الاعتراف بالدولة الفلسطينية.. إنجاز للدبلوماسية الأردنية وخطوة مهمة نحو حل الدولتين
الدستور
في إطار التزامه الثابت تجاه القضية الفلسطينية، يواصل الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني تحرّكاته الدبلوماسية المكثفة على الساحة الدولية، لحشد التأييد والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وتأتي هذه الجهود ضمن نهج استراتيجي يؤكد مركزية القضية الفلسطينية في السياسة الخارجية الأردنية، باعتبارها مفتاحاً أساسياً لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وقد شدد جلالة الملك، في لقاءاته مع قادة العالم، على أن غياب العدالة واستمرار الاحتلال يولّدان بيئة خصبة للتطرف وانعدام الثقة، وهو ما يستدعي تحركاً دولياً فاعلاً لإنهاء المأساة المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.
ويرتكز الأردن إلى إرث دبلوماسي عريق وإجماع وطني متماسك في دعم الحقوق المشروعة للفلسطينيين، ويؤكد جلالة الملك أن «السلام لا يمكن أن يتحقق دون قيام دولة فلسطينية حرة، ذات سيادة، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل ضمن حدود آمنة ومعترف بها».
ويعتبر الأردن صوتاً عقلانياً يدعو للسلام دون أن يساوم على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، ويواصل، من منطلق وصايته الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، تحذيراته من أي محاولات لتغيير الوضع القانوني والتاريخي في المدينة، مطالباً المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته القانونية والإنسانية.
وتتزامن هذه الجهود الأردنية مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واستمرار الانتهاكات في الضفة الغربية، مما يعزز الحاجة إلى موقف دولي موحّد يقود إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى مسار تفاوضي جاد.
وقد لاقت تحركات جلالة الملك صدى واسعاً في الأوساط السياسية الدولية، حيث تتزايد الدعوات البرلمانية والشعبية في عدد من الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني قد صرّح خلال مشاركته في مؤتمر «الشرق الأوسط الجديد» في باريس مؤخراً: «لا يمكن لأي مبادرة للسلام أن تنجح دون الاعتراف الكامل بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم على أرضهم.»
وتتسق هذه الرؤية مع تحركات أوروبية لافتة، إذ أعلنت دول عدة خلال الأشهر الماضية نيتها الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية. وشهد يوم أمس الأحد إعلان كل من المملكة المتحدة وكندا وأستراليا رسميا الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وفي هذا السياق، يقود الأردن جهود تنسيق مع الدول العربية والأوروبية لحشد موقف دبلوماسي موحّد في الجمعية العامة للأمم المتحدة، للدفع باتجاه عضوية كاملة لفلسطين، والعمل على كسر الجمود السياسي الذي فرضه الاحتلال.
وتلاقي الجهود الأردنية إشادة دولية تبرز أهمية الدور المحوري للمملكة، إذا أكد السفير الفرنسي في عمان، أليكسي لوكور غرانميزون، أن الأردن أسهم بفاعلية في التحضير للمؤتمر الوزاري الدولي في نيويورك، مشيدًا بالموقف الأردني الثابت والداعم للسلام وحل الدولتين.
وأوضح أن بلاده، انسجامًا مع التزامها التاريخي بتحقيق السلام، قررت الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، لافتا إلى أن الإعلان الرسمي سيجري خلال أعمال الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد إبلاغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس رسميًا.
وكذلك أكد السفير الإسباني ميغيل دي لوكاس أن إسبانيا تعتبر الأردن شريكاً أساسياً في دعم الاستقرار في الشرق الأوسط، مشيداً بدور المملكة التاريخي في تعزيز السلام.
وشدد على أن اعتراف بلاده بفلسطين ضرورة لتحقيق السلام وضمان قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، بعاصمتها القدس الشرقية، ومرتبطة جغرافياً بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويشكل مؤتمر حل الدولتين واجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة محطة جديدة يواصل الأردن من خلالها، بقيادة جلالة الملك، أداء رسالته التاريخية والقومية في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، مؤكدا الوقوف بثبات في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرّف.
ويضع جلالة الملك معاناة الشعب الفلسطيني، وخاصة في غزة، في قلب أولويات المواقف الأردنية على الساحة الدولية، حيث جاءت الاستجابة الأردنية السريعة لإرسال القوافل الإغاثية والمستشفيات الميدانية تعبيراً عملياً عن التلازم بين الدور الإنساني والسياسي للأردن.
ولاشك في أهمية مؤتمر حل الدولتين اليوم في نيويورك لجهة تعزيز موقف دولي موحد لدعم حق الشعب الفلسطيني في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على التراب الوطني الفلسطيني على أساس حل الدولتين.
وكذلك ضرورة اتخاذ خطوات لدعم تنفيذ حل الدولتين باعتباره سبيلا وحيدا لتحقيق السلام، وأولوية وقف العدوان الإسرائيلي على غزة فورا، وفتح كل المعابر أمام إدخال مساعدات كافية وفورية لمواجهة المجاعة التي يسببها العدوان نتيجة استخدام إسرائيل التجويع سلاحا في خرق فاضح للقانون الدولي وكل القيم الإنسانية.
الدبلوماسية الأردنية، بقياده الملك، تدفع نحو اعتراف المزيد من الدول بالدولة الفلسطينية، والتصدي للإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية التي تقوض حل الدولتين، مكثفة جهودها لضمان أن يثمر مؤتمر نيويورك اليوم عن موقف دولي واضح في دعم حل الدولتين والوصول إلى السلام العادل والشامل، ومح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة.