عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Aug-2025

لماذا انقلب نتنياهو على مسار المفاوضات.. وأين يتجه في غزة؟

  الغد

عواصم- بينما كانت الأنظار تتجه نحو انفراجة محتملة في ملف تبادل الأسرى بعد أسابيع من المفاوضات المكثفة، فاجأ رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– الوسطاء بتراجعه في اللحظة الأخيرة، رافعا سقف التصعيد بالحديث عن احتلال قطاع غزة مجددا.
 
 
خطوة رآها مراقبون جزءا من سياسة المناورة المستمرة التي ينتهجها نتنياهو للهروب من الاستحقاقات الداخلية والضغط لتحصيل مزيد من التنازلات.
 
أغلب التقديرات ترجّح أن نتنياهو يوظف الموقف التفاوضي لخدمة أهداف سياسية داخلية، مرتبطة بمصالحه الشخصية والانتخابية، ويستخدمها للمناورة حتى اللحظة الأخيرة لعله يستطيع أن ينتزع المزيد من التنازلات من حركة حماس.
الهروب من المفاوضات
من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني وسام عفيفة أن تراجع نتنياهو عن مفاوضات الصفقة التي قادها الوسطاء خلال الأسابيع الأخيرة يعود لجملة أسباب تتمثل في:
اعتبارات سياسية داخلية، تحقق لنتنياهو الهروب من المحاسبة لأنه يدرك أن إتمام صفقة قد يعيد المشهد إلى مربع طرح "ما بعد الحرب"، وهو ما يفتح عليه أبواب التحقيق ولجان الفشل، خصوصا في ظل تعاظم النقد الداخلي.
الحفاظ على تماسك الائتلاف، لأن أي صفقة تُفسّر أنها تنازل لحماس قد تُفجّر الحكومة بفعل ضغط اليمين المتطرف، لذا فالتصعيد أسهل وأقل تكلفة سياسيا.
تأجيل الاستحقاقات السياسية، لأن بقاء الحرب من دون حل يجمّد الدعوات لانتخابات مبكرة ويمنح نتنياهو الوقت لخلط الأوراق مجددا، لعدة أسباب بينها:-
- اعتبارات أمنية وعسكرية، حيث يعتقد نتنياهو أن أي صفقة من دون إنجاز ميداني ملموس يحقق فيه "صورة نصر" تتمثل بإسقاط حكم حماس تُعد هزيمة، لذا يُفضّل الإبقاء على التصعيد بحثا عن ورقة قوة تُستخدم في التفاوض لاحقا.
- اعتبارات إستراتيجية وتكتيكية تشمل استخدام المفاوضات كغطاء، حيث كان نتنياهو يستخدمها أداة ضغط لتحصيل تنازلات، وما إن وصلت حماس إلى موقف ثابت من دون تراجع إضافي، توقف نتنياهو.
- ضرب الزخم الإيجابي بعدما شعر نتنياهو أن الوسطاء بدأوا يتقاربون مع مقاربة فلسطينية قابلة للحياة، فانسحب حتى لا يُفرض عليه مسار تفاوضي جديد يُنهي الحرب تدريجيا.
- المناورة أمام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ويندرج تحتها محاولة نتنياهو استثمار الدعم الأميركي الكبير له لتكريس وقائع ميدانية قبل أي تسوية مفروضة لاحقا من المجتمع الدولي.
- الضغط على حماس عبر التصعيد، لأن الهدف قد لا يكون الحرب الشاملة، بل جولة تضغط على الحركة وتعيدها إلى طاولة التفاوض بشروط إسرائيلية.
- مشاورات الكابينت بشأن توسيع العلمية العسكرية في غزة والتمهيد لاحتلال القطاع. 
من جانبه، يعتقد الباحث في الشأن الأمني والعسكري رامي أبو زبيدة أنه إذا أصرت حكومة الاحتلال على الذهاب نحو توسيع العمل العسكري في قطاع غزة فإن هناك 3 سيناريوهات متوقعة:
1 - تقسيم القطاع وفرض واقع تهجيري من خلال فصل مدينة غزة وشمالها عن باقي المناطق بإنشاء "منطقة عازلة" ومخيمات نزوح بدعم أميركي غير معلن، مع تصعيد الضغوط الجوية لتشجيع النزوح جنوبا، مقابل تسهيلات إنسانية في الجنوب.
2 - اجتياح بري لمركز قطاع غزة يركّز على مدينة غزة والمخيمات الوسطى بهدف البحث عن الأسرى، لكنه يحمل مخاطر كبيرة على الجنود الإسرائيليين واحتمال وقوعهم في كمائن ومعارك استنزاف في بيئة معقدة.
3 - إستراتيجية التآكل البطيء عبر ضربات جوية متواصلة، وإنزالات ميدانية محدودة، وضغوط إنسانية وسياسية متزامنة تهدف إلى إنهاك المقاومة، من دون الانجرار إلى مواجهة واسعة.
وفي خضم التهديدات للاحتلال الإسرائيلي، استطلع معهد دراسات الأمن القومي في الكيان المحتل آراء الجمهور هناك حول الأداء الأمني والسياسي في الحرب المستمرة منذ تشرين أول (أكتوبر) 2023، حيث أظهر أن 61 % منهم لا يعتقدون أن العمليات العسكرية في غزة ستعيد الأسرى، في حين يرى 25 % من الجمهور فقط أن العمليات ستؤدي إلى هزيمة حماس وإعادة الأسرى، بينما يرى 52 % منهم أن حكومة نتنياهو تعرقل التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى.
ونشرت منصة شؤون عسكرية قراءة لنتائج الاستطلاع قالت فيها إن مؤشرات الاستطلاع تنسف جوهر العقيدة العسكرية الإسرائيلية المبنية على فرض الوقائع بالقوة واستعادة الأسرى من دون تنازلات، كما أن المقاومة نجحت في تثبيت معادلة استنزاف فاعلة، تجعل أي حسم مستحيلا، وتعزّز من مركزية خيار المقاومة لدى الفلسطينيين.
وبحسب المنصة العبرية، فإن أي عملية عسكرية قادمة في غزة أو أي جبهة ستُقابل بسقف منخفض من التوقعات الشعبية، مما يقلّص حرية المناورة لدى الجيش، ويجعله عُرضة للضغط الشعبي والإعلامي في حال تكبّده خسائر من دون نتائج ملموسة.
وتشير المنصة إلى أن الجيش يفقد تدريجيا مكانته "المقدسة" في الوعي الإسرائيلي، وهذا يعيد النقاش حول قدرته على الحسم، ويعزز مناخا متزايدا من فقدان الثقة بالمنظومة الأمنية برمّتها، وسيتحول الانقسام الداخلي في الكيان، والتشظي المجتمعي، إلى ساحة جديدة للصراع، وهو ما تراهن عليه المقاومة وتراكم عليه نتائج حرب الاستنزاف.-(وكالات)