عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Jul-2025

كلام ضروري عن العرب وعن الجار السوري*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

معروف ومفهوم، أن قلوب البشر تتقلب بين أصابع الرحمن الجبار، وهذه ليست معلومة بل حقيقة، يعرفها جيدًا الحكماء وأهل السياسة، فلا أحد يأمن أو يضمن أن تبقى الشعوب مستكينة، وفي زمننا هذا، زمن الفتن والحيرة، لا أحد يجزم بأن شعوب العالم، لا سيما العرب، ستدوم على موقفها السلبي من الجريمة البشعة الوحشية الكبيرة التي تجري على الفلسطينيين، فكل من يعتبر نفسه بشريًا يشعر بالتقصير، وكل من يرى ويسمع (وكلنا نرى ونسمع ونشهد)، يبحث عن حل حاسم عادل، ينقذ الضحية ويعاقب المجرم الذي تجاوز كل خطوط البشاعة التي عرفها البشر..

 

الموت أصبح مجانيًا، لا سيما إن كان الدم عربيًا، ويجري سفك الدماء البريئة بشكل مباشر بيد المجرم الصهيوني، أو بأيادٍ وكيلة، تبيع نفسها للشيطان ولا تكترث بالعدالة الإلهية ولا بقوانين البشر.. وهذا ما شاهدناه ودفعنا أيضًا جزءًا من ثمنه، ويحدث في سوريا منذ عقد ونصف من الزمان، وما زال الدم العربي البريء يجري أنهارًا في سوريا..

 

حين تفكر في صبر الفلسطينيين في غزة، الذي فاق كل حدود الصبر البشري عبر العصور، تتساءل: لماذا يقاومون المحتل المجرم؟ ولماذا يصبرون كل هذا الصبر؟ وكنت قبل السابع من أكتوبر الشهير، لا تجد إجابة، فالناس هناك هم من تحرقهم نار الإجرام والظلم والقهر والموت منذ 75 عامًا، وهم المحاصرون المأسورون في سجن غزة، فهم لا غيرهم يمكنه الإجابة على السؤال، وهم الذين قرروا إما حياة كريمة وحرية، أو موتًا، ولديهم أسبابهم التي لا نفهمها حتى لو شرحوها لنا، فنحن لم نعش ما يعيشونه.

 

وفي سوريا؛ وعلى خلفية الأحداث المؤسفة التي عاشها الجنوب السوري، وطائفة الدروز وبعض البدو الذين يقطنون جبل العرب، قد تصدق الأخبار بشأنهم، بأنهم «انفصاليون»، ويطلبون الاستقلال عن سوريا، والانضواء تحت حكم العصابة الصهيونية، فهم ربما وصلوا إلى القناعة الأخطر، وهي (هذه حكومات فاسدة وعصابات وميليشيات)، تبحث عن مصالحها، تحت ذريعة الوحدة والأمن والاستقرار، والمستقبل الغامض، الذي تفرضه الحكومة السورية الجديدة، وربما هم مقتنعون بأنهم ليسوا بمأمن من التغيرات الطارئة الدموية المميتة، ولو كانوا يكرهون إسرائيل فهم يفضلون حكمها وقانونها الأكثر وضوحًا وثباتًا، إذا ما قورن بقوانين يرونها تخدم العصابات والفاسدين.

 

ماذا لو كفر كل العرب بعروبتهم، واقتنعوا بأن الحرب والسلم والأمن والمستقبل المحتكر بيد الحكومات وحدها، لا يؤمن لهم حياة كريمة، ويمكنهم قبول أمن الاحتلال وإدارته ويعتبرونه أفضل وأكثر استقرارًا من الأمن الذي توفره حكوماتهم!!.

 

من التحولات المتوقعة في حياة الشعوب، أن يرفضوا ضعف دولهم وحكوماتهم، ويتخلوا عن كل الخطابات و»السرديات» الوطنية، ويبحثوا عن أمنهم ومستقبلهم الشخصي، عندئذٍ سيصبح موقفهم من التخلي عن الدفاع عن موارد أوطانهم وخيراتها أمرًا طبيعيًا، ما دام الوطن وموارده لا يؤمن لهم عيشًا كريمًا، ولا يستفيدون منه لا في رفاههم ولا حتى في استقرارهم، ولن يكون بالنسبة لهم فرقٌ كبيرٌ، لو سيطرت على تلك الخيرات أمريكا أو أية جهة أخرى، ما داموا سيأمنون على حقوقهم ومستقبلهم.

 

هل هي خيانة، لو تخلى العرب عن حكوماتهم وأوطانهم لصالح القوى العظمى بشكل مباشر؟ هل سيكون الفرق كبيرًا عندئذٍ؟!.

 

هذه بعض الأسئلة التي تختمر في العقل والنبض الجمعي للمظلومين والمقهورين، فلا يستغربن أو يستبعدن أحدنا مثل هذا الرأي، في ظل هذا الظلم الذي يتسع ويستفحل، ويتجاوز فوق حدود العقل وحدود المنطق وحقوق البشر.