الدستور-محمد فتحي المقداد/ سوريا
ما زال زمن الحكايات حاضرًا فاعلًا بما يحمل من ذكريات قديمة. وزمن الحكايات قادم من عوالم الذِّكريات، هو حكايات امرأة أردنيَّة كاتبة من بنات البادية الأردنيَّة، روتها على لسان بطلة مجموعتها القصصيَّة البنت «خزنة»، وهو الاسم الذي اتَّخذته الكاتبة «هدى الأحمد» ليكون رمزًا حقيقيًّا من رموز الواقع.
وبين أيدينا كتاب «أسرار خزنة» وحسب العبارة التي جاءت تحت العنوان الرَّئيس (حكايات امرأة من البادية)، فقد كانت بطاقة تعريفيَّة لهويَّة الكتاب، وانتمائه السرديِّ حكائيًّا النَّابع من صميم البادية، والكاتبة هدى الأحمد هي ابنة بيئتها البدويَّة، وهي بذلك تكون كاتبة البادية، ومن الممكن أن نطلق عليها هذا اللَّقب.
وخيرًا فعلت فقد انطلقت من بيئتها وحاضنتها التي نبتت فيها، لذا جاءت جميع نصوص كتابها من واقع زاخر بالعطاء والثَّبات، لتوثيق بعضًا من العادات والتقاليد لحياة البداوة وفق تراتباتها الأسرية الصَّارمة بتماسكها.
أمَّا «خزنة» فهي الشخصيَّة الرَّئيسة لمخزن الأسرار بما يكفي لأن تحكي سيرة والدها «الدوَّاج»، الرجل البائع للأغراض والحاجيَّات من خلال تنقُّله على حماره، وهو الوسيلة المُتاحة منذ قديم الزَّمان، ويُلاحظ من قراءة النُّصوص التركيز على الكثير من مصطلحات الحياة البدويَّة، والمعاناة القاسية التي تُميِّزها في التِّرحال الدَّائم طلبًا للماء والكلأ.
كتاب «أسرار خزنة» يعتبر وثيقة اجتماعية لتوثيق واقع الحياة البدوية بما تحمل من الكثير من كعاني الكرم والشَّهامة، وعادات ومناسبات الأعراس والأعياد والمعاملات واللباس. هذا تراث لا بدَّ من يكتب عنه كي لا يندثر، وخيرًا فعلت الكاتبة هدى التي لم تنفصل عن واقعها، وتذهب بعيدًا عن بيئتها كما فعل غيرها، فكانت بيئتها مصدر فخرها.