عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Nov-2025

المزاج الفلسطيني بعد المجزرة*إسماعيل الشريف

 الدستور

وقوفٌ هنا، بقاءٌ هنا، ديمومةٌ هنا، وأهدافُنا واحدةٌ واحدة: أن نكون -
محمود درويش.
في أحدث استطلاعٍ أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، ومقرّه مدينة رام الله، وصدر في 28 تشرين الأول 2025. تبرز أهمية هذا الاستطلاع لكونه جاء عقب وقفٍ هشٍّ لإطلاق النار، مستهدفًا قياس المزاج العام للفلسطينيين بعد عامين من الإبادة الجماعية، واستجلاء أثر تلك المأساة على اتجاهاتهم ومواقفهم.
أظهر الاستطلاع أن 32% من المشاركين أعربوا عن دعمهم لحركة حماس، مقابل 20% أعلنوا تأييدهم لحركة فتح، العمود الفقري للسلطة الفلسطينية، فيما لم يبدِ 43% تأييدًا لأيٍّ من الحركتين، أو أجابوا بأنهم لا يعرفون. وأيّد 60% أداء حركة حماس في إدارة الحرب، في حين فضّل 43% خيار الكفاح المسلّح، مقابل 37% اختاروا طريق التفاوض. كما رأى 59% أن السابع من أكتوبر كان قرارًا صائبًا.
يعارض 55% من سكان غزة نزع سلاح حركة حماس، وترتفع النسبة في الضفة الغربية إلى 78%. ويُعدّ هذا الموقف رفضًا للشرط الذي طرحه الرئيس ترامب لضمان عدم عودة الحرب، وهو ذاته الشرط الذي يتذرّع به المجرم نتن ياهو لاستمرار احتلال نصف قطاع غزة، والإبقاء على الحصار، ومواصلة استهداف المدنيين.
حتى تاريخ كتابة هذه المقالة، لا تزال حركة حماس تصرّ على أنها لن تتخلى عن سلاحها إلا بعد تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية، رغم ما يُتداول عن انفتاحها لتسليم سلاحها الثقيل إلى لجنةٍ تابعةٍ لمجلس السلام برئاسة ترامب، وهو الترتيب الذي يحظى بموافقة الولايات المتحدة.
كما أظهر الاستطلاع أن 50% من سكان غزة و39% من سكان الضفة الغربية يؤيدون خطة ترامب، بينما أيّد 62% ردود حركة حماس عليها، وعبّر 51% من الغزيين عن تأييدهم لإنشاء إدارة فلسطينية تكنوقراطية في القطاع. في المقابل، يعارض 68% من الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية إنشاء قوة عربية أو إسلامية تكون من مهامها نزع سلاح حماس، في حين يؤيدها 53% من سكان غزة إذا لم يكن نزع السلاح جزءًا من مهامها.
أما فيما يتعلق بملف الأسرى، فقد أيدَ 69% من الفلسطينيين في الضفة الغربية قوائم المفرَج عنهم، ويتوقع 50% من سكان غزة و59% من سكان الضفة الغربية عودة المجزرة من جديد. وعند سؤالهم عن توقع قيام دولة فلسطينية، أجاب بـ«لا» 70% من سكان الضفة و66% من سكان غزة.
وفي شأن الحكم في غزة، يرفض 41% من المشاركين تولّي السلطة الفلسطينية إدارة القطاع أو مشاركتها في لجنة حكم غزة، بينما يفضّل 24% تشكيل لجنة مستقلة، و23% يرغبون بعودة السلطة، و10% يختارون لجنة إدارة مشتركة تضم ممثلين عن السلطة. كما يؤيد 65% إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بعد عامٍ ونصف.
ويرى الفلسطينيون أن أكبر مشكلاتهم بالترتيب هي الاحتلال، تليه الحرب، ثم المستوطنون، وأخيرًا الفساد والبطالة. أما عن أهدافهم الوطنية، فقد رأى 41% أن الأولوية هي عودة الاحتلال إلى حدود عام 1967، و32% اعتبروا حق العودة الهدف الأسمى، فيما فضّل 15% إقامة مجتمع ديني، و10% إقامة نظام ديمقراطي.
تُظهر هذه الأرقام مؤشرًا واضحًا على أن لحركة حماس حظوظًا كبيرة في أيّ انتخاباتٍ قادمة، وإن لم يَعْنِ ذلك بالضرورة فوزها بها. كما أن وقف المجزرة، إلى جانب خطة ترامب، منح الحركة دفعةً إيجابية في الرأي العام الفلسطيني. وتدل النتائج كذلك على أن حماس لا تزال تحظى بدعمٍ شعبيٍّ معتبرٍ يمكّنها من التمسك بمواقفها في المفاوضات، والسعي إلى لعب دورٍ مستقبليٍّ في إدارة غزة. كما يتيح لها هذا الزخم المطالبة بالإفراج عن مروان البرغوثي، الذي يُعدّ الأوفر حظًا في الفوز برئاسة الدولة الفلسطينية في أي انتخاباتٍ قادمة، إذ حصل على نحو 50% من أصوات المشاركين، تلاه خالد مشعل بنسبة 36%.
وفي المقابل، تسهم نتائج هذا الاستطلاع في زيادة تشدّد الصهاينة ورفع سقف مطالبهم لتنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترامب، وفي تبرير سياسة التجويع التي يمارسونها، واستمرار استهداف الفلسطينيين وتدمير الأحياء السكنية وفرض الاحتلال، فضلًا عن دعم ميليشياتٍ محليةٍ مسلّحة لمحاربة حركة حماس. فهذا الاستطلاع، يُضاف إلى سلسلة هزائم نتن ياهو السياسية في غزة؛ إذ عجز عن هزيمة حماس عسكريًا، ولم يتمكّن من إطلاق محتجزيه إلا عبر التفاوض، كما فشل في كسر صمود أهلنا في غزة رغم الخسائر المادية والبشرية غير المسبوقة. ويضاف إلى ذلك ضغوط ترامب عليه للاستمرار في الهدنة، حتى بات نتن ياهو، في نظر كثيرين، لعبةً بيد ترامب.