عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Sep-2025

دراسات عالمية تحذر.. والصغار يواصلون اقتحام منصات السوشال ميديا بلا قيود

 الغد-تغريد السعايدة

دراسات متتالية، ومطالبات مبنية على توصيات تربوية ونفسية، بضرورة إيجاد طرق آمنة لحماية الأطفال من مخاطر السوشال ميديا، وعلى مدار سنوات، لكن "لا حياة لمن تنادي"، إذ ينضم مئات الآلاف من الأطفال يوميا إلى هذا العالم الافتراضي دون قيود ملائمة.
 
 
ورغم الدعوات التي تبث بناء على تجارب وقصص يومية توضح الأثر الخطير لمواقع التواصل الاجتماعي المتاحة بلا ضوابط على الأطفال، يؤكد كثير من الأهالي عجزهم عن تبني قواعد تربوية صارمة في حياتهم اليومية، نتيجة اندماج أبنائهم في عالم السوشال ميديا، الذي بات متاحا للجميع وبشتى الطرق.
ومؤخرا، وبسبب قضايا أمنية عديدة تتعلق بالأطفال، وأدت إلى وقوع أزمات أسرية وحالات تفكك، بل وصل بعضها إلى حد "ارتكاب الجرائم"، حيث يكون الضحية والمجرم من الأطفال أنفسهم، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تعميم فكرة "فرض قواعد صارمة تحمي الطفولة الرقمية من المخاطر المتزايدة على الإنترنت"، وذلك من خلال "حظر وصول الأطفال دون سن السادسة عشرة إلى منصات التواصل الاجتماعي بشكل كامل".
 تغيير الاعمار للدخول للمنصات
ويشار، من خلال بيان الاتحاد الأوروبي، إلى أن غالبية منصات التواصل الاجتماعي، تحدد سن الثالثة عشرة من أجل إنشاء حساب على حساباتها، بيد أن الكثير من الأطفال قادرون على تغيير أعمارهم و"الكذب"، كما بينت، والاحتيال على المواقع الإلكترونية، وبالتالي سهولة التسجيل فيها وخوض غمار تجربة جميع ما يتم عرضه وبثه على تلك المواقع.
تعاني الأسر بكثرة من هذا الأمر، وفي كل مرة يتم إطلاق دراسة وتحذيرات حول الخطر الرقمي على الأطفال، والالتزام بسن قانوني معين، يجد الأهل أنفسهم في دوامة رفض الأبناء، وإدمانهم إلى حد ما، واعتماد الأطفال في الكثير من تفاصيل حياتهم اليومية وتوصالهم مع أصدقائهم على "الشات" المتوفر في تلك المواقع.
وهذا ما تقوله والدة الطفلة ماريا، 13 عاما بعد أن وجدتها غارفة في بحر الحوارات مع صديقاتها، وتبادل مقاطع الفيديو المختلفة، والاعتماد بشكل كامل على التواصل معهن من خلال "التشات" على إنستغرام.
وتقول والدة ماريا إنها تحاول جاهدة أن تمنع الهاتف عن ابنتها، خاصة خلال أيام المدرسة، ولكنها تصطدم برد ابنتها بعبارة "كل صاحباتي معهم ونحكي وندرس على التلفون"، حيث تعتقد أن ما مر به الأطفال إبان ظاهرة جائحة كورونا، والاعتماد على التعلم عن بعد، ساهم في تملك الأطفال الهواتف والاعتياد عليها في سن مبكرة و"خرجت الأمور عن السيطرة على حد تعبيرها.
وعلى سبيل المثال، فيما يتعلق بالمخاطر الأخيرة لاستخدام صغار السن للهواتف والولوج إلى عوالم مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت دائرة القضاء في أبوظبي؛ "أصدرت محكمة أبوظبي الجزائية أحكاماً رادعة بحق 8 مدانين في قضايا استغلال جنسي للأطفال عبر الإنترنت، تراوحت بين 3 و15 سنة سجن، مع غرامات مالية وصلت إلى مليون درهم، إضافة إلى الإبعاد لعدد من المدانين بعد قضاء العقوبة".
وفي التفاصيل، فقد بدأت القضية حين تم استدراج الأطفال من خلال الألعاب الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، ومحاولة إرسال مواد غير لائقة، لذا كان لا بد من وجود ضوابط قانونية صارمة رسمية، في حال لم تجد الضوابط الأسرية.
 الأثر على الاستيعاب الدراسي
تيما العزام تقول أيضا إن لديها طفلين في المرحلة الدراسية الأساسية، وقد لاحظت على أحدهما أنه بدأ يعاني من مشكلات في الاستيعاب المدرسي، وهو ما أكدته معلمته في الصف، حيث تلوم تيما نفسها، على حد تعبيرها، لأنها كانت متساهلة جدا في السماح لابنها بقضاء ساعات طويلة على الهاتف خلال العطلة الصيفية الماضية.
وتضيف: "أحد عشر عاما ليست كافية ليكون ابني موجودا على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه مسؤولية الأهل"، معتبرة أن تقليد الأصدقاء وتساهل الأهل في مراقبة الأطفال قد يكونان السببين الأكبر في انغماسهم بعوالم السوشال ميديا.
ويؤكد الخبير والاستشاري التربوي الدكتور عايش النوايسة أن مخاطر وتحديات محتوى الإنترنت بشكل عام ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص، هي أمر لا يمكن إنكاره عندما يتعلق الأمر بالأطفال، ولا سيما في مرحلة الطفولة المبكرة، التي باتت من أكثر الفئات تعلقا بالهواتف المحمولة وما تتضمنه.
غير أن المسؤولية بالدرجة الأولى تقع على عاتق التربية الأسرية، التي يجب أن تكون قادرة على مواجهة هذه التحديات عبر قوانين وضوابط داخل البيت، تساهم في الحد من استخدام الهواتف لمن هم دون السن المناسب، أو بما يتوافق مع متطلبات الأبناء وحاجتهم للتواصل مع الآخرين، وأن يخضع ذلك كله لرقابة الأهل وتنظيمهم.
وبحسب خبراء، فإن الأطفال قادرون على التحايل للدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي، من ناحية وضع أعمار غير حقيقية ليتسنى لهم التسجيل، مما يزيد من خطورة الأمر، بحيث لا يصبح هناك أي ممنوع ولا محظور على الأطفال بالمضمون الذي يشاهدونه.
وهذا ما تحدثت عنه رئيسة المفوضية الأوروبية بأن ذلك يؤدي إلى "قلق الآباء الذين يبذلون قصارى جهدهم للحفاظ على سلامة أطفالهم من تعرض أطفالهم لمخاطر مجرد نقرة على الهاتف"، على حد تعبيرها.
 صعوبات يواجهها الأهل في عملية الضبط 
ويعتقد النوايسة أن الأهل أيضا قد يواجهون صعوبة كبيرة في ضبط المطلوب منهم، إذ إن توفر الإنترنت لكل أفراد الأسره له دور أيضا في الصعوبة بتحديد الأعمار التي تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي، لذا لا بد من تكاتف الجهود في مثل هذه الحالات التي تزداد تعقيدا يوما بعد يوم. 
وفي ذات السياق، تقول اختصاصية الإرشاد النفسي والتربوي الدكتورة سعاد غيث، إن الحاجة إلى الوعي الأسري هو الأفضل في مثل هذه الحالات، كون بداية الضبط في هذا المجال تعتمد على الأهل، ولي الأمر، إذا لا يمكن أن تقوم القوانين والأنظمة التي تسنها المؤسسات بدورها في الضبط دون تفاعل أسري.
هناك حالة من اليقين أن الحياة الرقمية الآن تسيطر على الكثير من تفاصيل الحياة اليومية، كما تقول غيث، والأطفال واليافعون هم جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع، ومن الأسرة التي تعتمد في تواصلها الاجتماعي على تلك المنصات، وهذا ما يتطلب من الأسرة أن تكون هي الراعي والضابط لأي انفلات وتهاون من قبل الأبناء في حال حدث ذلك.
 أسس التربية المناسبة لحماية الأبناء
وبالتالي، تؤكد غيث أن الأنظمة والقوانين لا يمكن أن تكون رادعة إلا إذا قام الأهل بالحفاظ على أسس التربية المناسبة لحماية الأبناء من الامتداد الرقمي الذي لا يمكن منعه من الوصول لهواتف أبنائنا التي نضعها بأنفسنا بين أيدي الأبناء بغض النظر عن المرحلة العمرية، كما تؤكد البينات والأرقام من وجود نسبة عالية من صغار السن يملكون هواتف ذكية.
ويتفق النوايسة وغيث على أهمية الدور الكبير الذي يجب أن تناط به المؤسسات المعنية بالتربية والإعلام والتوعية من جامعات ومدارس وجمعيات خيرية تُعنى بالتوعية الأسرية والتعليمية، بالإضافة إلى وسائل الإعلام المختلفة التي تساهم في توعية الأهل بشكل مباشر، عدا عن استغلال وسائل التواصل الاجتماعي المنتشرة في برامج التوعية.