الدستور
دوماً؛ تقفز إلى سطح الاهتمام وبغرض النكاية، والكيدية أيضاً، أخبار ومواقف، موضوعها الرئيسي «خطأ في سلوك وثقافة»، اقترفه شخص ينتسب لكيان اجتماعي أو قانوني معين، فتجد المتصيدين المتربصين بأخطاء هذه الجهة، يلمعون ذلك الخبر، ويضيفون عليه ما شاءوا، وكل جهة تضيف ما يتناسب مع مقدرتها على الإقناع والترويج لأهدافها وأغراضها، فمثلا قد يقوم شخص عادي بنقل مثل هذا الخبر ويتكلم عنه حسب ثقافته ومقاصده من النشر، لكن لو كانت جهة إعلامية من تنشر الخبر وتتبناه، فهو بالتأكيد سيكون متينا، ومستندا لمعايير قانونية وإعلامية وتحليلات صحافية، تتقصى إقناع المتلقي بأفكارها وأغراضها من النشر، لفضح الشخص مثلا، أو استهداف الجهة التي ينتسب إليها، وتشويهها، وإظهارها بأنها غارقة بالفساد والفوضى..الخ.
بعض الأخطاء الفردية؛ قد تكون بسيطة بريئة، وأسرد هنا مثالا عن نفسي، حين كنت عسكريا غرّا، وكنت يومها في واجب «وظيفة حراسة»، لبوابة في المطار، وبالطبع كل المطار مؤسسة أردنية مهمة، لكنني كنت في الشهر الخامس من خدمتي العسكرية، منها 4 أشهر ونصف كانت في ميادين التدريب، ولأنني كنت أتوق للحصاد وأيامه، شاهدت «جرادة»، حطّت على الدرج الخارجي أمام تلك البوابة، فاستيقظت طفولتي، وحاولت أن ألقي القبض على الجرادة، وألهو بها، فطارت وحطت في مكان قريب، ولحقتها، ثم انتقلت لمكان آخر ولحقتها، وحين «ألقيت القبض عليها»، فإذا بقائد السرية الذي كان في جولة تفتيش على الوظائف، يناديني من بعيد، وكان قد تسلم منذ أيام مهامه كقائد للسريّة، وكان مرسى الطائرات فسيحا، فإذا بقائد السرية «يعجّ الصوت» مناديا عليّ باسمي، واستغربت كيف عرفه بهذه السرعة، بل ويناديني بلهجة صوت المرحوم والدي، حين كان يناديني عبر مسافات مفتوحة في البر و»الحصايد»، وبالطبع عدت إليه راكضا، والجرادة في يدي، فوجدته يضحك ملء شدقيه، فاطمأنت نفسي جدا، وخاطبني: يا ود انت مهتوف؟!.. بتلاحق ورا الصيصان وانت في وظيفة عسكرية.. يقولها ثم ازدادت ضحكته حد القهقهة حين شاهد الجرادة في يدي.. طبعا كانت هذه أول مرة أقف قريبا منه إلى هذه الدرجة التي تمكنت فيها من قراءة اسمه على «الباج» الذي يزين صدره مع بعض النياشين العسكرية.. فإذا به من قرايبنا «الذنيبات»، ولم يقرر عقوبتي، بل منعي من الخروج بوظائف داخل المطار، وانتهى الموقف.
الآن أتساءل عن الموقف: ماذا لو حصل الآن، وتمكن أحدهم من تصويري، وأنا عسكري أحمل سلاحي، وأطارد جرادة في مرسى طائرات في مطار دولي نشيط الحركة؟! وماذا لو وقع الفيديو في يد «معارضة» خارجية، تفتح نيرانها على الأردن في مناسبة وفي غيرها؟.. وماذا لو وصل الفيديو لحاقد على الجيش والأمن؟ .. طبعا ربما يكون الموقف بسيطا بريئا «كوميديا»، لكنه قد يصبح دعما وتشجيعا للإرهاب أو فسادا وإهمالا في «أمن المطارات» حول العالم.
ما الذي يريده بعض الذين ينبشون عن فيديوهات ومواقف وقصص فردية وقديمة، ويعيدون نشرها وإنتاجها، والتحليل الأسود حولها؟!.
عندي واحدة وسأحاول متابعتها دون حديث أو نشر، لأنني مقتنع بأن الأخطاء الفردية تحدث، لكنها تصبح مؤسسية لو لم يتنبه لها المسؤولون، ويعالجوا الأخطاء، قبل استفحالها.