الغد
لم يكن اسم ياسر أبو شباب، أول من شكّل ميليشيا مسلّحة داخل حدود قطاع غزة تخرج على حكم حركة «حماس» وتتعاون مع جيش الاحتلال الإسرائيلي وتحظى بدعمه، معروفًا قبل بدء حرب الإبادة على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2023.
لم يكن أيضًا ذا شأن داخل عائلته التي تنتمي إلى إحدى القبائل البدوية في القاع، وعُرف اسمه في بداية الأمر حين قاد أفراد مجموعته للسطو على شاحنات المساعدات التي كانت تدخلها المنظمات الأممية إلى قطاع غزة خلال فترة المجاعة الشديدة في العام الماضي.
وياسر أبو شباب من مواليد 19 كانون الأول/ ديسمبر 1993، وبرز كأول شخصية تحمل السلاح في قطاع غزة بعيدًا عن فصائل المقاومة، ويناهض حكم حركة «حماس»، بل ويخرج على الحركة بتشكيل مسلّح يُقال إنه يضم عشرات المسلحين في المنطقة الشرقية من مدينة رفح، وهي منطقة ظلّت تخضع لسيطرة إسرائيلية منذ بدء العدوان، ليقوم هناك بالعمل على تأسيس مجتمع خاص به، يوفّر له المساعدات الغذائية والطبية، التي إمّا سُرقت من قوافل المساعدات، أو تلقّاها من خلال سلطات الاحتلال، التي لم تستطع نفي قيامها بإمداده أيضًا بالسلاح.
تحدّى أبو شباب حركة «حماس» أكثر من مرة، وأعلنت الميليشيا التي يقودها وتُطلق على نفسها اسم «القوات الشعبية»، عن بدء حملة في رفح لملاحقة نشطاء الحركة داخل الأنفاق.
وعبر فيديوهات على صفحة هذه القوات، ظهر مسلحون يتبعون له وهم يتلقون الأوامر العسكرية من مساعده غسان الدهيني، الذي ظهر في تسجيل آخر قبل أيام قليلة معلنًا قتل واعتقال عدد من مقاتلي «حماس»، ضمن حملة قال إنها بالتعاون مع ما أسماه «مجلس السلام».
ظهر أبو شباب وأفراد الميليشيا التي يقودها يرتدون لباسًا عسكريًا وسترات واقية من النوع الذي يرتديه الجيش الأمريكي والإسرائيلي، ويحملون بنادق رشاشة، وزُعم في البداية أنه يقوم بتأمين قوافل المساعدات، وهو أمر نفته تقارير أممية أكدت أنه ومن معه قاموا بالسطو على تلك القوافل.
ومع بروز اسمه بشكل كبير في غزة وارتباطه بالسطو على المساعدات، تبرّأت عائلته والقبيلة التي ينتمي إليها، «الترابين»، منه، فيما اتهمته حركة «حماس» بـ»الخيانة» والعمل لصالح الاحتلال، وأهدرت دمه.
وخلال الفترة التي سبقت اتفاق وقف إطلاق النار، بثّت المقاومة تسجيلًا يُظهر استهدافها بعبوة ناسفة أفراد جماعة أبو شباب ومقتل عدد منهم في منطقة وجودهم شرق رفح.
لم تكن سرقة أبو شباب للمساعدات مجرّد اتهام من فصائل المقاومة، بل وثّقته جهات أممية ونشرت عنه الصحافة الأمريكية.
وفي تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، نقلت الصحيفة عن مذكرة أممية داخلية أن أبو شباب، «أحد أفراد قبيلة الترابين التي تمتد في جنوب غزة وصحراء النقب وسيناء»، هو «الجهة الرئيسية والأكثر تأثيرًا وراء النهب المنهجي والواسع» لقوافل المساعدات.
وأضافت أن أبو شباب، الذي يعمل في المنطقة الشرقية من رفح، يقود مجموعة من نحو «100 بلطجي» يهاجمون الشاحنات التي تحمل الطعام والإمدادات إلى غزة، حسب ما قاله للصحيفة ناهد شحيبر، رئيس جمعية النقل الخاصة في غزة.
وذكرت الصحيفة حادثة وقعت في أوائل تشرين الأول/ أكتوبر 2024، تعرّضت فيها نحو 80 من أصل 100 شاحنة يمتلكها شحيبر للنهب، وقُتل أربعة من سائقيه منذ أيار/ مايو، آخرهم قُتل في 15 تشرين الأول/ أكتوبر.
حاول أبو شباب توسيع نشاطه، وأعلن عن تأسيس عدة إدارات تتبع «القوات الشعبية»، وأعلن عن فتح مدارس ورياض أطفال، بعد أن نشر صورًا تُظهر إقامته مخيمات لإيواء من يريدون العيش تحت إدارته من سكان غزة.
لكن لعدم مشروعية نشاطه، لم يُظهر سوى كبار مساعديه وجوههم أمام الكاميرات، فيما التزم الآخرون بتغطية وجوههم لعدم يقينهم بقدرة هذا النشاط على الاستمرار.
ومن المحتمل أن تضعف قوة هذه الميليشيا التي أسسها أبو شباب بعد مقتله، مع بثّ الخوف في صفوف أفرادها وأفراد الميليشيات الأخرى التي تنشط بمساعدة إسرائيلية.
وقد ساهمت ظاهرة أبو شباب في خروج جماعات أخرى مشابهة، واحدة منها تتمركز على الحدود الشرقية لمدينة خان يونس، وأخرى على الحدود الشرقية لمدينة غزة، وواحدة قرب الحدود الشمالية للقطاع، وجميعها تعمل لصالح الاحتلال.-(وكالات)