عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Nov-2025

الجامعات الأردنية: من ضعف الاستثمار إلى نماذج جديدة للإنتاج والريادة*أ.د. محمد الرصاعي

 الراي 

إنَّ جوهر وظيفة الجامعات هو التعليم والبحث العلمي، لا العمل كمؤسسات تجارية تهدف إلى الربح، وفي ذات الوقت يتطلب تحقيق الجامعات لأهدافها وجود دعم مالي من جهات عدة في مقدمتها الحكومة، إلى جانب عوائد مالية تتأتئ من مصادر ذات طابع أكاديمي، وتكون في سياق البنية التعليمية كالمستشفيات التعليمية، والمزارع الجامعية، ومساكن الطلبة والمباني التجارية التابعة لها، إضافة إلى الدخل المتأتي من المشاريع القائمة على البحث العلمي والابتكار، كإنشاء حاضنات أعمال، وتطوير براءات اختراع، وبيع حقوق الملكية الفكرية، وشراكات بحثية مع الصناعة.
 
وقد يشكل الوقف التعليمي مصدراً مهماً لتمويل الجامعات، حيث اعتمدت جامعات الغرب مبكراً على تأسيس الوقفيات التي تقوم على التبرعات المجتمعية بشكل كلي، وعمدت إلى تأسيس شركات متخصصة بالاستثمار لإدارة هذه الوقفيات وتنمية أموالها.
 
لا يسجل لأي جامعة من الجامعات الأردنية الحكومية تحقيق مداخيل مالية عالية من باب الاستثمارات، رغم المحاولات المتكررة من عدة جامعات للمضي قدماً في هذا الاتجاه، ولكن في الغالب كانت النتائج عبارة عن نجاحات متواضعة في جامعتين أو ثلاث فقط. إنَّ تعثر الاستثمار في الجامعات الحكومية هنا في الأردن، أو عدم تفكير الإدارات الجامعية جدياً في أحيان كثيرة الشروع في استثمارات تحقق وفراً مالياً وعائداً يساهم في تسيير أعمال الجامعة وبرامجها بجودة عالية يعود إلى أنَّ الجامعات الحكومية وما يحكمها من أنظمةوقوانين ليست مؤهلة لاستقطاب استثمارات حقيقية ومجدية، كما أن خدمة الدين والفوائد التي تتكبدها الجامعات للبنوك جراء القروض والاستدانة تحرمها من توفر سيولة مالية قد توجه في استثمارات مالية متنوعة وكبيرة، إضافة إلى أن بعض الإدارات الجامعية تبقي ملف الاستثمار مغلفاً تحت وطأة مخاطر فشل الاستثمار وحصول خسائر تزيد من حدة المديونية، وهذا دلالة على غياب عقلية "المستثمر" في هذه الجامعات.
 
وفيما يخص الاستثمار العائد من مشاريع البحث العلمي في الجامعات الحكومية فهو بذات السوية التي عليها المصادر السابقة وذلك لتواضع مخرجات البحث العلمي، وضعف ارتباطه بالصناعة، الشيء الذي يجعل أبواب التمويل من هذه الوجهة شبه مغلقة، كما أنَّ ارتباط الجامعات بالصناعة والتطوير يكاد يكون معدوماً.
 
أمام الفرص الضئيلة لإنجاز الجامعات الأردنية الحكومية استثمارات واعدة، هناك حاجة لتفكير عميق قد يتبناه مجلس التعليم العالي أو لجنة من الخبراء لبناء استراتيجية لتحول الجامعات من جامعات تقليدية إلى جامعات ريادية منتجة، بحيث تستند هذه الاستراتيجية إلى محاور عديدة في مقدمتها حوكمة الاستثمار، ومواءمة الاستثمار مع هوية الجامعة وموقعها، والسير وفق منهجية الانتقال التدريجي تلافياً للمخاطر، على أن تتبنى الاستراتيجية نموذجاً استثمارياً متكاملاً مبنياً على تجارب دولية.