تصريحات تسيء للقدوة.. وغزية ما تزال تحكم العقول!*محمود خطاطبة
الغد
ليس خطأ عابرًا، أو هفوة، أو زلة لسان، تلك التي أدلى بها بعض المسؤولين في الأيام الماضية، خصوصًا أنها صادرة من أعلى القيادات أكان وزيرًا أم أمينًا عامًا، والأصوب أن لا تمر مرور الكرام، فهؤلاء يمثلون القدوة الحسنة للجميع، أكانوا طلبة مدارس أم جامعات أم مواطنين كُل في مكان عمله.
تمامًا كما حدث قُبيل احتلال العراق من قبل الولايات المُتحدة الأميركية، بداية العام 2003، لكن مع اختلاف الايدولوجيات والغنائم والأصول، وقتها صرح الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش الأبن، علنًا بأنها «حملة صليبية».. حينها خرج المُتصهينون والطامعون والطامحون بمناصب على حساب الدم العربي المُسلم، والمُدافعون عن أميركا أكثر من مواطنيها، بأن تلك «زلة لسان»، في صورة فُهمت وكأنهم مُدافعين عن ولي نعمتهم وسيدهم.
يا سلام، «زلة لسان»، وكأن أولئك لم يقرأوا أو يسمعوا عن قول رابع الخُلفاء الراشدين، علي بن أبي طالب، «ما أضمر أحد شيئًا، إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه».. نعم، فالأشخاص الذين «يُخبئون» خُبثًا داخلهم، أو طامعون أو حاسدون، ولو على حساب الإنسانية والأخلاق، تفضحهم تصرفاتهم وأفعالهم أو خططهم أو تصريحاتهم.
وللأسف، ما ينطبق على أولئك الذي خرجوا ليدافعوا عن «زلة لسان!» بوش الأبن، خرج أمثالهم من أبناء الأردنيين ليدافعوا عن مقولة تفوه بها أحد المسؤولين التربويين، وكأنهم أصبحوا مُحامين عن هذا المسؤول، أو كأنهم «شقوا» عن قلبه ليعلموا ما قصده من تصريح، آثار الكثير من الاستياء.
الأكثر غرابة، أن من بين هؤلاء أكاديميون وأقارب، وكأن الأمر عيبً أو حرامً، أو يُعتبر كُفر بواح أو خروج من الملة الإسلامية، عندما يُفكر أحدهم بأن الإشارة إلى شخصية ما ارتكبت خطأ مُعينا، من خلال تصريح أقل ما يُقال عنه بأنه «غير منطقي».. يُدافعون عن صاحب المقولة لمجرد أنه صديق لهم أو قريب، وكأنه ينطبق عليهم قول الشاعر العربي، دريد بن الصمة،: «وما أنا إلا من غزية إن غوت.. غويت وإن ترشد غزية أرشد».
أيعُقل بعد تلك الأعوام على نشأة الدولة الأردنية، أن يبقى تفكير البعض، وما أكثرهم، بمثل هذا الأسلوب، وبهذه الطريقة التي إن دلت تدل على أن الوضع غير مُطمئن، وكأن الأمر عبارة عن «فزعة» في «تجمعات سكانية»!.
مُحرم على أُناس أن يدخلوا وزرات مُعنية، وممنوع على أشخاص أن يتبوأوا مناصب، وفي حال حالفهم الحظ، وتقلدوا منصبًا عاديًا، فإنهم يُصبحون عُرضة لسهام النقد، غير السليم، والذي لا يصل إلى المنطق بشيء.. أما البعض، وأقصد المحظوظين، فإنهم يسرحون ويمرحون، ويصرحون تصريحات يندى لها الجبين، وبالآخر يجدون من يُدافع عنهم، لا بل ويُجمل ما يتلفظون به، وما تخرجه قريحتهم من كلمات، الإنساني السوي يشمئز منها، وهذا أقل الإيمان.
فمثلًا، ليس من المعقول أن يكون رجل داعية، يلبس «طوقا»، أكان من الذهب أم الفضة، وإن كان ذلك يدخل في باب الحُرية الشخصية أو الفردية، سمها ما شئت، فهذا الداعية رجل قدوة، محسوب عليه كُل صغيرة وكبيرة.. وذلك ينطبق تمامًا على المسؤول، الذي يتوجب أن يحسب ألف حساب لهندامه وجلساته، والأهم طريقة حديثه وتصريحاته!.