عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Dec-2025

الشراكة الأردنية-الصينية وزيارة وزير الخارجية إلى عمان*حسن الدعجة

 الغد

في ظل التحولات الدولية المتسارعة، تبرز العلاقات الأردنية-الصينية نموذجا متميزا لعلاقات ثنائية راسخة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والرؤية المستقبلية.
 
 
 فقد شهدت هذه العلاقات تطورا ملحوظا على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية، ما جعلها ترتقي إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، وتعكس حرص قيادتي البلدين على توسيع آفاق التعاون بما يخدم مصالح الشعبين الصديقين، ويعزز الاستقرار والتنمية في المنطقة والعالم.
ومن هذا المنطلق، تكتسب زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى الأردن، المقررة اليوم الأحد 14 كانون الأول 2025، أهمية خاصة باعتبارها محطة سياسية ودبلوماسية مهمة في مسار العلاقات الثنائية المتنامية بين البلدين.
 وتشكل هذه الزيارة فرصة جديدة لتعزيز الشراكة الإستراتيجية، وتكثيف التنسيق السياسي، وبحث سبل توسيع التعاون في المجالات الاقتصادية والتنموية والاستثمارية، إضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
 وتأتي الزيارة في توقيت إقليمي ودولي دقيق، يشهد تحولات عميقة في موازين القوى الدولية، وبروز نظام عالمي متعدد الأقطاب، ما يبرز أهمية الحوار الأردني-الصيني كعامل داعم للاستقرار الإقليمي، ومساهم فاعل في تعزيز التعاون الدولي القائم على التوازن، والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
 سياسيا، تقوم العلاقات الأردنية-الصينية على أسس صلبة من التفاهم والتقارب في المواقف تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية. فقد أكد جلالة الملك عبد الله الثاني في أكثر من مناسبة أن العلاقات بين الأردن والصين علاقات راسخة وقوية، وأن هناك حرصا متبادلا على استمرار التنسيق والتشاور، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
 ويتقاطع الموقفان الأردني والصيني في دعم حل الدولتين، وضرورة تحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، إضافة إلى أهمية احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والعمل المشترك لمكافحة الإرهاب والتطرف.
اقتصاديا، شهدت العلاقات بين الأردن والصين تطورا ملحوظا خلال السنوات الماضية، حيث أصبحت الصين من أبرز الشركاء التجاريين للأردن.
 فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 5.37 مليار دولار، وهو رقم يعكس اتساع مجالات التعاون التجاري والصناعي والاستثماري.
 وتشارك الشركات الصينية في عدد من المشاريع الحيوية في المملكة، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة، والبنية التحتية، والنقل، والاتصالات، بما يسهم في دعم الاقتصاد الأردني وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وتكتسب الشراكة الاقتصادية بين البلدين بعدا استراتيجيا إضافيا في إطار مبادرة “الحزام والطريق” التي أطلقتها الصين، والتي تهدف إلى إحياء طريق الحرير التاريخي وتعزيز الترابط الاقتصادي والتجاري بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.
 ويحتل الأردن موقعا جغرافيا مهما في هذه المبادرة، كونه حلقة وصل بين المشرق والمغرب، وبين الشمال والجنوب، ما يجعله نقطة ارتكاز لوجستية وتجارية ذات أهمية إقليمية.
 وقد شكّل توقيع مذكرة التفاهم بين الحكومتين الأردنية والصينية حول البناء المشترك لمبادرة “الحزام والطريق” خطوة نوعية لتعميق هذا التعاون وفتح آفاق جديدة للاستثمار والتنمية.
ثقافيا وتعليميا، تشهد العلاقات الأردنية-الصينية تطورا متزايدا، يعكس إدراك البلدين لأهمية التبادل الثقافي في ترسيخ التفاهم بين الشعوب.
 وقد برز في السنوات الأخيرة اهتمام متزايد بتدريس اللغة الصينية في المدارس والجامعات الأردنية، في إطار تعزيز التواصل الحضاري وإعداد كوادر قادرة على التعامل مع السوق الصيني وفهم الثقافة الصينية.
 كما أسهمت المنح الدراسية والبرامج الأكاديمية المشتركة في تعزيز التفاعل العلمي والمعرفي بين الجانبين.
وفي هذا السياق، من المتوقع أن تسهم زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى الأردن في تعزيز التعاون الثقافي والتعليمي، إلى جانب بحث سبل تطوير الشراكة الاقتصادية والسياسية.
 كما تمثل الزيارة فرصة لتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية، والتأكيد على دور الحوار والتعاون في مواجهة التحديات العالمية، مثل التغير المناخي، والأمن الغذائي، والأزمات الاقتصادية.
إن العلاقات الأردنية-الصينية لا تقوم فقط على المصالح الآنية، بل تستند إلى رؤية مستقبلية مشتركة تسعى إلى بناء شراكة طويلة الأمد، قادرة على التكيف مع التحولات الدولية المتسارعة.
 وفي ظل بروز الصين كقوة دولية كبرى تسعى إلى تعزيز الأمن والسلام الدوليين، وترسيخ مبادئ الحوكمة الدولية العادلة، ودعم التنمية الشاملة، يجد الأردن في هذه الشراكة ركيزة مهمة لتعزيز دوره الإقليمي والدولي.
يمكن القول إن العلاقات الأردنية-الصينية تمثل نموذجا ناجحا ومتقدما للتعاون بين الدول، يقوم على أسس راسخة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والتكامل في الأدوار السياسية والاقتصادية والثقافية.
 ومع استمرار الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات، وما تحمله من دلالات سياسية مهمة، إضافة إلى تفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين، تتطلع هذه العلاقات بثقة إلى آفاق أوسع وأكثر رحابة في المستقبل.
 ويأتي هذا التطور بما يخدم الاستقرار الإقليمي، ويعزز جهود التنمية المستدامة والسلام، ويكرّس مكانة الأردن والصين كشريكين إستراتيجيين فاعلين في عالم يتجه نحو التعددية القطبية والتوازن الدولي.