عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Jun-2025

من يدلنا على الخيط؟*رمزي الغزوي

 الدستور

نبدو وكأننا عالقون في هامش التاريخ، نستظل بصمت ثقيل لا يشبه السلام، ونراقب الزمن وهو ينزلق من بين أصابعنا كأننا لا نخصه. لا حرب تُعلن ولا سلم يُبرم. لا خسارة نخجل بها ولا انتصار نحتفي به. فقط وقوف دائم على حافة ما، نكتب الملاحظات، نرصد المشهد، وننتظر عثرة لاعب كي نلحق باللعبة.
 
ليست المشكلة في التأخر. الكارثة أننا أصبحنا نعيش فيه وكأنه حالة طبيعية. نتقن الانتظار، نزينه بالحكمة حينًا وبالتوجس حينًا آخر. وكلما صرخت العواصف في وجوهنا، قلنا: ربما لو بقينا ساكنين نعبر. لكن العواصف لا تصغي، ولا تعبأ بسكون أحد.
 
نردد شعارات من زمن غابر، نحملها كتمائم قديمة، ثم ما إن تُختبر حتى تتبخر كالدخان. نؤجل الأسئلة لأننا نعرف أن الإجابات مكلفة. نغلق النوافذ على المرايا كي لا نرى ما تهشّم في الداخل. نقول إننا محايدون، والحقيقة أننا نرتجف من الاعتراف بموقعنا الحقيقي.
 
العقدة لا تقيم في السياسة، بل في القلب. في هوية لم تكتمل، في انتماء مشطور بين خرائط وحدود ولاءات لا تتحدث لغة العاطفة. عقدة تتشابك، وتنتظر من يحلها، من يجد الخيط الأول، من يملك الجرأة كي يصرخ بما لا نحب أن نسمع.
 
نحن لسنا عاجزين، نحن مرهقون. نحمل ذاكرة مشتعلة، لكننا فقدنا البوصلة. نمتلك الرغبة، نفتقر إلى الشجاعة. ربما لا نحتاج إلى صوت جهور بقدر ما نحتاج إلى همسة حقيقية نقول فيها لأنفسنا: كفى. لا نريد أن نستمر في دور المتفرج. لا نريد أن يمر التاريخ من أمامنا دون أن نلمس صفحاته.
 
لكن البدء لا يشبه القصيدة. إنه صدمة. امتحان قاس للعزائم. لحظة مواجهة مع الذات، دون مكياج، دون شعارات. لحظة نسأل فيها بصدق: هل لا يزال فينا ما يستحق أن يُبعث من رماد الصمت؟ وهل نمتلك الشجاعة كي نبدأ، قبل أن يكتب البدء باسم غيرنا، ونكتفي مجددًا بالتعليق على الهامش؟