عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Oct-2025

رشاد أبو شاور.. سيرة الوطن والمقاومة عبر الأدب

 الغد-عزيزة علي

 نظم مركز "تعلم واعلم" للأبحاث والدراسات محاضرة بعنوان "الأديب الراحل رشاد أبو شاور في ذكراه"، التي جاءت بمناسبة مرور عام على رحيله، حيث سلطت الضوء على مسيرة أبو شاور، ورحلة طويلة امتدت عبر القصة القصيرة والرواية، بدءا من أولى تجاربه الأدبية في بيروت وصولا إلى أحدث أعماله الروائية.
 
 
استعرضت المحاضرة التي أقيمت أول من أمس، في مقر رابطة الكتاب الأردنيين، وأدارها الدكتور أحمد ماضي، الموضوعات الوطنية والإنسانية، وعلاقة الراحل بالمكان والذاكرة، وتفاعله مع الأحداث الكبرى التي شكلت الواقع الفلسطيني.
وتطرق المحاضر إلى أسلوب أبو شاور في السرد، التكثيف، استخدام الرموز، ودمج الشعر بالقص، مع رصد مواقف الشخصيات في مواجهة الاحتلال، المقاومة، النكبات، والانتصارات الصغيرة، لتتجلى أمامنا لوحة متكاملة لمسيرة أدبية تتشابك فيها الحكاية الوطنية مع السيرة الإنسانية.
استهل الدكتور إبراهيم خليل المحاضرة بالحديث عن بداية معرفته "أبو شاور"، وذلك من خلال المرحوم هاشم ياغي الذي لفت نظره إلى قصصه بعدما لاحظ تكرار اسمه في مجلة الآداب البيروتية، وما كتب عنه بأقلام نقاد بارزين كصبري حافظ ورجاء النقاش.
ثم تحدث المحاضر عن أبو شاور القاص قائلا "نشر أبو شاور مجموعته "ذكرى الأيام الماضية"، العام 1970، متناولاً فيها أجواء ما بعد نكسة 1967 وما قبل نكبة 1948. ففي بنادق عتيقة يشكو رجال مخيم النويعمة من قلة السلاح والذخيرة، وفي "زمن النابلم"، يلقى سائق سيارة أجرة حتفه وهو يحاول إنقاذ أسرته بالعبور إلى الضفة الشرقية.
أما قصة "ذكرى الأيام الماضية"، فتمزج بين مقاومة الماضي والراهن، حيث تستقر أرملة الشهيد أبو علي في مخيم جباليا بعد النكبة، فيما يواصل ابنه علي النضال مستعيداً بندقية أبيه التي قد يحتاجها ذات يوم.
وأضاف خليل في مجموعته الثانية "بيت أخضر ذو سقف قرميدي"، (1974) ينتقل أبو شاور إلى مرحلة العمل الفدائي، مع تبني أسلوب يقترب من روح الشعر. ففي القصة التي تحمل عنوان المجموعة يرسم طفلان بيت أحلامهما قبل أن تقصفهما طائرة صهيونية فتتناثر الألوان وتستقر جمجمتاهما كبرتقالتين ذابلتين.
وفي الشجرة يتخلى الكاتب عن مفهوم الشخصية التقليدية مقترباً من قصيدة النثر، بينما تمزج "حالة حب"، بين الواقع والحلم. 
في مجموعته "الأشجار لا تنمو على الدفاتر"، 1975، واصل أبو شاور أسلوبه الجديد في القصة، وهو ما أثنى عليه أحمد دحبور، إذ شكّل نقلة نوعية في مشروعه القصصي باستخدام الرموز المستمدة من عالم الأطفال والتراث. ففي "اغتيال المتنبي وعكا والإمبراطور" استعاد الملامح من تراثنا الثقافي، مستنداً أحياناً إلى شخصيات تاريخية مثل طارق بن زياد وتيمورلنك وجلال الدين شاه في قصة "الذي مات"، حيث يظهر نموذج المحارب الذي لا يستسلم. أما في "عكا والإمبراطور"، فقد أعاد كتابة حكاية تراجع نابليون أمام أسوار عكا، لتغدو القصة تحريضاً وتمجيداً للصمود في وجه العدوان.
ورأى خليل، أن أجواء مجموعة "مهر البراري"، 1977، تتشابه مع ما سبقها، فيما تُعد "بيتزا"، من أجل ذكرى مريم (1981) أكثر مجموعاته نضجاً بحسب دراسات نزيه أبو نضال وأحمد دحبور وزياد أبو لبن. ففيها يعبّر السارد عن أساه لمقتل مريم وهي تحمل طفلها المنتظر، فيعيش إحساس المنتظر الدائم.
أما مجموعته "الضحك في آخر الليل"، (1990)، فقد حازت اهتمام نقاد كبار مثل شمس الدين موسى وصبري حافظ ونزية أبو نضال، الذي قارنها برواية "طيور الحذر"، لإبراهيم نصرالله، مشيراً إلى قصتها التي تصور جنيناً يرفض الخروج من الرحم رغم إجراء عملية قيصرية، إذ يرفض مواجهة الحياة خارج الرحم المليئة بالضغوط والقيود وحدود المطارات والسجون والموت.
وأوضح المحاضر أن من أبرز مجموعات أبو شاور التي حظيت بالإعجاب وحرّكت الفضول "سفر العاشق"، (2009)، حيث يتجلى عشق الكاتب للمكان، إذ يصبح المكان والإنسان وجهين لعملة واحدة. من القصص البارزة فيها "حبوبية أبو ياسين"، حيث يلتقي السارد بعد ثلاثين عاماً بفتى أمام قدر الحبوبية في دمشق، بعدما فقد الرجل الذي عرفه في صباه. تتوالى الذكريات في القصة، وتنصهر عناصرها: الحدث، الراوي، الشخصية، والمكان، لتستحضر الماضي بحنٍّ وشوق. ومن مجموعاته الأخرى الموت غناءً.
تحدث المحاضر عن الأعمال الروائية لأبو شاور، حيث صدرت أول رواية له "أيام الحب والموت"، العام 1973، مواصلةً مسار قصصه القصيرة في تناول القضية الفلسطينية بشكل شامل، بدءًا من الهجرة اليهودية قبل 1917، مرورًا بثورات الأعوام 1936 و1939 و1948، ودور ما عرف بجيش الإنقاذ العربي، وصولاً إلى النكبة.
وأشار خليل إلى أن الرواية ركزت على قريته ذكرين التي احتلها المستوطنون، بينما استشهد عبد القادر الحسيني في معركة القسطل قرب القدس. استخدم الكاتب راوٍ كلي العلم، وشخصيات من عشائر العواونة والمخاتير وعملاء الإنجليز، واعتمد تقنيات التذكر والاسترجاع والتنقل المكاني لإبراز الطابع المحلي، مع حوار قريب من لغة الحديث اليومي بين الشخصيات.
أما عن رواية "البكاء على صدر الحبيب"، (1974)، فرأى خليل أنها حظيت بإعجاب واسع، في روايته الثالثة في "العشاق"، (1977) حيث يختلف السياق، إذ تدور معظم الأحداث في فلسطين المحتلة العام 1967. رصد الكاتب الواقع بدقة، حتى رأى محيي الدين صبحي أنّ سقوط الضفة كان حتميًا، لكن الشباب في أريحا سرعان ما نظموا المقاومة، وانتشرت خلاياها في مخيمات النويعمة وعقبة جبر وعين السلطان.
ورأى خليل، أن الرواية تقدم رؤية شاملة تسلط الضوء على الأسباب والنتائج، وتصف المقاومة من الداخل بطريقة مرتبة زمانيا ومكانيا.
وقال المحاضر "إن أبو شاور نشر "شبابيك زينب"، العام 1993 وهي رواية مكرّسة لأجواء الانتفاضة في غزة والضفة الغربية وما وراء الخط الأخضر (الذي في الحقيقة أسود). تدور أحداثها في نابلس والقدس وما بينهما، وتبرز شخصية زينب في توزيع المنشورات والمقاليع على شبان الانتفاضة، رغم سجن خطيبها بتهمة التحريض".
يصور فيها أبو شاور بحسب خليل، تصاعد التوتر، خاصة يوم جنازة أشرف داود وثلاثة آخرين، حين أصيب ناصر الهواش ونقل للمشفى في حالة ميئوس منها. 
ونوه المحاضر إلى أن أبو شاور أصدر العام 2012، روايته "سأرى بعينيك يا حبيبي"، التي تتناولت موضوع الإرهاب والجهاديين. 
في مجال الرواية والسيرة، كتب أبو شاور بحسب خليل "وداعاً يا ذكرين" (2016)، تلتها "الحب وليالي البوم" (2018) و"ترويض النسر"، (2019). الروايتان الأوليان متكاملتان، ففي "وداعاً يا ذكرين"، يروي تفاصيل قريته التي أخرجت عائلته منها العام 1948، والمجازر التي أجبرت الأهالي على النزوح، ويستعرض إشكالات واجهتها عائلته، ولا سيما شخصية محمود والد المؤلف. تقتصر الرواية على السيرة الذاتية مع التركيز على الأم، الحماة، الأب، الإخوة، المعلم، المدرسة، ومصائر الأقارب وأماكن اللجوء في المخيم. أما في رواية "الحب وليالي البوم"، فيواصل أبو شاور سيرة والده.