الغد
يبدو أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ماضية في خطتها لـ"الإطباق" على الضفة الغربية المُحتلة مرة واحدة، فما تقوم به هذه الدولة الإرهابية من عمليات تهجير "ناعم" أو "مُمنهج"، لأصحاب الأرض الحقيقيين في الضفة الغربية، إلا دليل واضح لا لُبس فيه، على أن الصهاينة مُستمرون في مُخططاتهم لإفرغ الأرض من سكانها، غير آبهين لمُجتمع دولي أو عربي أو قانون أو مواثيق ومُعاهدات.
قرار دولة الاحتلال الأخير، المُتضمن إقامة 22 مُستعمرة جديدة في الضفة الغربية، وبعده منع الوفد العربي الإسلامي من زيارة رام الله لقاء الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، فضلا عما تقوم به من اقتحامات، الآونة الأخيرة، لمُدن نابلس وطوباس وقلقيلية وطولكرم وبيت لحم والخليل والبيرة، دليل آخر على أن الكيان المسخ يُجهز الأرضية والعالم لاعتماد أو تقبل سيناريو التهجير، خصوصا أن ما يُعرف بمناطق (أ، ب) أصبحت تحصيل حاصل بالنسبة للاحتلال.
ما جاء آنفا، يُعتبر أيضا ردا على الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي قال: إن الاعتراف بدولة فلسطينية ليس "مجرد واجب أخلاقي، بل مطلب سياسي"، وكذلك على المُشاركين في مؤتمر دولي، برئاسة السعودية وفرنسا، يُعقد خلال شهر حزيران الحالي بمقر الأُمم المُتحدة في نيويورك، من المُفترض أن يُمهد لاعتراف مزيد من الدول بدولة فلسطينية.
فالكيان الغاصب ما يزال يُمارس "بلطجته"، تارة عن طريق تهديدات، وتارة ثانية من خلال تنفيذ إجراءات على أرض الواقع، لفرض سيادته على الضفة الغربية.. فعمليات التهجير "المُمنهجة"، حتى وإن كانت تسير ببطئ، ووجود نحو 900 حاجز حديدي مُنتشرة في كُل المُدن الفلسطينية، والتضييق الاقتصادي على السكان لشل الحركة، والذبح والاعتقالات، حتى قوافل الحجاج لم تسلم من بطش الإرهاب.
كُل ذلك يؤكد أن الصهاينة ماضون في مُخططهم بشأن الاستيلاء على الأرض، وجعل إقامة دولة فلسطينية من المُستحيلات، وقبل ذلك "شرعنة" التمدد الاستيطاني، وقد وصل الأمر بوزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، حد الاستهزاء بالمُجتمع الدولي، وعلى رأسه الدول العربية، إذ وصف قرار "إقامة بناء 22 مُستوطنة جديدة بالضفة، بأنها خطوة تاريخية لمسيرة الاستيطان. وهي رسالة واضحة للرئيس ماكرون وحلفائه: هم سيعترفون بدولة فلسطينية على الورق، ونحن سنبني الدولة اليهودية الإسرائيلية هُنا على الأرض".
الغريب بعد كُل تلك الإجراءات والقرارات والتنفيذ على أرض الواقع، ما يزال هُناك ثُلة يتحدثون عن "حل الدولتين"، على الرغم من أن سياسيين ودبلوماسيين يؤكدون أنها "أصبحت من الماضي".
والأكثر غرابة، عدم وجود تحرك عربي جاد يضغط بكُل ما أوتي من قوة على المُجتمع الدولي، وبشكل حقيقي، من أجل ردع الاحتلال، وتقديم الدعم المُناسب، ماديًا ومعنويًا، للفلسطينيين لتثبيتهم على أرضهم، ومن جهة ثانية بعث رسائل جدية بقطع العلاقات مع الكيان الغاصب أو على الأقل تعليقها، لعل وعسى أن تعود دولة الاحتلال عن "غيها".
ففي حال نجح الكيان الغاصب بمُخططه الاستيطاني، فإن الكثير من الدول العربية وسكانها، سيندمون وقت لا ينفع الندم، وقد تحدث أمور لا تُحمد عُقباها، جميع العرب فيها خاسرون.. وما يدعو للخوف والرعب أكثر، أن الأُمة العربية تعيش أضعف حالاتها، ناهيك عن أن هُناك دولا عربية "مُتخاذلة"، ومُجتمعا دوليا جُله "مُتواطئ"، الذي يُتقن فن الاستنكار والإدانات، التي أصلًا يضرب بها الاحتلال عرض الحائط.