الغد
هآرتس
بقلم: حنين مجادلة
4/12/2025
مؤخرًا نُشر إعلان للجيش الإسرائيلي على الشبكة يطالب الجنود والمدنيين بزيارة المواقع الأثرية والبؤر الاستيطانية، التي بعضها يوجد في المناطق التي تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية.
الجندي الذي يقدم الإعلان يخاطب المشاهد ويسأله: ألم تتقدم لخطبة حبيبتك بعد؟ نحن وجدنا لكما عدة أماكن في "القطاع"، يمكنك أن تأخذ حبيبتك إليها لموعد غرامي، ويمكنك التقدم للزواج إذا كنتما جاهزين لذلك. ما هذه الرومانسية؟ توصيات سياحية احتلالية إلى جانب دعاية سياسية ودينية.
هدف هذه الأفلام هو تعزيز الصلة بين الإسرائيليين وبين أجزاء مختلفة في إسرائيل. الجيش الإسرائيلي يدفع قدمًا بدولة واحدة اسمها إسرائيل، من البحر وحتى النهر. لا توجد حدود 1967 أو خط أخضر، لا توجد مناطق محتلة أو حدود. بل يوجد "فضاء واحد" – إسرائيل.
الجيش الإسرائيلي توقف عن إخفاء ما كان يدفع به قدمًا منذ سنوات: نظام واحد، سيادة واحدة، نظام مدني لليهود ونظام عسكري للفلسطينيين. لكن الحقيقة القاسية هي أن الحملة لا تكشف أي شيء عن الجيش الإسرائيلي. لقد كشف هنا الوسط الليبرالي في إسرائيل مرة تلو الأخرى.
نفس المعسكر الذي يتمتم بـ"دولتين" كشعار فارغ، فقط للعيش بسلام في ظل رفاه الاحتلال. الذين يكررون "حل سياسي" في الصباح، وفي المساء يسلمون أبناءهم لحراسة البؤر الاستيطانية، يعتبرون رومانسية المستوطنات وتحويل الفصل العنصري إلى عامل جذب، ولكن لا شيء يحركهم ولن يحركهم. في الوسط الليبرالي الإسرائيلي ما زالوا يميلون إلى التمسك بمعتقدات متناقضة، لكنها تعطيهم الطمأنينة، أن إسرائيل يهودية وديمقراطية، وأن "إصلاح" الاحتلال هو خيار سياسي وليس أمراً جوهرياً. بالنسبة لهم كان احتلال 1967 انحرافاً مؤقتاً عن المسار، وليس عنصراً مؤسساً للمشروع الصهيوني، لذلك فإنه دائماً يمكن العودة إلى الصواب والتخلي عن الأراضي، والعودة إلى الدولة الصغيرة والطبيعية التي تكافح من أجل البقاء في شرق أوسط معاد.
بعد سنتين من الإبادة الجماعية لم يتصدع هذا التمسك بالخيال، بل على العكس، لقد أصبح آلية للدفاع. حتى الآن، في حين يصرح الجيش نفسه وبصوت عالٍ بما يردده الفلسطينيون منذ عقود، فإنهم ما زالوا يتمسكون بخيالهم الأخلاقي.
أمس، في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، اتخذت الأمم المتحدة قرارين يطالبان بإنهاء احتلال الضفة الغربية وهضبة الجولان. إسرائيل الرسمية رداً على ذلك قالت: الجمعية العمومية مقطوعة عن الواقع. إسرائيل لن تعود إلى حدود 1967 ولن تتنازل عن هضبة الجولان، سواء الآن أو في أي يوم من الأيام. وماذا عن الوسط الليبرالي؟ هو يعتقد أنه عند استبدال بنيامين نتنياهو الأمور ستتغير.
سألت ذات مرة شخصًا: ما هي المرحلة التي ستبدأون فيها في رؤية الواقع كما هو وليس كما تصممون على تخيله؟ تبين أن السيناريو الذي يخيف المعسكر الليبرالي أكثر من غيره ليس الاحتلال، بل الاحتمالية المعاكسة: دولة واحدة متساوية، يعيش فيها الفلسطينيون واليهود الإسرائيليون في ظل نظام ديمقراطي واحد، بدون تفوق عرقي أو امتياز يهودي.
إن فكرة التصحيح والاعتراف التاريخيين والديمقراطية التي لا تخضع للتعريف اليهودي هي التي تجمد الدماء في شرايينهم. الآن حيث أصبح الجيش الإسرائيلي يدفع قدمًا بالفعل نحو الدولة الواحدة، فقط دولة تقوم على الأبارتهايد وليس على المساواة على شاكلة جنوب إفريقيا، فإنه سيكون أسهل على المعسكر الليبرالي قبول الواقع الذي يخشاه بشدة. ربما هذه الخطوة تجبره على النظر في المرآة ورؤية من هو حقًا، وليس من يحب أن يتظاهر بأنه هو في الواقع.