عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Aug-2025

موت طفل يقابله أجر*إسماعيل الشريف

 الدستور

لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا- علي بن أبي طالب.
 
في شهر أيار المنصرم، وجّه موظف في شركة مايكروسوفت، وهو عضو في حركة «لا لأزور للفصل العنصري» – وهي حركة عمالية تعارض تعاون الشركة مع جيش الاحتلال الصهيوني – رسالة احتجاج إلى مسؤولي الشركة، ندّد فيها بدورها في الإبادة الجارية في غزة. وقد نشر رسالته في المنتديات الداخلية ومجموعات الدردشة الخاصة بالشركة، وعمّمها عبر البريد الإلكتروني على موظفيها، متخفّيًا عن أعين رقابة مايكروسوفت، خشية التعرّض لإجراءات انتقامية بسبب معارضته لدعم الشركة للكيان. ولاحقًا، تسربت الرسالة إلى وسائل الإعلام.
 
حملت الرسالة عنوانًا: «عندما يموت طفل في غزة، نحصل على أجر مقابل الضربة الجوية – رسالة إلى جميع العاملين في مايكروسوفت.» وقد كانت طويلة، فقمت بترجمتها واختصارها، وفيما يلي نصها الموجز:
 
الموضوع: عندما يُقتل طفل في غزة، نحصل نحن على رواتبنا.
 
زملائي الأعزاء،
 
تدّعي مايكروسوفت أنها تسعى إلى تمكين الأفراد والمؤسسات، لكنها في الواقع تمكّن الجيش الإسرائيلي من ارتكاب إبادة جماعية في غزة. لدينا عقد بقيمة 133 مليون دولار مع وزارة الدفاع الإسرائيلية، تُسخَّر من خلاله خدمات Azure وتقنيات الذكاء الاصطناعي في الاستهداف، والمراقبة، وقتل المدنيين. جزء من رواتبنا يُموَّل مباشرة من هذه الجرائم.
 
أفادت الأمم المتحدة بأن مايكروسوفت توفّر بنية تحتية حيوية تمكّن الجيش الإسرائيلي من ارتكاب جرائم حرب، ودعت إلى فرض عقوبات، ووقف التعاون التكنولوجي، وفتح تحقيق مع الشركات المتورطة. ورغم ادّعاء الشركة التزامها باحترام حقوق الإنسان، فقد أقدمت على فصل موظفين، ومراقبتهم، وتسريب بياناتهم إلى جهات خارجية، لمجرد اعتراضهم على هذه الجرائم.
 
أنا مجرد مهندس في أحد أقسام الشركة. لسنوات، لم أكن أعلم أن عملي يُسهم، ولو بشكل غير مباشر، في دعم القتل. أما اليوم، وقد أدركت أن حتى جهدي البسيط قد يُستغل في مشروع تطهير عرقي، فأنا أشعر بالخزي والعار. يمتلك الجيش الإسرائيلي أكثر من 635 اشتراكًا نشطًا في خدمات مايكروسوفت، ويعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التي نوفّرها لتسريع وتيرة القتل الجماعي.
 
في السابق، كان تحديد هدف واحد لغارة جوية يستغرق يومًا كاملًا، أما اليوم فبات بالإمكان تحديد مئات الأهداف في اليوم الواحد. أحد الأنظمة المستخدمة، المعروف باسم «البشارة»، يفضّل الكم على الدقة، ما أدى إلى مقتل مئات المدنيين من أجل اغتيال هدف واحد فقط.
 
نحن جزء من هذه المنظومة. شركتنا سبق أن اتخذت موقفًا أخلاقيًا بمقاطعة نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، كما أوقفت أعمالها في روسيا. ويمكنها أن تفعل الشيء نفسه اليوم. لذلك، أدعوكم إلى التوقيع على عريضة «لا لأزور للفصل العنصري»، والمطالبة بإنهاء جميع العقود مع الجيش والحكومة الإسرائيلية.
 
صوتكم قد يُحدث فرقًا.
 
فلسطين تستحق أن تحيا.
 
موظف قلق في مايكروسوفت
 
ينضم هذا البطل إلى قائمة من الأبطال في شركة مايكروسوفت، من بينهم جو لوبيز، الذي أوقف خطاب المدير التنفيذي خلال المؤتمر السنوي للشركة، وسعاد التي قاطعته خلال احتفالية مرور خمسين عامًا على تأسيس مايكروسوفت وصرخت: «لدى مايكروسوفت دماء على أيديها». كما تنضم إليهم فانيا أغراوال، التي قدّمت استقالتها برسالة رسمية، فقوبلت بالفصل، وحسام نصر وعبدو محمد اللذان نظّما وقفة احتجاجية داخل الشركة، فتم طردهما أيضًا.
 
وقد أصدرت البطلة فرانسيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة، تقريرًا بعنوان «من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية». ونتيجة لهذا التقرير، تعرضت لعقوبات من قِبل الولايات المتحدة، ولا تزال تواجه تهديدات بالقتل.
 
شمل التقرير أكثر من ستين شركة متورطة في جرائم الإبادة، من بينها مايكروسوفت، وغوغل، وأمازون، وIBM. وتقدّم هذه الشركات دعماً مباشرًا للكيان من خلال خدماتها السحابية وتحليلات الذكاء الاصطناعي، التي تُستخدم في عمليات الاستهداف وجمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية.
 
لقد تمكنا بسهولة من مقاطعة الشركات التي تبيع منتجات استهلاكية، فاستبدلناها أولًا بالمنتجات الوطنية، ثم بالبدائل العربية ومن دول صديقة. لكننا ما زلنا نواجه صعوبة في مقاطعة شركات التكنولوجيا، إذ تعتمد معظم الحواسيب مثلًا على أنظمة تشغيل من مايكروسوف ت. ومع ذلك، لا تزال هناك خطوات ممكنة وفاعلة، منها:
 
- الامتناع عن شراء الأجهزة الجديدة من الشركات الداعمة للكيان.
 
- استخدام بدائل لخدمات البريد الإلكتروني.
 
- تقليل الاعتماد على خدمات هذه الشركات.
 
- ممارسة الضغط عليها من خلال منتدياتها ومنصاتها.
 
- الانضمام إلى الحملات وتوقيع العرائض التي ترفض شراكتها مع جيش الاحتلال.
 
وبالطبع، لا يمكننا – من منظور واقعي – الاستغناء الكامل عن بعض هذه الخدمات. لكننا نستطيع، وبكل تأكيد، سحب الشرعية الأخلاقية من هذه الشركات، وممارسة الضغط عليها بكل ما نملك من أدوات.
 
وبعيدًا عن كل ما سبق، فإن هذه اللحظة تمثّل فرصة حقيقية للمبرمجين الأردنيين المبدعين، للبدء في تطوير بدائل وطنية مستقلة، تسهم في بناء استقلالنا التكنولوجي، وتعزز من سيادتنا الرقمية.