عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Oct-2025

حمى الله لبنان الكبير* غازي العريضي
المدن -
كأن استقرار لبنان بات معلقاً على " صخرة الروشة " !! وثمة من تسلّق صخرة يحنّ اليها منذ زمن طويل ويعتبر ان الفرصة جاءت اليوم، ويريد " رمي الآخرين في البحر " – بالمعنى المجازي للكلمة – وثمة من تعلّق بموقف بات أسيره، الموقف يديره !! وثمة من تملّق الموقف ولا يخسر شيئاً إن صبّ الزيت على النار وأطلق الاتهامات والشعارات الشعبوية وركب كل الموجات، ومارس التحريضات ضد الدولة والجيش ودعا الى عدم تقديم المساعدات له، وذهب بعض المنفعلين المبالغين بردات الفعل الى حد القول " سنوقف السعي الى طلب مساعدة الجيش". 
 
 
 
الاستقرار في لبنان معلّق على ما يدور في رأس نتانياهو وقادة دولة الاحتلال والإرهاب. وهم يعبّرون عما يريدونه. لا انسحاب من الأراضي المحتلة. بل بدء تثبيت حدود المنطقة العازلة بين 500 و 1000 م واقعياً على الأرض كنقطة انطلاق لفرض السيطرة على مناطق أوسع وإخضاعها للرقابة الدائمة. لا إعادة إعمار. لا عودة أهالي الى قراهم. استمرار القتل والتهديد بزيادة وتيرة الاعتداءات في كل الاتجاهات والمناطق حيث " يرصدون " هدفاً. واعتداء على اليونيفيل والجيش منذ أيام  ومنع قواتهما من القيام بدورها في تطبيق قرار وقف الأعمال العدائية والقرار 1701 ولا أحد يهتم فعلياً. والمتسلّقون والمعلِّقون والمعلًّقون والمتملقون الذين أشرنا اليهم لا يتوقفون عند هذه المخاطر. 
 
في المقابل ترتكب خطايا من قبل " حزب الله " في مخاطبة الآخر. ومع كل ما يستهدف بيئته والطائفة الشيعية الكريمة في بعض القرارات والممارسات ولنا مواقف ثابتة في الرد على ذلك فلا يجوز الردّ على الأفكار والطروحات بالتهديد والوعيد والدعوة الى رمي كل شيئ أو " بلّه " او " نقعه" في المياه وشربه. 
 
 
 
المشهد السياسي في لبنان مقلق. فرصة تحققت للبلاد للخروج من الحرب وتداعياتها وإعادة لملمة الصفوف وبناء الدولة ومؤسساتها تكاد تضيع خلال أشهر. هذا أمر غير مسبوق . إذا سلّمنا بأن النيات طيبة وثمة جهود كبرى تبذل في هذا الاتجاه فإن الممارسات ليست على قدر الآمال والنيات والوعود. 
 
الحكومة حققت إنجازات كثيرة. اتخذت قرارات إدارية مهمة. أقدمت حيث توقف كثيرون عن الإقدام منذ سنوات. حرام أن يضيع كل ذلك أو يتأثر بسبب ردات فعل وانفعالات وعناد وسوء إدارة وغرق في التفاصيل والجزئيات والتحريض على الجيش والمؤسسات الأمنية بسبب " حادثة صخرة الروشة " مسؤولون يشيدون بمواقفه وممارساته في الجنوب وبعلبك والبقاع وكل المناطق، ثم يقفزون فوق ذلك ويعتبرون أن الجيش غير القادر على مصادرة " مصباح " ومنع " إنارة صخرة " لن يكون قادراً على تطبيق قرار نزع السلاح، وهو حقق الكثير في هذا الاتجاه. هذه نزوات واندفاعات غير مقبولة. إذ ثمة من سيخرج ليقول: الدولة التي تأسر نفسها وتتعثر بإدارة شؤونها وتحقيق إرادتها لن تكون مؤهلة لترسيخ الاستقرار !! وثمة من يشنون الحملة على الجيش، يروجون لحرب عنيفة مقبلة، ويضعون البلاد في أجواء خطيرة وأحداث كبيرة ستحصل خلال أيام، ويجزمون ان لا مساعدات للجيش. ويؤكدون : " هذه ليست تحليلات. هذه معلومات دقيقة". ثم يعلن من أميركا عن دعم للجيش والقوى الأمنية بقيمة 240 مليون دولار وتعلن قطر استمرارها في دعم الجيش ويتجاهل هؤلاء هذه الحقائق. 
 
 
 
يقدّم عنوان الحرص على العلاقات اللبنانية السورية وتطويرها بعد سقوط نظام الأسد ثم يندفع وزراء الى تقديم مشاريع الى الحكومة تؤثر على بدء استعادة هذه العلاقات وتعزيز الثقة وكأن هؤلاء هم من يقررون ويضعون جدول أعمال الحكومة. لا مبالغة في القول أننا أمام حالة غير مسبوقة قياساً على الزخم الذي انطلقت به المسيرة بعد إعادة تكوين السلطة. المسؤولية كبيرة. الحمل ثقيل. فلتكن الخطوات مدروسة والأولويات مبرمجة  والآمال متواضعة لأن ثمة من يعلن أنه يريد مساعدتنا وهو لا يريد ولسنا في جدول أولوياته واهتماماته، فلا يستقوينّ أحد بالاحتلال ولا يراهننّ آخر على " الاختلال " ولا يعلّقن أحد دون تبصّر ودراية وتحسّب الأعمال والنتائج والآمال على حسابات الخارج في لعبة الأمم المفتوحة على الساحات من إيران الى اليمن والخليج والعراق وسوريا وفلسطين ولبنان. المشروع الاسرائيلي في ذروة تقدّمه. شيئ من التبصّر والهدوء والمراجعة والتفاهم بين المسؤولين لانقاذ ما يمكن إنقاذه، وشيئ من التواضع عند بعض منظّري السياسة والعاملين في السياسة وغير المصدّقين أن ما كانوا ينتظرونه منذ 50 عاماً يتحقق الآن !! فيسمّمون الأجواء بتصريحاتهم التي لا تحمل إلا الحقد والتهور والرعونة. 
 
مرة جديدة : الغباء مرض قاتل. والحقد مرض قاتل، فكيف إذا اجتمعا ؟؟ ليس ثمة أغلى من العقل. وليس ثمة أعلى من تعالي المسؤول عن الصغائر. وليس ثمة أوسع من رحابة الصدر . حمى الله لبنان الكبير!