أهمية الأمن السيبراني*م. هاشم نايل المجالي
الدستور
إنَّ تحوُّل الفضاء السيبراني الذي يشمل البيانات والمعلومات والشيكات إلى ساحة للتفاعلات العالمية مدنية وعسكرية وأمنية، يُعطي متغيرات ملموسة وحقيقية لأساليب استُخدمت من قِبل الأجهزة الأمنية المختصة بالدول للتجسس على الدول الأخرى، وأعطى أيضًا مجالًا للإرهاب أن يتوسع تكنولوجيًا في عملياته، ليخلق أزمة عالمية جديدة، وأصبح الإنترنت ساحة جديدة للهجمات السيبرانية التي تستهدف تدمير أو تعطيل المواقع الإلكترونية، ويؤدي إلى مخاطر كبيرة.
ولقد استطاعت إيران من اختراق الكاميرات الموجودة في طرق تل أبيب، كذلك كاميرات المنازل المرتبطة بالإنترنت، ومن خلالها استطاعت معرفة أماكن سقوط الصواريخ التي ترسلها، وحجم الدمار الذي أحدثته، وبعدها عن الأهداف المنوي إصابتها بدقة من خلال تحديد نقاط سقوط تلك الصواريخ، كذلك تصوير المباني المُهدَّمة، وتصوير الوضع الداخلي للبنية التحتية، وهلَع الناس وخوفهم وهروبهم بجنون إلى الملاجئ.
ولقد شاهدنا كيف إيران استطاعت تدمير وحدة الأمن السيبراني العسكرية وإدارة البيانات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، وهذا المركز كان أيضًا مركز تدريب وتخريج للنخبة المتخصصة بالاغتيالات والتجسس. كل ذلك كان من خلال هجمات سيبرانية، سيطرت إيران من خلالها على تلك الكاميرات، وعلى نقاط وجودها، حتى تحكمت بالترددات الخاصة بمنصات إطلاق الصواريخ الدفاعية، أي توفَّر لدى إيران بنك من الأهداف. كل ذلك أثبت أن إسرائيل هشَّة وليست كما تدَّعي دولة عظمى، وكانت تستند بالمعلومات إلى دول أُخرى من أمريكا ودول غربية، وليست هي سوى أداة تنفيذ لهم ولمصالحهم ومصالحها التوسعية.
فلقد أصبح الأمن السيبراني يُشكِّل تحديًا كبيرًا لدى الدول، خاصة طرق وأساليب استخداماته، وما يُشكِّله من أزمة عالمية جديدة تستدعي أخذ كافة الاحتياجات الخاصة بذلك. فلقد أصبحنا نعيش في (مجتمع عالمي رقمي)، الذي أدَّى إلى ظهور الإنسان الرقمي والإنسان الإنترنتي، وشاهدنا كيفية اختراق أنظمة الاتصال «البيجر» في لبنان، وطرق تفجيرها لاسلكيًا، في طرق محاكاة عن بُعد، أي إننا نعيش في فضاء سيبراني، حيث وجود شبكات والاتصالات والبيانات ومصادر المعلومات بمدى مفتوح مشترك، بطريقة أو بأخرى، بين جميع الأطراف الذين لديهم القدرة على الدخول عليهم للحصول على المعلومات التي يديرونها.
ولقد تحوَّلت الحروب إلى حروب رقمية في غالبيتها، لذلك يجب أن يحظى هذا الأمر بأهمية بالغة من كافة القطاعات، ليكون بمثابة الأفق الوطني الآمن.