عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Nov-2025

لطمة سياسية لإدارة ترامب وتوجهاته*حمادة فراعنة

 الدستور

صفعة سياسية وجَّهها نجاح زهران ممداني لإدارة الرئيس اليميني المتطرف ترامب، ليس فقط لأنه من الحزب الديمقراطي المنافس للحزب الجمهوري، بل لأن ما يمثله رئيس بلدية نيويورك المنتخب يتعارض ويناقض توجهات الرئيس الأميركي السياسية والأيديولوجية، وأن ما يملكه ترامب من نفوذ سياسي وتأثير على الممولين لصالح ممثلي المنافسين أندرو كومو وكورتيس سليوا، والتحريض المعلن من قبل ترامب بأن ممداني مسلمٌ معادٍ للسامية ولليهود، ويؤيد الفلسطينيين، لم يحقق ما كان يرغبه ترامب وتوجهاته ورغباته، في مواصلة تغيير التوجهات الأميركية إلى مزيد من دعم المستعمرة، والتوجهات الرأسمالية، والسياسات ذات الطابع الاستعماري القديم والإمبريالي الجديد.
نجاحان حققهما زهران ممداني، رئيس بلدية نيويورك: الأول يوم 25/6/2025، حينما فاز بالانتخابات التمهيدية من داخل الحزب الديمقراطي، والثاني حينما فاز على منافسيه في انتخابات بلدية نيويورك يوم 4/11/2025.
زهران ممداني كسر حواجز التقاليد الأميركية التي سعى لها الرئيس ترامب في التأكيد على الشخصية القيادية المتمثلة بالبيض المسيحيين، حيث نجح ممداني المسلم من ذوي القوميات المهاجرة، إذ وُلد في أوغندا، ووصل إلى الولايات المتحدة مع أسرته، ولم يكن يتعدى السبع سنوات.
زهران ممداني تلميذٌ بمدرسة بيرني ساندرز، الشخصية الأميركية البارزة في تمثيل الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، كشخصية ديمقراطية اشتراكية تنحاز أولاً إلى صفوف الفقراء والطبقة الكادحة، ولهذا وصفه الرئيس الأميركي باعتباره شيوعياً اشتراكياً، وثانياً لأنه يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وضد المستعمرة الإسرائيلية، ولذلك عبّر الرئيس ترامب عن استغرابه بهدف التحريض ضد ممداني بقوله إنه يكره اليهود، ومع ذلك استغرب أن قطاعاً من اليهود وقف إلى جانب ممداني ودعموه في الانتخابات.
زوجته عربية سورية، ولهذا يُجيد بعض العربية، وخاطب الجاليات العربية المقيمة في نيويورك من الأردنيين والفلسطينيين والسوريين واللبنانيين حتى يقفوا إلى جانبه وينتخبوه، وهذا ما حصل.
منذ هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفييتي مع نهاية الحرب الباردة، والصراع الأيديولوجي السياسي القومي بين الاتجاه الذي تقوده الولايات المتحدة لصالح رأس المال ولصالح الصهيونية والقوى المتخلفة، وبين الاتجاهات السياسية اليسارية التقدمية التي لا رأس لها ولا قائد، وهي مبعثرة لدى العديد من البلدان المختلفة، ولكنها تسير إلى الأمام رغم الإمكانات المتواضعة والتضحيات الكبيرة التي تقدمها الشعوب المقهورة من أجل كرامتها واستقلالها.
ما يجري في أوروبا من مظاهرات واحتجاجات شعبية، وما حصل في نيويورك، ظواهر أولية في مواجهة سياسات التطرف والعنصرية والتسلط، وليس غريباً أن معركة 7 أكتوبر الفلسطينية وتداعياتها أعطت نتائج بارزة واضحة أثّرت على المشهد السياسي الدولي برمته، فالقتل والمذابح والإجرام الذي تمارسه قوات المستعمرة ضد الفلسطينيين ترك الأثر البالغ على ما يجري في أوروبا وما جرى في نيويورك.
تقول افتتاحية صحيفة يديعوت أحرونوت يوم 6/11/2025:
«من الخطأ تجاهل حقيقة أن فوز زهران ممداني مرتبط بموقفه تجاه إسرائيل – المستعمرة –، ووفقاً لاستطلاع رأي أجرته شبكة CNN قبل الانتخابات، رأى ثلث الناخبين أن موقفه تجاه إسرائيل – المستعمرة – قضية مهمة في تصويتهم، بينما اعتبره ثلث آخر قضية ثانوية، لكنها لا تزال من أهم القضايا التي تؤثر على تصويتهم، وهذا أمر لا يمكن تجاهله».
وأكثر من هذا تقول افتتاحية يديعوت:
«لم يكتفِ زهران بالتهديد بإصدار أوامر للشرطة باعتقال نتنياهو إذا زار المدينة – على خلفية الجرائم التي قارفها في قطاع غزة –، فهو يرفض الصهيونية كفكرة من حيث المبدأ، هكذا ربّاه والده البروفيسور محمود ممداني من جامعة كولومبيا، الذي دأب في السنوات الأخيرة على الترويج في أبحاثه لتعريف الصهيونية كمشروع استعماري استيطاني».
ولذلك نقول بثقة إن غزة الفلسطينية ساهمت في نجاح زهران ممداني، رئيساً لبلدية نيويورك الأميركية.