الراي
يعتقد المجتمع الدولي عموما أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية هو تطبيق "حل الدولتين"، أي إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، حيث اعترفت بها الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلا أن معظم الدول الغربية التزمت الصمت طويلًا حيال هذه القضية وإن اندلاع جولة جديدة من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو بالتحديد نتيجة التهميش طويل الأمد للقضية الفلسطينية .
فقد تسبب القمع والقتل الصهيوني المستمر في كارثة إنسانية غير مسبوقة، إذ وصل أعداد الشهداء بما يقارب 65 ألف شخص في قطاع غزة، نصفهم تقريبًا من النساء والأطفال، كما يعاني مليون شخص من أزمة اللجوء القسري ما دعت دول عديدة إلى إنهاء "الإبادة الجماعية في غزة وتوصل المجتمع الدولي إلى إجماع أقوى على ضرورة تطبيق حل الدولتين، إن احتدام القتال يهدد سلامة الغزيين ويزيد من صعوبة التوصل الى حل سياسي للصراع وأن الأولوية القصوى الآن هي الدفع نحو وقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن فقد يؤدي التصعيد المستمر للهجمات العسكرية إلى إزهاق أرواح عدد لا يُحصى من الأطفال والنساء والعجزة يوميا .
لكن التحيز الأعمى من جانب بعض البلدان جعل هذا الطريق محفوفا بالعقبات ومن منطلق المصالح الجيوسياسية الأنانية، اعتمدت بعض الدول منذ فترة طويلة مواقف متحيزة، وعرقلت تنفيذ "حل الدولتين"، وفاقمت التوترات وقوضت بشكل خطير سلطة سيادة القانون الدولي والآليات المتعددة الأطراف، في المقابل تواجه غزة كارثة إنسانية، بينما تغمض أمريكا التي تعتقد أنها تتحمل مسؤولية الحفاظ على نظام ما بعد الحرب، تتغاضى الآن عن حمام الدم، متخلية تماما عن ادعائها بالالتزام بالمعاهدات والقوانين إذ أن حق النقض (الفيتو) الأمريكي للقضية الإسرائيلية ودعمه العسكري عاملان مهمان في عرقلة حل الدولتين .
إن هذا يتعلق بالحد الأدنى من العدالة الدولية، ولا يمكن التراجع عنه ويجب أن يكون الأمن مشتركا ولا يمكن لأي دولة أن تبني أمنها على انعدام أمن الدول الأخرى، إن الدولة المستقلة حق غير قابل للتصرف للشعب الفلسطيني ولا يمكن التفاوض عليه وكما لإسرائيل دولة صهيونية فإن لفلسطين أيضًا الحق في دولة ولا يمكن تطبيق معايير مزدوجة في هذه القضية وفي مواجهة الظلم التاريخي الطويل الذي عانى منه الشعب الفلسطيني لا عذر لأحد للتأخير أو التقاعس وفي القضايا المتعلقة بمستقبل الشعب الفلسطيني ومصيره، لا ينبغي لأي دولة أن تمتلك حق النقض عليها .
لقد كانت القضية الفلسطينية دائما جوهر قضية الشرق الأوسط ولا سبيل لكسر حلقة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المفرغة وتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط، إلا بتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني والتطبيق الكامل لـحل الدولتين وأن غزة والضفة الغربية أرضان فلسطينيتان غير قابلتين للتصرف وأية ترتيبات للحكم وإعادة الإعمار بعد الحرب يجب أن تحترم إرادة الشعب الفلسطيني، والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وضمان تنفيذ مبدأ حكمهم الذاتي، بما في ذلك غزة والضفة الغربية
في النهاية يُعد تسليح المساعدات الإنسانية وعسكرة توزيعها انتهاكين خطيرين للقانون الدولي يُعرضان للخطر ويؤثران بشكل مباشر على الاستقرار في الشرق الأوسط. وينبغي على المجتمع الدولي، خصوصا الدول ذات النفوذ الكبير على الأطراف المتنازعة، من المهم في هذه المرحلة تكاتف الدول العربيه والاسلامية ومواصلة جهودها وتوحيد الموقف لوقف الحرب على غزة التي تباد والعمل بشكل مشترك على تعزيز التوصل إلى حل مبكر وشامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية .