عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Oct-2025

تضمين ريادة الأعمال في المناهج.. هل يسهم بتحقيق التنمية؟

 الغد-آلاء مظهر

  في وقت أوصى فيه تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال 2025 مؤخرا، بتعزيز تعليم ريادة الأعمال عبر دمج الابتكار، وحل المشاكل وإدارة الأعمال في المناهج الأكاديمية، أكد خبراء في التربية أن تعزيز ريادة الأعمال، بات ضرورة تسعى إليها الدول والمؤسسات والأفراد، باعتبارها من العوامل الهامة بتعزيز النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي. 
 
 
وبينوا في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، أن تعلم المهارات الخاصة بريادة الأعمال سيسهم ببناء ثقافة الاستقلالية والمبادرة لدى الطلبة، وتطوير قدراتهم في إيجاد حلول مبتكرة للمشكلات اليومية، وتشجيعهم على التفكير خارج الصندوق، والتفاعل مع مشكلات الحياة اليومية بطرق علمية، وتنمية مهارات التفكير النقدي والإبداعي، وإتاحة الفرص للطلبة لربط المعرفة النظرية بالتطبيق العملي، للارتقاء بقدراتهم في الابتكار وتحمل المسؤولية.
التعليم يحدث التغيير
الخبير التربوي د. محمد أبو غزلة، قال نظرا للتطورات المتسارعة في مختلف المجالات، بات تعزيز ريادة الأعمال ضرورة، تسعى لها الدول والمؤسسات والأفراد، باعتبارها عاملا مهما يعزز النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، مبينا أن النظام التعليمي قادر على إحداث التغيير بتضمين تعليم مفاهيم ومهارات التفكير النقدي والإبداعي والابتكار، وحل المشكلات وريادة الأعمال في المناهج التعليمية لجميع المراحل الدراسية، وترسيخها لدى الأفراد، باعتبارها جوهر ريادة الأعمال.
ولفت إلى أن الأردن حقق تقدماً بهذا المجال، إذ أظهر تقرير المرصد ارتفاع مؤشرات التعليم الريادي في المدارس من 2.9 لـ3.7، وفي التعليم بعد المدرسة من 3.7 لـ4.3، ما يعكس اهتماماً متزايداً بترسيخ ثقافة الريادة بين الشباب، مشيرا إلى أن هذا التقدم يتطلب البناء عليه، وتوفير بيئة ريادية جاذبة في المؤسسات بخاصة التعليمية منها، وتبني ريادة الأعمال في التعليم، لأن ذلك خطوة حيوية لإعداد جيل قادر على مواجهة التحديات والإسهام بتنمية المجتمع.
وأوضح أبو غزلة، أن تعلم المهارات الخاصة بريادة الأعمال، يرتقي ببناء ثقافة الاستقلالية والمبادرة عند الطلبة، وتطوير قدراتهم على إيجاد حلول مبتكرة للمشكلات اليومية، وتشجيعهم على التفكير خارج الصندوق والتفاعل مع مشكلات الحياة اليومية بطرق علمية ومنطقية، لافتا إلى أن هذه المهارات ضرورية للمستقبل المهني للأفراد، تمنحهم فرص نجاح بسوق العمل، وتشجعهم على التفكير بإنشاء مشاريع خاصة بهم.
ونظرا لأهمية ريادة الأعمال وتعليم مفاهيمها ومهاراتها، وفقه، أشارت تجارب دولية إلى أن تدريسها كمادة مستقلة أو جزء من مواد أخرى كالاقتصاد والتكنولوجيا، أو إدارة الأعمال، خطوة أساسية لإعداد الطلبة لمتطلبات سوق العمل المستقبلية، فدمج هذه المهارات بالمناهج الدراسية، يضاعف قدرة الطلبة على التفكير الإبداعي، واتخاذ القرارات، وحل المشكلات.
ولفت إلى أن أنظمة تعليمية حول العالم، تشهد توجها نحو تدريس ريادة الأعمال كموضوع مستقل، بخاصة في المدارس الثانوية والمتوسطة، شريطة الفهم الشامل لطبيعة ريادة الأعمال وتطبيقاتها ودورها بحل المشكلات ومناسبتها للفئة العمرية، وأهمية توفير التدريب الفعّال للمعلمين والبيئات المناسبة والموارد اللازمة لتعليمها، ما يساعد على تطوير الطلبة لمهاراتهم الإدارية والتخطيطية، ما يساعدهم في مستقبلهم المهني.
ورأت تجارب دولية، تدرسها ضمن مواد كالاقتصاد، والتكنولوجيا، وإدارة الأعمال، والتربية الاجتماعية، بخاصة في المراحل التعليمية المبكرة، أن ذلك يساعد الطلبة ببناء مهارات ريادية حقيقية، ويجعلهم أكثر استعدادا لتطبيقها في سياقات أوسع، ومواجهة تحديات سوق العمل، والمشاركة في الاقتصاد المعرفي، وفق أبو غزلة.
وأكد أهمية توسع الوزارة بإدخال مفاهيم ومهارات ريادة الأعمال في التعليم، عبر المركز الوطني لتطوير لمناهج لتأليف وتصميم وتطوير مناهج تعليمية، تدمج مفاهيم ريادة الأعمال بمساق الثقافة المالية الذي اعتمد تحت مسمى "ريادة المال والأعمال"، وأن يجري ذلك على نحو منهجي في المراحل الدراسية، وأن يكون مستقلا للمرحلة الثانوية.
ولفت لأهمية أن تعمل الوزارة على وضع خطط وتصميم برامج تدريبية، بالتعاون مع المؤسسات الوطنية لتوفير التدريب المستمر للمعلمين، لتمكينهم من تعليم هذه المفاهيم بكفاءة، وتوفير بيئة تعليمية مناسبة، تشجع على الإبداع والابتكار، ودعم وتنظيم أنشطة وبرامج تعزز ريادة الأعمال بالمدارس، كالمسابقات والمشاريع الريادية، وعقد الشراكات مع القطاع الخاص.
ونظرا لأهمية الموضوع باعتباره شأنا وطنيا، أشار لإمكانية الوزارة عقد شراكة بينها وبين وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، والبنك المركزي، والجامعات والشركات، ووضع إستراتيجية وطنية للعمل مع الوزارات كافة، لتشجيع الريادة والابتكار لدى الطلبة، ما سيؤدي لتحسين العملية التعليمية وتعزيز الابتكار في هذا التعليم وتطبيقه في المراحل التعليمية.
كما أشار لأهمية تنظيم ورش عمل مشتركة بين الوزارتين، تركز على مهارات ريادة المال والأعمال للمعلمين والطلبة، وتقديم محتوى متخصص حول كيفية استغلال التقنيات الحديثة في بدء وتشغيل المشاريع الريادية، ونشر ثقافة ريادة المال والأعمال بين الطلبة والمعلمين، والتعاون بدمج التكنولوجيا في التعليم الريادي، وتطوير منصات رقمية تطرح أفكارا ومشاريع ريادية تساعد بتحسين تجربة التعلم لدى الطلبة، وتمكينهم من المهارات المتقدمة بريادة المال والأعمال، ويفتح بابًا جديدا للثروة لدعم التنمية الاقتصادية في الدولة.
تنمية مهارات التفكير النقدي
وأكد الخبير التربوي فيصل تايه، أن تعزيز تعليم ريادة الأعمال في المناهج الأكاديمية، ضرورة في ظل التحولات المتسارعة في سوق العمل ومتطلبات القرن الحالي، مضيفا أنها تسهم بتنمية مهارات التفكير النقدي والإبداعي وحل المشكلات واتخاذ القرار، ويتيح للطلبة فرصة ربط المعرفة النظرية بالتطبيق العملي، ما يعزز قدرتهم على الابتكار والمبادرة وتحمل المسؤولية. مشيرا إلى أن إدراج ريادة الأعمال في التعليم، يساعد الطلبة على فهم أساسيات إدارة الموارد والتخطيط المالي والتسويق والقيادة، ما يطور لديهم ثقافة مالية وإدارية، تساعدهم في حياتهم الشخصية والمهنية.
وأوضح تايه، أن تعليم ريادة الأعمال، يمكن أن يكون جزءا متكاملاً من المواد الدراسية الأخرى في المراحل الأولى من التعليم، ليكتسب الطلبة تدريجيا مهارات ريادية مرتبطة بالمحتوى الأكاديمي، ثم يقدم كمادة مستقلة في المراحل العليا لتركيز التجربة العملية والمشاريع الواقعية، ما يحقق توازنا بين التعلم النظري والتطبيق العملي.
وبرغم الفوائد الكبيرة، بحسب تايه، فالبيئة المدرسية الحالية ما تزال تواجه تحديات في تبني هذا النوع من التعليم، بسبب التركيز التقليدي على الحفظ والتلقين، ونقص التدريب المتخصص للمعلمين، وقلة الموارد اللازمة للتجارب العملية. مشيرا إلى أن تعزيز جاهزية المدارس يتطلب إعداد المعلمين بأساليب تعليمية مبتكرة، تعتمد على المشاريع والتعلم القائم على المشكلات، وتوفير مساحات مدرسية داعمة للابتكار والتجريب، وربط التعليم بالقطاع الخاص والمجتمع لتعميق التجربة العملية، مع تعديل المناهج لتشمل التعلم التجريبي والمشاريع التفاعلية.
كما أفاد بأهمية تركيز المناهج على تطوير مهارات تجعل الطالب قادراً على مواجهة تحديات المستقبل، ومنها القدرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات، ومهارات التواصل والقيادة والعمل الجماعي، وغرس قيم المرونة والمثابرة والتعلم من الأخطاء، والإلمام بالأدوات الرقمية والتكنولوجيا الحديثة، لتعزيز قدرته على الابتكار وتنفيذ المشاريع بفعالية.
دمج مفاهيم الابتكار
وأوضح الخبير التربوي عايش النوايسة، أن توصية المرصد بأهمية تعزيز تعليم ريادة الأعمال عبر دمج مفاهيم الابتكار، وحل المشكلات، وإدارة الأعمال في المناهج الأكاديمية، لا تمثل مجرد توجه عالمي جديد، بل تعكس حاجة حتمية لمواءمة التعليم مع متطلبات القرن الحالي وسوق العمل المتغير باستمرار.
وأضاف النوايسة، أن تضمين مهارات الريادة في المناهج، يسهم ببناء عقلية ريادية للطلبة، إذ يصبحون مؤهلين للتفكير النقدي والإبداعي، وتحويل الأفكار لمشاريع ذات قيمة، ويرتقي بقدرتهم على مواجهة التحديات، ويساعدهم على التحول من باحثين عن وظائف لرواد أعمال، قادرين على خلق فرص عمل جديدة. وبذلك، يصبح التعليم أداة مباشرة لدعم النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.
ولفت لأهمية تطوير المنهاج الدراسي، بما ينسجم وأفضل الممارسات العالمية ليتضمن الممارسات التي ترتبط بتحقيق الريادة بشكل عام وريادة الأعمال، وبجب من مواءمة مخرجاته مع سوق العمل، وربطه بالبيئة المحلية، ليعكس احتياجاتها الفعلية، ولكي يحقق هذا المنهاج أهدافه، يجب إكساب الطلبة مهارات التفكير العليا، بخاصة التفكير الإبداعي، وتعليمهم كيفية الاستفادة من المعلومات والمصادر على شبكة الإنترنت، ومحاكاة المشاريع الرائدة.
وأشار إلى أن هذا يتطلب وجود معلم مختص ومدرّب على تقديم هذا المنهج، كما يحتاج لبيئة تعليمية تتيح للطلبة حرية التعبير عن آرائهم بصورة نقدية، تعتمد على التعلم النشط، بدلاً من الحفظ والتلقين، مبينا أن هناك تحديات كبيرة أمام تنفيذه، تتعلق بالمعلمين والبيئة التعليمية، وقناعات الطلبة وتوجهاتهم، وضعف دور الأسرة، والتسارع الرقمي، لذا يجب تقديم المحتوى بطرق تتناسب مع طبيعة الطلبة واهتماماتهم، والتركيز على التعلم النشط وربطه بتمكين مهارات التفكير الناقد، وتوفير تدريب متخصص للمعلمين.
ولفت النوايسة إلى أن الجدل قائم حول ما إذا كان تعليم ريادة الأعمال، يجب أن يكون مادة مستقلة أو جزءًا من عدة مواد، فوجود مادة مستقلة يمنح الريادة هوية واضحة ومساحة كافية للتجارب العملية والمشاريع الطلابية، بينما يتيح دمجها في مواد متعددة، فرصة لإبراز الروح الريادية بمختلف التخصصات، موضحا أن الخيار الأمثل يكمن في المزج بين الاثنين: مادة أساسية ترافقها أنشطة وتطبيقات ريادية داخل باقي المواد الدراسية.
وبرغم وجود حماس رسمي ومجتمعي لتعزيز الابتكار والريادة، لكن البيئة المدرسية ما تزال تواجه تحديات كنقص الكوادر المؤهلة، وقلة الموارد العملية، واعتماد المناهج التقليدية على التلقين،وفق النوايسة. منوها بالفرص مالتي تتوافر لتطوير هذا المجال، وأبرزها الشراكات مع القطاع الخاص، والدعم المتزايد من مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية لتعزيز الجاهزية، والاستثمار بتدريب المعلمين على منهجيات الريادة والتفكير التصميمي، وتجهيز مختبرات ابتكار في المدارس، وتطوير آليات تقييم تراعي المشاريع والأفكار الريادية إلى جانب الامتحانات التقليدية.
وبين النوايسة أنه لكي يحقق تعليم ريادة الأعمال أهدافه، فمن الضروري التركيز على مهارات جوهرية، أبرزها: حل المشكلات والتفكير التصميمي، وإدارة المشاريع والتخطيط المالي البسيط، ومهارات الاتصال والتفاوض، والعمل الجماعي والقيادة التشاركية، واستخدام التكنولوجيا والتحول الرقمي، والقدرة على التكيف مع التغيير والمخاطرة المحسوبة.
واكد النوايسة، إن دمج ريادة الأعمال في المناهج الأكاديمية لم يعد خيارًا ثانويًا، بل هو ضرورة لمواكبة تحديات المستقبل،لافتا إلى أن الاستثمار في تعليم الريادة اليوم هو استثمار في أجيال قادرة على الابتكار وتحويل الأفكار إلى واقع يخدم المجتمع والاقتصاد معًا.