكان الاصليين، لأن النماذج الأخرى من التضييق والاغراء المالي وغيرها لم ينجح بالصورة التي توقعتها اسرائيل، ولذا ظل يقول بن غوريون مؤسس الدولة الاسرائيلية، لقد اخطأنا عام 1948، لأننا لم نخرج كل الفلسطينيين بالحرب أو بالقتل، وان بقاء من تبقى كان خطأ فادحاً، لأن البقية الباقية، أصبحت ملايين ولأنها الآن تزيد عددا عن سكان الكيان المحتل الاسرائيلي، وهذه الديموغرافيا يفتح نتنياهو عيونه عليها في غزة، ويعتبر أن تحطيمها هو الهدف الأول الذي يجب أن يعمل عليه من خلال حرب الابادة وصناعة ظروف صعبة وغير انسانية وقاسية تجبر الفلسطينيين على الرحيل وهو ما يجري الآن وما زال يفشل!
 
ولهذا وأمام فشل اقناع الفلسطينيين بالهجرة الطوعية، مارست اسرائيل حرب الابادة والتطهير العرقي لأكثر من 500 قرية في فلسطين، عشية النكبة، هدمتها وهجرت سكانها، ومنعتهم من العودة اليها مثل قرى، اقرت، وكفر برعم في الجليل وقرى كفر قاسم، ودير ياسين، وقرى اللطرون الثلاث، ومسقط رأس الشاعر محمود درويش، قربة البروة.
 
كانت دولة الاحتلال لا تهدأ ولا تستقر، وهي ترى الكتلة الديموغرافية الفلسطينية تتزايد، وما رست في سبيل ضبطها وتدميرها كل اشكال الحرب والابادة والابعاد والاغتيالات والسجون وهدم البيوت، بحجة عدم الترخيص ووضع اليد عليها، واعتبار الأماكن الفلسطينية أماكن عسكرية مغلقة، كما في مسافر، جنوب الخليل في يطا وحيث تجري أي عملية مقاومة للاحتلال، وحين لم تكن اسرائيل تركن الى ان الفلسطينيين سيغادرون، كانت تستسهل المجازر والعمليات حتى التي تصيب حلفاءها من جنود الانتداب وضباطه مثل عميلة نسف فندق الملك داوود في القدس الغربية ونسف القطارات والسكك واغتيال الكونت برنادوت وسيط الأمم المتحدة.