عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Oct-2025

العدالة الغائبة*أ. د. صلاح العبادي

 الراي 

حماس تنفذ إعدامات داخلية تحت عنوان تطهير البيت الداخلية؛ فهي العدالة الغائبة.
 
انتهاكات حماس تفتحُ جراح غزّة القديمة، والحرب الأهليّة قد تطرقُ الأبواب.
 
منذ إعلان وقف إطلاق النار لم تهدأ غزّة، بل دخلت مرحلة جديدة من التوتر عنوانها الاعدامات الميدانيّة التي نفذتها حماس بساحات عامة، والتي أثارت موجًة من الغضب والقلق، وسط تحذيراتٍ من إنزلاق غزّة نحو حربٍ أهليّة، خاصّةً مع تصاعد الاشتباكات بين حماس وعشائر محلية، وظهور مجموعات مسلّحة جديدة.
 
فهل تحاول حماس فرض سيطرتها بالقوة؟وهل القطاعُ يقتربُ من حرٍب أهليّة؟
 
لم يعد خافيًا أنّ الاعدامات التي نفّذها عناصرُ حماس في قطاعِ غزّة بحق العشائر من أبناء العائلات عُرفت تاريخيًا بمناهضتها للحركة جرت خارج القانون دون محاكمات، ودون الإفصاح عن هوية الضحايا أو التهم الموجهة إليهم.
 
حماس سارعت بتنفيذ هذهِ الاعدامات تحت ذريعتين؛ التعامل مع إسرائيل ووصفهم بأنّهم أفراد من العصابات.
 
الأدهى أنّ بعضها نُفذ علناً أمام الحشود، وكأنّها رسالة صريحة وقاسية.
 
هذهِ الاعدامات وهذا التضييق على العائلات أمر أثار مخاوف حقيقية من امكانية اندلاع حرب أهلية في غزّة؛ حيث تتصاعد أصوات المعارضة داخل القطاع التي ترفض خيارات الحركة، وتدعو لوضعِ حٍد لهذا العنف.
 
ومع أنّ خطط الرئيس الإميريكي دونالد ترامب لوقف الحرب تضمنت بندًا رئيسيًا؛ كف يد حماس عن حكم القطاع، ونزع سلاحها بالكامل؛ إلا أنّ ترامب أثار جدلًا بتصريحاته حول إعدامات حماس.
 
الرجل قال بأنّه غير منزعج بقيام حماس بإعدام ما وصفها عصابات سيئة بقطاع غزّة، وأشار إلى أنّ العملية لا بأس بها.
 
تصريحات ترامب التي اعتبرت تبريرًا ضمنيًا لهذهِ الاعدامات أثارت ردود فعل غاضبة، خاصة بعد أدانت الرئاسة الفلسطينيّة ما وصفته إعدامات ميدانيّة خارج القانون.
 
إلا أنّ إعدامات حماس أثارت غضب وتنديد دولي أيضًا؛ القيادة الوسطى الأميركية دعت الحركة إلى وقف العنف واغتنام فرصة السلام وفق خطّة ترامب.
 
وزارة الخارجية الألمانية دانت الاعدامات العالنية ووصفتها بأنّها ارهاب ضد السكان.
 
فرنسا أيضًا نددت بالإعدامات الميدانية التي تنفذها حركة حماس في غزّة.
 
عضو المكتب السياسي للحركة حسام بدران قالها بصراحة؛ "سلاحنا هو للدفاع عن الشعب الفلسطيني"؛ كأنّ الزمن توقف عند السابع من أكتوبر وصرخة السلاح تتردد من جديد.
 
مستجدات الأوضاع في القطاع المنكوب تثير تساؤلات حول تطبيق نموذج اليوم التالي من الحرب في رفح؟
 
الرئيس ترامب أعلن تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزّة؛ لكنّ تسليم جثث الرهائن يشهدُ مطباتٍ عدّة دفعت إسرائيل لإغلاق معبر رفح ثم فتحه ثم إعادة إغلاقه!.
 
ما جرى في هذا الاطار عينه مما ينتظر المراحل المقبلة من اتفاق غزّة من صعوبات، وبالتالي قطاع غزّة من سيناريوهات، في وقت أعاد فيه وزير المالية الإسرائيلي بتسلإيل سموتريش من حديث حول إنشاء مستوطناتٍ إسرائيلية في القطاع.
 
ما هي السيناريوهات التي تنتظر قطاع غزّة؟ وما هي أبرز التحديات أمام المراحل اللاحقة؟ وما هو موقف ترامب الفعلي من حماس بعد أن تحدث عن قنوات تواصلٍ فعلي معها وبرر انتشار مسلحيها في غزّة، فيما يصر على مطلب نزع سلاحها ؟.
 
وتشكّل أبرز التحديات فيما يتعلق بتنفيذ بنود الاتفاق في نزع سلاح حركة حماس وهو الملف الأكثر حساسية وتعقيدًا؛ فبينما تصر إسرائيل والولايات المتحدة على نزع السلاح كاملًا لضمان استقرار القطاع تتمسك الحركة بحقها في الاحتفاظ بسلاحها ولو جزئيا.
 
من التحديات إدارة القطاع والمعابر لا سيما معبر رفح؛ فالاتفاق ينص على تشكيل إدارة فلسطينيّة جديدة تشرفُ على تيسير شؤون القطاع وتشغيل المعابر؛ لكنّ الخلاف يدور حول من يتولى إدارة المعابر.
 
وتأتي مهمة إدارة الإعمار على رأس التحديات وهي تواجه عراقيل كثيرة في ظل تأخر ادخال المساعدات وتباين الموقف الإسرائيلي بشأن إدخال المواد اللازمة بشأن إعادة الإعمار، إضافة إلى اشتراط عددٍ من الدول عدم تمويل هذهِ العملية إلا بعد الانتهاء من ملف سلاح حماس.
 
كما أنّه ومع قرب إنتهاء المرحلة الأولى من اتفاق غزّة وتوقيع وثيقة شرم الشيخ التي توثق وقف الحرب.
 
تتجه الأنظار إلى ما هو أعقد في المرحلة الثانية؛ حيث تبدأ المفاوضات حول من مستقبل سيحكم القطاع، إضافة إلى طرح بند سلاح حماس أكثر فأكثر، وأكثر الملفات تعقيدًا ورغم إعلان خطّة ترامب بأن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير سيساعد في رئاسة مجلس السلام ويشرف على تطبيق خطّته في غزة، فإن الرئيس الأميركي ترامب شكك بذلك.
 
فهل تنجح الأطراف الراعية للاتفاق بتجاوز هذه العقبات وتحويل الهدنة إلى مسار سياسي دائم يعيد رسم المشهد في قطاع غزّة؟
 
بتوقيع وثيقة الاتفاق انقضت المرحلة الأولى من الاتفاق وتوقف الحرب وتبادل الجانبان الرهائن والأسرى، في حين تواجه المرحلة الثانية من الخطّة سلسلة من التحديات التي تهدد تنفيذ بقية مراحلها، خصوصا في ظل غموض الآليات المقترحة لمن سيحكم القطاع.
 
فغزّة التي لم تكد تلتقطُ أنفاسها الأولى بعد الحرب، حتى طفى على السطح ثغراتٌ وتحدياتٌ لا تهيئ الأرض للانتقال السلس إلى المرحلة الثانية من خطّةِ ترامب.
 
من بين الثغرات التي تحاولُ إسرائيل التذرع بها؛ عدم تسليم حماس جميع جثامين المحتجزين الإسرائيليين في ظلِ صعوباتٍ بالغةٍ تواجهها في العثور على جثامين القتلى بين الأنقاض؛ في وقتٍ تتهم إسرائيل الحركة في التباطؤ المتعمد في إعادة الرفات.
 
وأعادت حماس بالفعل عددًا من الجثامين، لكنّها أكّدت أنّ عادت بقية الجثامين عمليةٌ معقدةٌ تحتاج إلى جهودٍ كبيرةٍ ومعداتٍ متخصصةٍ لا تتوافر لديها حتى الآن. في حين ترى إسرائيل أنّ حماس بإمكانها إعادة ما بين خمسة عشر إلى عشرين جثة وفق موقع أكسيوس.
 
أما العنصر المتبقي في المرحلةِ الأولى هو إعادة فتح معبر رفح، وإدخال المساعدات الإنسانيّة إلى غزّة دون قيودٍ وبكمياتٍ كبيرة، وهي الورقة التي تضغطُ بها إسرائيل لاستكمال عملية إعادة جثامين قتلاها. حيث خفضت عدد شاحنات المساعدات المسموح بدخولها إلى القطاع إلى النصف.
 
تحديات المرحلة الثانية لا تقلُ صعوبةً عن بنودها المعقدة فالغموض يلفُ كلُ ما يتعلق في المرحلة التالية حتى الآن.
 
والتساؤلات تدور حول الطرف الذي سيشرفُ له على تفكيك البنية العسكرية لحماس. فبينما لا تقدمُ الحركة إيضاحات بخصوص عملية التخلي عن سلاحها، يؤكد الرئيس ترامب بأنّ ذلك سيحدث بإرادتها أو بالقوة.
 
شكل وهوية من سيدير القطاع بعد حماس من النقاطِ المثيرة التي تنتظرُ مناقشات المرحلة الثانية، فالخططُ تتضمنُ إنشاء إدارةٍ جديدةٍ بإشرافٍ أميريكيٍ مباشر؛ لكن لا يوجد توافقٌ حتى الآن على حكومة التكنوقراط، ولا يحظى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بلير الذي يتصدر الواجهة كرجل المرحلة الانتقالية بإجماعٍ فلسطيني.
 
أما القوات الأمنية التي ستنتشرُ في القطاع فلا تبدو أنّها ستشكّلُ أزمة، حيث يدور التخطيط لإرسال قوة أمنية دوليّة كبيرة إلى غزّة لإرساء الاستقرار الأمني في القطاع الفلسطيني.
 
الولايات المتحدة تريد المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، ومعالجة قضايا حساسةٍ مثل من سيحكم غزّة؛ لكنّ المسؤولين الإسرائيليين يحذرون من صعوبة الانتقال إلى المرحلة الثانية دون إحراز تقدمٍ بشأن تنفيذ بنود المرحلة الأولى بأسرها.