عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Jul-2025

سموتريتش.. و50 مستوطنة

 الغد

هآرتس
بقلم: شاؤول اريئيلي
 
 
الدلائل على أن الانتخابات قريبة، يضاف إليها الإسهام المتوقع من بتسلئيل سموتريتش، حملة دعائية تعرض إنجازات لتعزيز مشروع الاستيطان في الضفة الغربية. من بينها لافتات الانتخابات في الشبكات الاجتماعية يظهر اعلان "منذ تشكيل الحكومة الحالية اقيمت أو تمت تسوية 50 مستوطنة جديدة في يهودا والسامرة". هذه الاقوال هي تضليل للجمهور ومحاولة لتجاوز نسبة الحسم بمساعدة وهم قومي– مسيحاني. "50 مستوطنة جديدة"، هذا غير صحيح وهو تزوير للحقائق حول زخم الاستيطان. عمليا، 19 مستوطنة من هذه المستوطنات هي بؤر استيطانية قائمة مثل نوفيه نحاميا وافيغيل، 7 مستوطنات هي مزارع للرعي مثل ملاخيه هشالوم وسديه افرايم، 14 منها هي احياء في مستوطنات مثل نوفيه افرات في كفار ادوميم وكيرم ريعيم في تلمون، 10 منها هي بشكل عام "على الورق" مثل اعادة مستوطنة شانور ومعاليه حلحول. أي انه لم تتم اضافة أي عائلة أو بناء أي بيت. الحديث يدور عن عملية بيروقراطية مصطنعة استهدفت التمكين من ضخ المليارات تحت غطاء قانوني جديد – منابر تستهدف استهلاك المزيد من اموال الجمهور، التي يتم اغداقها بسخاء من قبل وزير المالية، الذي عمليا يعمل كوزير للمستوطنات.
 
 
في صالح سموتريتش يجب القول بانه على الاقل في مجال البؤر الاستيطانية فان الحكومة الحالية حطمت أرقاما قياسية. فمنذ بداية تشكيلها تمت إقامة 79 بؤرة استيطانية جديدة، في معظمها مزارع للرعي تم توطينها بعائلات منفردة أو شباب. تأثيرها كبير – طرد التجمعات الفلسطينية، اعمال عنف يومية وحضور معادي – لكن بمفاهيم ديمغرافية فان اسهامها ضئيل. بضع عشرات من العائلات وعددا من المباني أو الكرفانات التي تعادل 2 – 3 مبان تتكون من عدة طوابق في مدينة.
هنا تكمن عبثية الاعلان عن بناء مستوطنات جديدة: حتى المستوطنات القديمة في الضفة الغربية لا تنمو. وحسب معطيات المكتب المركزي للإحصاء فإن السنوات الثلاثة الاخيرة (فترة الحكومة الحالية) هي أسوأ فترة بالنسبة لميزان الهجرة الداخلية للاسرائيليين الى يهودا والسامرة. المدن الأربعة الكبرى، موديعين عيليت، بيتار عيليت، معاليه ادوميم واريئيل، 43 في المائة من السكان الاسرائيليين في يهودا والسامرة (من بين 513 ألف اسرائيلي). ثلث المستوطنين يعيشون في موديعين عيليت وبيتار عيليت التي تعاني من هجرة داخلية سلبية منذ اربع سنوات. موديعين عيليت فقدت 819 نسمة في 2023، بيتار عيليت وصلت الى ذروة المغادرة في 2022 مع 1799 مغادرا. في معاليه أدوميم هذه هي السنة الـ 14 على التوالي التي يكون فيها ميزان الهجرة سلبي، ورقم قياسي سلبي يبلغ 920 نسمة في 2021. حتى انه في 2024 حدث انخفاض على عدد السكان. وفقط في اريئيل سجلت في السنوات الاخيرة هجرة ايجابية قليلة تبلغ بضع عشرات الاشخاص.
الصورة مشابهة ايضا في الـ 14 مجلسا محليا، التي يعيش فيها 22 في المائة من المستوطنين. في 2023 كان ميزان الهجرة فيها سلبي، على رأسها افرات (- 210)، كريات اربع (-122). في 2024 كان هناك منحى مشابه في 11 مجلسا. وفي الربع الاول من العام 2025، 11 مجلسا واصل فقدان السكان، وبيت ايل انضمت الى "ابطال المغادرة".
 عمليا، ثلثا الإسرائيليين في يهودا والسامرة يعيشون في مستوطنات تفقد سكانها. المستوطنات التي كان يتوقع أن تشكل مراكز تشغيل ومراكز ثقافة للمستوطنين، لكن بالفعل 62 في المائة منهم يعملون داخل الخط الأخضر ويتعلمون في الجامعات وفي المدارس الثانوية داخل اسرائيل، ويستمتعون بثقافة الاستجمام في تل ابيب وفي القدس.
 في المجالس المحلية الستة، المسؤولة عن 88 في المائة من المستوطنات و260 بؤرة استيطانية، فقط مجلس واحد هو متيه بنيامين عانى من الهجرة السلبية في الاعوام 2023 – 2024. المجلس الثاني من حيث حجمه، شومرون، الهجرة ايجابية، 88 نسمة تقريبا، ربما لأنه لديها الرقم القياسي في البؤر الاستيطانية غير القانونية. ولكن في هذه المجالس ايضا 45 مستوطنة شهدت في الربع الاول في 2025 هجرة سلبية.
 صحيح ان الاسرائيليين في يهودا والسامرة يواصلون الزيادة بوتيرة 12 ألف نسمة في السنة، لكن مصدر هذا النمو يكمن في التكاثر الطبيعي فقط، وأكثر من النصف هو في المدن الحريدية موديعين عيليت وبيتار عيليت، التي يتوقع ضمها لاسرائيل في أي سيناريو اتفاقي، عدد سكانها تقريبا يشبه اجمالي عدد السكان في المستوطنات وفي البؤر الاستيطانية في المجالس الاقليمية الستة. تضاف الى ذلك حقيقة مؤلمة وهي ان نسبة الفقر (العنقود واحد في المقياس الاقتصادي – الاجتماعي) في اوساط المستوطنين تبلغ 42 في المائة، أي عشرة أضعاف النسبة في دولة اسرائيل.
في العقد الاخير سجل في اسرائيل منحى ارتفاع في ميزان الهجرة، الى أن تم وقفه بحرب "السيوف الحديدية". في المقابل، في يهودا والسامرة سجل منحى انخفاض ثابت: في الهجرة الى الخارج سجل انخفاض 300 – 900، وفي الهجرة الداخلية سجل انهيار، 1900 - 4000. "السيوف الحديدية" فاقمت الوضع في يهودا والسامرة.
بحث جديد لمجموعة تمرور، الذي اجراه البروفيسور جلعاد هيرشبرغر والبروفيسور تسيون هيرش هلبر وموريا ريشف، فحص تأثير الحرب على الشعور بالتهديد الجسدي على الجمهور في اسرائيل. وكانت النتائج هي أنه في حين أن اليسار يقلل من الشعور بالتهديد فإن اليمين يؤكده والفجوة ازدادت بعد 7 اكتوبر. الزيادة الحادة في الشعور بالتهديد كانت بشكل خاص في اوساط سكان يهودا والسامرة، المؤيدين المتحمسين للاستيطان، والذين بالذات الآن يشعرون بأنهم اقل أمنا ولذلك فانهم يقومون بالمغادرة.
 يتبين ان سموتريتش وبن غفير، اللذين يمنعان أي عملية لوقف اطلاق النار، يعملان بالفعل ضد حلمهما. سياستهما تدمر مشروع الاستيطان. فالمستوطنات لا تنمو وسكانها يهربون رغم الاستثمارات الكبيرة، ومكانة اسرائيل تتدمر في العالم.
  الخلاصة هي ان الخمسين مستوطنة التي يتحدث عنها سموتريتش ليست الا دعاية. فالواقع على الأرض يروي قصة مختلفة، قصة الضمور والتخلي، وقصة الحلم القومي – المسيحاني الآخذ في التلاشي.