عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Jul-2025

الأردن في مرمى الشائعات الصيفية: الحقيقة التي لا تغيب بالشمس*قصي حمدان الجمال

 الراي 

مع كل صيف، يعود مشهد مألوف للأسف: موجة من الشائعات تنهال على الأردن كحرّ تموز، تارةً تتحدث عن انهيار اقتصادي، وتارةً أخرى عن فوضى أمنية، وأحيانًا تُصوّر الأردن وكأنه دولة على حافة الانهيار. الغريب أن هذه الحملات لا تأتي من خارج الحدود فحسب، بل كثيرًا ما يغذيها أبناء الداخل، بقصد أو بغير قصد.
 
هل هي مصادفة أن تشتد هذه الشائعات مع بداية موسم السياحة، ومع توافد الأردنيين المغتربين والزوار من الدول المجاورة؟ وهل هي عفوية عندما تُنشر بكثافة على منصات التواصل في توقيت واحد؟ أم أن هناك من يزعجه استقرار هذا الوطن، ويريد أن يشوّه صورته في وعي الناس، ويغتال الأمل في قلوب شبابه؟
 
لا أحد ينكر التحديات: اقتصاد يئن، بطالة تثقل كاهل الشباب، وغلاء معيشة أصبح حديث كل بيت. لكن هل هذه مشكلات فريدة؟ ألسنا جزءًا من إقليم مضطرب؟ ما يميز الأردن ليس غياب التحديات، بل قدرته العجيبة على الوقوف رغم العواصف، وعلى حفظ الأمن وسط حرائق مشتعلة من حوله.
 
الشائعة لا تحتاج إلى دليل، يكفي «سكرين شوت» مجهول، أو «بوست» من صفحة وهمية، لينتشر كالنار في الهشيم. لكن الأذى الذي تتركه الشائعة أخطر من مجرد إشاعة: إنها تزرع الشك، وتقلل الثقة، وتحطم الروح المعنوية.
 
الخطير أن من ينشر الشائعة لا يشعر دائمًا أنه شريك في الأذى. بل يظن نفسه ناقل «خبر»، أو يمارس «حرية تعبير»، بينما الحقيقة أنه أداة–وإن لم يدرك–في يد من يريد النيل من استقرار هذا البلد.
 
المطلوب اليوم ليس صمتًا، بل وعيًا. لا تكن أنت من يساعد في نشر الإحباط، لا تشارك منشورات مظللة، لا تصدق كل ما يُقال دون تحقق. اعرف أن النقد حق، لكن التهويل تدمير. وأن الانتماء لا يكون فقط بالعلم والنشيد، بل أيضًا بالدفاع عن سمعة الوطن، ورفض كل ما يُراد به شرًّا.
 
لسنا في المدينة الفاضلة، ولكننا في وطنٍ متماسك رغم الأزمات، وفي دولة ما زالت تحافظ على الحد الأدنى من الكرامة والاحترام وسط عالم مليء بالانهيارات. فدعونا لا نكون جزءًا من عملية تقويض الصورة، بل شركاء في ترميمها، ولو بكلمة حق.