عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Dec-2025

سوريا ليست قبيلة*سلطان الحطاب

 الراي 

تابعت كلمة الرئيس السوري أحمد الشرع في منتدى الدوحة، ولعلها الأوضح في قراءة الرئيس والحالة السورية منذ سقوط نظام الأسد وانتصار الثورة قبل عام.
 
نعم سوريا ليست قبيلة وهذه حقبة تاريخية وحضارية، فلسوريا تاريخ لا أريد الذهاب اليه في هذه المقالة، ولكن سوريا منذ ما قبل الاستقلال حتى قامت المملكة السورية بقيادة فيصل الاول ابن الحسين والتي سقطت على يد الفرنسيين المحتلين بعد معركة ميسلون، وهي تحاول أن تقدم نفسها كنموذج، ولكن الاحتلال الفرنسي والذي اعطى استقلالاً هشاً استفاد منه الانقلابيون من العسكر الأغرار، الذين طحنوا مستقبل سوريا حتى جاء نظام الأسد المدمر ليمكث ستين عاماً، حتى أصبحت سوريا بعده مقعدة ومعزولة وغير قادرة على الوقوف على قدميها.
 
الآن وبعد عام واحد فقط، فإن الأمل يحدو السوريين أن يخرجوا من نفق العزلة التي وضعوا فيها ومن نفق العقوبات التي فرضت على النظام ولكنها ما زالت تفرضه على الشعب السوري (قانون قيصر).
 
عادت سوريا الى لونها والى شعبها الذي يشبهها وتشبهه، وهي تحاول أن تتنفس الحريات، وقد رأينا ذلك على وجوه الأطفال والنسوة والرجال الذين خرجوا وما زالوا يخرجون ليتأكدوا أنهم ما زالوا أحياء بعد حرب البراميل والمعتقلات الرهيبة وكل يحاول العودة الى الكلام وفتح الفم والتأكد أنه ما زال يستطيع أن ينطق.
 
سوريا الآن تغيرت، والشرع يقول لغة أخرى عن التوازن والاعتدال والديمقراطية، لم نسمعها من انظمة كثيرة في المنطقة، نعم سوريا ليست قبيلة، انها مجتمع حضاري متكامل باعراقه وإثنياته وطوائفه والنظام الان لا يجوز على الإجماع فقد اختفى رقم 99% وهناك من يعارض باعتراف الرئيس، وهو يعترف أن سوريا ما زالت تواجه تحديات كبيرة، في أمنها وذكر بالتهديد الاسرائيلي وسأل من هو الارهابي الذي قتل سبعين الفا في غزة ام اننا نريد تعريفا للارهاب وتحدث عن التهديد الاسرائيلي، بوضوح لأول مرة دون ان يستعمل لغة التهديد، وإنما الشرح وذكر باتفاق فصل القوات المعقود عام 1974، وقد أثنى عليه، وقال ان سوريا يعتدى عليها وان حجم الاعتداءات والخروقات زاد عن 400 توغل وهناك اعتداء كبير وخطير في اقتحام القوات الاسرائيلية لبلدة بيت جن واغتيال أكثر من 25 سورياً، وان اسرائيل لديها أطماع وتطالب بمنطقة عازلة بين دمشق واحتلالها في فلسطين، وأنه لا يرى ذلك، وسأل من يحمي المنطقة العازلة غير الجيش السوري الذي يضمن الاستقرار والأمن، واحتكم الشرع في كلامه الى المجتمع الدولي مطالباً أن يواصل دوره في تخليص سوريا من العدوان، وقدر ما قامت به الولايات المتحدة من فك العزلة عن سوريا كنموذج ومقدمة لالغاء العقوبات عنها، بما في ذلك قانون قيصر، لأن هذه العقوبات تصيب الشعب السوري الذي لا بد من عودته للمشاركة العربية والدولية.
 
أكد الشرع أن سوريا عامل استقرار وشعبها الواعي، يدرك دورها وأن اسرائيل هي التي تصدر أزماتها وما مجازر غزة الا نموذجاً على ذلك.
 
وتحدث عن المرحلة الحالية في سوريا ، وذكر ما تحقق منها وانه تلافى النزاعات المسلحة وسمح بمشاركة الجميع ليس على قاعدة المحاصصة المرفوضة وشكلها المعقد الذي قام في العراق، وإنما على قاعدة المشاركة الواسعة على أساس المواطنة السورية التي تكفل الحقوق للجميع،
 
ويرى الشرع أن سوريا تسير في اتجاه ايجابي وأن أوضاعها الاقتصادية الصعبة لا بد أن تتحرك، وذكر ان سوريا التي دمّرها النظام السابق، وكانت الكهرباء لا تأتيها إلا ساعة ونصف يومياً أصبحت تأتيها 12 ساعة وفي القريب ستغطي كل الوقت.
 
يعترف الشرع، ويقول أن سوريا عاشت عزلة ل 60 سنة، رغم حضارتها الممتدة منذ 3 الآف سنة ورسالتها الاسلامية منذ أكثر من 1400 سنة والذي جعلها تقدم نموذجاً للعالم وهي تعطي في تاريخها دروساً على التآلف والتفاعل والمشاركة، وتستعيد الاستقرار وتبشر به العالم بالعمل والمساهمة.
 
النظام الجديد، جنّب السوريين قدر الامكان الدخول في تصفية النزاعات والانتقام، وحاول أن يجعل الاقتصاد السوري إيجابياً من أجل البناء والتنمية، فهل يستطيع أن يواصل إنجاز ذلك وأن يتصدى للتحديات الماثلة في الداخل من بقايا النظام السابق ومن تمرد أطراف أخرى او عدم انخراطها مثل دروز السويداء الذين استقوى بعضهم باسرائيل، في حين وقف البعض الأخر مع الدولة السورية وكذلك الاكراد الذين ما زالًت التدخلات الخارجية تلعب بمواقفهم.
 
النظام الجديد بحاجة الى الوقت للانجاز ولضمان استقرار سوريا أكثر، وبحاجة الى السرعة ايضاً ليكون قادراً على مواجهة التحديات، خاصة وان الاعتداءات الاسرائيلية على سوريا والتي وصلت حداً لا يمكن السكوت عليه، تستنزف شعبية النظام، حيث بدأ السوريون يتساءلون عن المستقبل وعن مصير بلادهم أمام زيادة العدوان الاسرائيلي الذي يستهدف تقسيم سوريا واحتلال المزيد من أراضيها، وتهديد عاصمتها، فهل يستمر النظام في ضبط الحالة؟ أم أن الحالة ستنفجر كما حدثت المقاومة في بيت جن حين رد السوريون بمقاومة قد تكون مؤشراً لا يستطيع النظام تجاوزه، فإما ان يرد مهما كانت قوته ضعيفة أو غير مستعدة، أو أن يسمح بالمقاومة ويسلح الشعب السوري لصناعة مقاومة شعبية قادرة، وهذا الأمر تتحمل اسرائيل مسؤوليته، وهي التي تصنع المقاومة باحتلالها كما في تجارب جنوب لبنان وغزة وغيرها.
 
النظام السوري الجديد في امتحان عسير وما زال لم يجب على كل الاسئلة، وما زال يستنزف رصيده، وهو بحاجة الى دعم وإسناد ليقف على قدميه، والدعم السياسي والاقتصادي مطلوب حتى لا يخسر العرب سوريا التي تحاول التشافي، فالتاريخ لا يرحم، والشعب السوري يستحق الدعم والوقوف الى جانبه، ولعل النموذج الأردني في الوقوف الى جانب سوريا وعدم التورط في مشاكلها الداخلية هو ما أثبت سلامته.وهو اولى ان يتبع من قبل ومن بعد